• نوع الفتوى: عقيدة
  • عنوان الفتوى: أمة الدعوة وأمة الإجابة
  • رقم الفتوى: 1594
  • تاريخ الإضافة: 27 رجب 1440
  • السؤال
    وردت كلمة (الأمة) في أحاديث، فاستشكل علينا معناها والمراد منها، ففي أحدها: "والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار"، وفي الآخر: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي"؟
  • الاجابة

    الأمة في هذين الحديثين جاءت على معنيين:

    الأول: أمة الدعوة، وهو المراد في قوله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار"، أمة الدعوة؛ التي دعاها النبي صلى الله عليه وسلم إلى دينه، ومنهم اليهود والنصارى، فإذا لم يؤمنوا؛ كانوا من أصحاب النار.

    قال ابن باز رحمه الله: " أمة محمد ﷺ، جميع الثقلين الجن والإنس هم أمته، لكن يقال لهم: أمة الدعوة، كلهم مدعوون كلهم مكلفون مأمورون باتباع النبي ﷺ، مأمورون بتوحيد الله وطاعته، واتباع نبيه ﷺ، وترك ما نهى عنه كلهم مأمورون جنهم وإنسهم، قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف:158]، قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ:28]، وقال النبي ﷺ: "كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة"، عليه الصلاة والسلام". انتهى

    المعنى الثاني: أمة الإجابة، وهو المراد في قوله صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي"؛ فأمة الإجابة؛ الذين دعاهم فأجابوه وآمنوا به واتبعوه.

    قال ابن كثير في تفسيره(4/ 308):  وتستعمل -أي الأمة- في الجماعة، كقوله: {ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون} [القصص:23]، وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل:36] ، وقال تعالى: {ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون} [يونس:47].

     والمراد من الأمة هاهنا: الذين يبعث فيهم الرