مقدمة شرح بلوغ المرام


  • الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد

    فهذا الدرس الأول من دروس شرح كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام للحافظ ابن حجر، هذا الكتاب سمّاه مؤلفه رحمه الله: " بلوغ المرام من أدلة الأحكام ".

    ومعنى البلوغ: الوصول، والمَرام: المطلب.

    فمعناه أن الشخص يصل إلى مطلبه من أدلة الأحكام الشرعية، وبيّن المؤلف في مقدمته أنه سيذكر في كتابه هذا أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية، وذكر أنه مختصر.

    يعني : موضوع الكتاب ذِكر أصول الأدلة الشرعية للأحكام الفقهية من الأحاديث النبوية، فهو سيذكر الأصول فقط ولن يذكر جميع أدلة الأحكام الشرعية العملية، بل سيذكر أصولها فقط.

    ومعنى الأصول: الأدلة، وهي هنا التي تدل على ما يكثر وقوعه من الناس في عباداتهم، وأمهات المسائل، فهو مختصر كما ذكر هو نفسه المؤلف، والمختصر: ما قل لفظه وكثر معناه، وعادة أهل العلم يؤلفون المختصرات لتيسيرها للحفظ.

    خلاصة الأمر أن المؤلف سيذكر في هذا الكتاب الأدلة الشرعية من السنة النبوية للأحكام الفقهية التي تكثر الحاجة إليها، وتكون أصلاً في بناء المسائل عليها.

    وقد اعتنى العلماء بذكر الأدلة الشرعية المتعلقة بالأحكام الشرعية من القرآن والسنة، فصنّفوا في ذلك مصنّفات، فجمعوا الآيات القرآنية التي تدل على الأحكام الشرعية في كتب مستقلة، من ذلك: كتاب " أحكام القرآن " لابن العربي وللزجّاج وغيرهما. واعتنوا أيضاً بجمع الأحاديث التي تدل على حكم شرعي عملي، كهذا الكتاب الذي بين أيدينا، ومن أجمعها أيضاً " المحرَّر " لابن عبد الهادي، وكذلك " منتقى الأخبار " للمجد ابن تيمية.

    وأما كتب الحديث التي روت الأحاديث بالأسانيد فأجمع هذه الكتب لأحاديث الأحكام : السنن الكبرى للبيهقي ، وكذلك سنن أبي داود السجستاني ، فهذان الكتابان من مظانّ أحاديث الأحكام ، إذا مر بك حديث في بيان حكم شرعي ترجع إلى هذين الكتابين، فغالباً لن يخرج عنهما.

    ومؤلف الكتاب الذي معنا هو الحافظ ابن حجر العسقلاني، اسمه: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، نسبة إلى " عسقلان ": مدينة في فلسطين، في شمال غزة ، أصله من هناك، وأما مولده ونشأته ففي مصر، ولد سنة 773 هـ وتوفي سنة 852 هـ رحمه الله، وهو من علماء القرن التاسع ، وقد مرت بنا ترجمته عندما شرحنا كتابه :" نزهة النظر" ، الرجل معروف بعلمه خاصة في الحديث، وله مؤلفات كثيرة في هذا الفن وفي غيره، من أشهرها: تهذيب التهذيب وتقريب التهذيب ، وفتح الباري ، وكذلك نزهة النظر، والنكت على مقدمة ابن الصلاح ، والإصابة في تمييز الصحابة ، وغيرها كثير، مصنفاته كثيرة ، كان من أهل الحديث كما ذكرنا وكتبه نفيسة لا يستغني عنها طالب علم الحديث إلا أن في شروحاته بعض الخلل في العقيدة ينبغي على طالب العلم أن يتنبه لذلك فلا يقرأ كتبه كفتح الباري إلا عالم يستطيع أن يميز بين الأمور أو يقرأ ما علّق عليه أهل العلم وبيّنوا الصواب من الخطأ في مؤلفاته التي يذكر فيها المسائل العقائدية كفتح الباري.

    نحن هنا إن شاء الله في شرحنا لهذا الكتاب سنحاول ألا نطيل إطالة مملة وألا نوجز إيجازاً مخلاً ، وشرحنا سنركز فيه على الصنعة الحديثية مع التركيز أيضاً على فهم متون الأحاديث، فالتركيز لن يكون على الرواية فقط بل على الرواية والدراية.

    وسيكون شرحنا إن شاء الله مرتبطاً بالشروح الماضية للكتب السابقة لذلك ذكرنا أن هذا الكتاب لن يناسب المبتدئ ، هناك أساسيات ذكرناها في سلسلة التأصيل العلمي لن نعرّج عليها هنا، سنبني عليها، لذلك الذي فاتته تلك الأساسيات وجاء يتابع معنا ستبقى عنده حلقة مفقودة ولن تحصل عنده الفائدة التامة، ربما يستفيد، مجلس علم فيه بركة وفيه فائدة إن شاء الله ، لكن ليست الفائدة المرجوّة، لذلك أنصح من أراد أن يتابع معنا أن يدرس قبل ذلك، أقل شيء يكون عنده علم بالورقات، عنده علم بمصطلح الحديث على الأقل يكون قد درس البيقونية والباعث أو البيقونية والنزهة مثلاً ، هذا أقل الأحوال ، لكن أيضاً لن تكون الفائدة تامة حتى يكون قد أكمل السلسلة التأصيلية التي كنت قد درّستها لطلبتي، فيحتاج شيئاً من المصطلح ، ويحتاج شيئاً من أصول الفقه، ويحتاج إلى شيء من الفقه أيضاً، مبدئياً ، حتى يستطيع أن يستفيد فائدة تامة من شرحنا على هذا الكتاب، وبإمكان الذي لم يدرس ما سبق أن يستدرك، قبل أن يبدأ معنا يستدرك، هذا الدرس سيكون درساً في الأسبوع وسنمضي فيه إن شاء الله، بإذن الله لن نتوقف ولن نغير هذا الدرس بإذن الله كما فعلنا في السابق وسنمضي إلى أن ييسر الله سبحانه وتعالى ويعيننا ونكمل الكتاب ، وهو درس في الأسبوع فبإمكانه هو الآن في هذه المدة أن يتعجّل قليلاً ويدرس الدروس الماضية كي يلتحق بنا.

    قال المؤلف رحمه الله بعدما حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، لن نعرج على شرح هذه الفقرة، لأن الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هذا كله كنا قد شرحناه في السابق فأمره ظاهر، الآن طالب العلم لو قرأ أي كتاب في شرح هذا الكتاب سيفهم المكتوب سواء كان من شرح الشيخ ابن عثيمين أو غيرها من الشروح.

    قال المؤلف :( هذا مختصر ) يصف كتابه فيقول هو مختصر، أي قليل الألفاظ كثير المعاني ( يشتمل على أصول الأدلة الحديثية ): فما وضعه في هذا الكتاب أدلة حديثية فقط ، ولم يذكر الأدلة القرآنية ، ذكر أصول الأدلة الحديثية فقط ( للأحكام الشرعية ): أي العملية ، ذكر أصول الأدلة الشرعية الحديثية العملية ، فأخرج بذلك الأحكام العقلية والعادية ، بقوله الأحكام الشرعية أخرج الأحكام العقلية والأحكام العادية ( حررته تحريراً بالغاً ) أي خلّصه مما يعقده، خلصه مما يجعله صعباً مشكلاً وبالغ في ذلك يعني : أكثر من هذا الفعل ، تحرير الكتاب أو المسألة ، تحرير الكتاب تخليصه مما يعقّده ، يعني تجويده ، تصويبه ، إصلاحه تسهيله ، ترتيبه ( ليصير من يحفظه بين أقرانه نابغاً ) أي يسَّرَ هذا الكتاب لطالب العلم حتى يصير طالب العلم بين أقرانه وزملائه نابغاً يعني مبرّزاً متميزاً على غيره مقدماً عليهم، لا شك أن حفظ هذا الكتاب يقوّي حجة طالب العلم ، فهو مفيد جداً ، بل لا أنصح طالب علم بتفويت هذا الخير.

    الحفظ - بارك الله فيكم – لا يكون فقط بأن تمسك حديثاً فتقول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر: هو الطهور ماؤه الحل ميتته ... انتهى الأمر، لا، هذه الخطوة الأولى من الحفظ، فعندما تردد هذا الحديث مرتين أو ثلاثة أو أربعة أو عشرة؛ تحفظه، لكن في اليوم التالي تجد نفسك قد نسيت كل شيء، لذلك الحفظ يحتاج إلى كثرة تكرار، تكرر، عشرين، ثلاثين مرة، أربعين، حسب ما ييسر الله لك من وقت، كرر وعلى قدر ما تكرر على قدر ما يرسخ محفوظك، لا تستعجل، قلّل القدر وكثّر التكرار، في اليوم التالي عندما تريد أن تبدأ ابدأ من البداية وكرّر، ثم ابدأ بمحفوظك الجديد، وهكذا في كل يوم ، راجع ، في الصباح راجع مرة وفي المساء راجع مرة ، واليوم الثاني راجع من الأول إلى النهاية ثم ابدأ من جديد، تفرّق الأوقات حتى لا تمل ، هكذا يكون الحفظ .

    ما هي حجتنا نحن؟ دعوتنا بماذا تكون؟ بالكتاب والسنة ، فأنت بحاجة إلى أن تحفظ أدلة الكتاب والسنة، ربما في بداية الطلب لا تشعر بأهمية هذا ، لكن بعد ذلك عندما يفتح الله سبحانه وتعالى عليك، وتدرّس أو تفتي ستعلم أهمية هذا الأمر.

    ومن كان ضعيف الحفظ يكثر من القراءة، قد نفعنا الله بهذه الطريقة كثيراً وقد قرأتها لأحد العلماء جزاه الله خيراً، انتفعنا به كثيراً، ربما كتاب لا تقوى على حفظه أو لا يكون عندك من الوقت ما يسع لحفظه، تكثر من القراءة فيه، لا مرة ولا اثنتين ولا عشرة ولا عشرين، أكثِر، ترسخ في ذهنك المعاني بشكل سليم هذا إذا لم تحفظ، ربما تجد نفسك في النهاية قد حفظت بعض متونه.

    قال المؤلف :( ويستعين به الطالب المبتدي ولا يستغني عنه الراغب المنتهي ) يعني هذا الكتاب نافع للمبتدي ونافع للمنتهي، المنتهي الراغب في معرفة الأدلة الشرعية لا يستغني عنه، والطالب المبتدي يستعين به على معرفة العلم الصحيح، أصول المسائل.

    قال:( وقد بيّنت عَقبَ كل حديث مَن أخرجه من الأئمة) يعني يذكر الحديث أولاً ثم يذكر بعده من أخرجه من الأئمة المعتبرين.

    أخرجه: يعني رواه بإسناده، فهو يذكر من أخرجه من الأئمة المعتبرين، أئمة الحديث الذين يروون الأحاديث بأسانيدهم، فيعزو الحديث لكتب الحديث المشهورة المعتمدة عند أهل الحديث، هذا شرطه.

    قال :( لإرادة نصح الأمة) لماذا يفعل ذلك؟ لماذا يعزو الحديث إلى مرجعه؟ إلى مصدره؟ لنصح الأمة، فالنصيحة واجبة، وعزو الحديث إلى مصدره حتى يُعلَم أن الحديث له أصل، فلولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ، لو جاءك شخص قال لك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا .... كيف تعرف أن هذا الحديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يقله؟ فإذا قال لك مَن أخرج الحديث عرفت.

    هذه الخطوة الأولى، السؤال الأول، تقول له: من أخرج الحديث؟ أين أجد أصله؟ كل حديث وله أصل، لا تكذب علي، [ كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ] ، ربما سمعته أنت من أي أحد قاله وأتيتني به، لا ، هات، مَن أخرجه ؟ كي أعرف هذا الحديث له أصل أم لا أسأل عن تخريجه، يقول أخرجه أحمد في مسنده، الآن أنا خطوت الخطوة الأولى.

    ثم أرجع إلى مسند الإمام أحمد، موجود الحديث؟ نعم موجود، إذاً الحديث له أصل في كتب السنة، إذا لم يكن له أصل في كتب السنة لا أقبله، ليس بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، كذب.

    إذا كان موجوداً في كتب السنة المعتمدة؛ علمنا بذلك أن الحديث له أصل.

    الخطوة الثانية: ليس كل حديث مروي بإسناد في هذه الكتب صحيحاً، لا، يوجد فيها أحاديث مكذوبة، وأحاديث ضعيفة ، الخطوة الثانية نسأله من صححه؟ من أجل أن نعرف هل هو حديث صحيح أم ضعيف.

    ماذا يعني صحيح أو ضعيف ، يعني ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قاله أو ليس بثابت، الحديث الصحيح ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله إما يقيناً أو ظناً، أما الحديث الضعيف فلم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ، يعني لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم يقيناً أو ظناً ، يعني إما غلبة ظن عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقله أو نحن مستيقنون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقله، ربما هكذا ربما هكذا ، بعض أنواع الحديث هكذا وبعضها هكذا، صحة وضعفاً، إذاً معنى حديث ضعيف أي أنه لم يثبت عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ، معنى الحديث الصحيح أنه ثبت عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.

    فخلص عندي خطوتان لا بد منهما للتأكد من حديث النبي صلى الله عليه وسلم هل قاله أم لا، والتحري لدينك أمر مطلوب واجب.

    إذاً لما يذكر لي شخص حديثاً أطالبه أولاً بمعرفة مخرجه، هذا الذي فعله المؤلف الآن ، يذكر لك الحديث ويذكر لك تخريجه، هذا شرطه، يقول لك أخرجه فلان وأخرجه فلان ...، لكن الخطوة الثانية لم يذكر فيها المؤلف شيئاً ، لم يذكر هل يتقيد بذلك أم لا، كثير من الفقهاء في كتب الفقه لا يتقيدون بهذه الخطوة الثانية، المؤلف تقيّد بذلك، يصحّح ويضعّف في كتابه هذا، ربما صراحة يقول: هذا الحديث صحيح أو ضعيف ، وربما يكتفي بالنقل عن عالم من العلماء السابقين، يقول مثلاً : صححه ابن خزيمة ، صححه الترمذي ، صححه البخاري ، ضعفه فلان ...... إلى آخره، يبيّن كل هذا.

    أما هل يُسلَّم له بحكمه أم لا يُسلَّم؟ فهذا هو موضوعنا الذي نحن الآن سندرسه إن شاء الله، ونعلم: هل يُسلَّم له أم لا يسلم مما ذكره من صحةٍ وضعفٍ.

    على كلٍّ: المؤلف قام بما اشترطه على قدر ما استطاع من ذلك وعلى قدر ما آتاه الله من علم وما جعله يتبناه من قواعد لهذا الفن، فربما نحن نوافقه وربما نخالفه، ولكن لا بد من الأدلة، يعني عند الموافقة وعند المخالفة نذكر الدليل، لماذا خالفناه؟ إذا قال هو صحيح ونحن قلنا ضعيف، لماذا؟ لا بد من ذكر الدليل، نحن طلبة علم الآن، ندرس نتعلم، طالب علم الحديث لا يكتفي بقول هذا صحيح وهذا ضعيف، هات الدليل، {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} عندي الدليل مطلوب في كل أمر ديننا، لا يوجد عندي شيء يُستثنى في هذا، هات ، بيّن لي الدليل ، قال المؤلف صحيح ، أنت قلت ضعيف ، طيب هات الدليل لماذا قلت ضعيف ؟ درسنا علم المصطلح ودرسنا العلل وعرفنا الآن كيف يعلَّل الحديث وكيف يصحّح وكيف يضعّف ، إذاً لا بد أن تبين، إذا ضعف هو يبين لي العلة بعد ذلك هل أوافقه على هذا التعليل أم لا ، فنحن نسير بناء على الأدلة وبناء على طريقة السلف في ذلك ، نتحرى هذا الأمر بقدر الاستطاعة، أنا أتحرى هذا الأمر أن أذكر الأدلة وأن أنتهج منهج السلف الصالح رضي الله عنهم في تعليل الأحاديث، في تصحيحها وتضعيفها مع قلة علمنا وضعف هممنا وتقصيرنا ، نسأل الله أن يغفر لنا ذلك إلا أننا نحاول أن ننصح وأن نبين لأن الله أمرنا بذلك ، وعلى قدر ما رزقنا من علم ، نفعل ذلك تبرئة للذمة ونصحاً للأمة وطاعة لربنا تبارك وتعالى؛ لأنه أمرنا بالبيان وبالتعليم وبالبلاغ ، فنفعل ذلك ، ليس لأننا أعلم ممن سبقنا ولا لكثرة علمنا بل نحن من الضعف بمكان، نسأل الله أن يعفو عنا، لكن الله سبحانه وتعالى رزقنا شيئاً وأمرنا بتبليغه فها نحن نبلغ والله المستعان ، نسأل الله أن يعفو عنا.

    قال المؤلف:( فالمراد بالسبعة ) إذاً المؤلف الآن ذكر أنه سيخرج الحديث وفي أثناء تخريجه له اصطلاحات سيستعملها، ولما كانت هذه الاصطلاحات خاصة ليست عامة بيّنها في المقدمة، وقد ذكرنا نحن في المصطلح سابقاً ونذكركم بهذا أن المؤلف إذا بيّن مراده في المقدمة لا مشاحة في الاصطلاح، والمؤلف هنا الآن بين اصطلاحه وماذا يريد من قوله أخرجه السبعة، إذا قال أخرجه السبعة ، من هم السبعة ؟

    قال :( فالمراد بالسبعة: أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه ) إذاً المراد بالسبعة هم أصحاب الكتب الستة، في الكتب الستة، وأحمد في مسنده.

    قال :( وبالستة من عدا أحمد ) يعني مراده بالستة إذا قال: أخرجه الستة؛ أصحاب الكتب الستة، وهم البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

    (وبالخمسة مَن عدا البخاري ومسلم) وإذا قال: أخرجه الخمسة؛ فهم أصحاب الكتب الخمسة، يعني السبعة المتقدمون ما عدا البخاري ومسلماً، يبقى أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، هؤلاء هم الخمسة.

    قال:( وقد أقول: الأربعة وأحمد) يعني بدل أن يقول الخمسة، هما اصطلاحان بنفس المعنى، يعني يقول لك هو الآن: أنا أستعمل اصطلاحين بنفس المعنى، ربما أقول: أخرجه الخمسة، وربما أقول: أخرجه الأربعة وأحمد، وكلا اللفظين بمعنى واحد، الخمسة هم أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، والأربعة: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ويضيف أحمد.

    قال:( وبالأربعة من عدا الثلاثة الأول) الثلاثة الأول أحمد والبخاري ومسلم، فالأربعة: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

    (وبالثلاثة من عداهم والأخير) الأخير ابن ماجه، من عدا الثلاثة الأول: أحمد والبخاري ومسلم، والأخير ابن ماجه، فيبقى: أبو داود والترمذي والنسائي، هؤلاء هم الثلاثة.

    (وبالمتفق عليه البخاري ومسلم) إذا قال هذا حديث متفق عليه يعني أخرجه البخاري ومسلم، هذا اصطلاح عام عند المحدثين، إذا اتحد الصحابي، إذا كان صحابي الحديث واحداً، والمعنى واحداً، وأخرجه البخاري ومسلم؛ يقولون: حديث متفق عليه. وإذا اختلف الصحابي وكان متن الحديث واحداً في المعنى، وأخرجه البخاري ومسلم يقولون أخرجه البخاري ومسلم، أو أخرجه الشيخان، ولا يقولون متفق عليه، هذا اصطلاح مشهور عند أهل الحديث بهذه الطريقة، لكن المؤلف الآن لم يذكر هذا، قال مراده بالمتفق عليه يعني أخرجه البخاري ومسلم، الظاهر أنه لا يفرق اختلف الصحابي أو اتحد، الآن إن شاء الله من خلال عمله يتبين معنا.

    قال :( وقد أذكر معهما غيرهما) يعني ربما يكتفي عند تخريج الحديث بقوله أخرجه البخاري ومسلم، وربما يزيد لفائدة، يقول: أخرجه البخاري ومسلم ابن خزيمة واللفظ له مثلاً، يذكر ابن خزيمة في مثل هذا؛ لأن اللفظ له فزاد ابن خزيمة، مع أن في التخريج إذا قلت أخرجه البخاري أو أخرجه مسلم أو متفق عليه؛ كفى، لا داعي للزيادة؛ لأنهما اشترطا الصحة، فبقولك أخرجه البخاري ومسلم أو متفق عليه قد حققت لي الخطوتين السابقتين، عرفتُ أصل الحديث أين، وعرفت هل هو صحيح أم ضعيف، بقولك أخرجه البخاري أو مسلم أو متفق عليه.

    قال :( وما عدا ذلك فهو مبيَّن) يعني إذا ذكر مخرجين غير من ذكرهم هنا سيبينهم، فسيكون أمرهم واضحاً، فيقول أخرجه البيهقي، أو أخرجه ابن أبي شيبة، أخرجه ابن خزيمة، أخرجه ابن حبان، صار الأمر واضحاً، ليس فيهم اصطلاح خاص له، فلذلك لم يحتج إلى بيانه.

    هذا ما أردنا أن نذكره في مقدمة هذا الشرح، ونبدأ إن شاء الله في الدرس القادم بمادة الكتاب.

    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك ونتوب إليك

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم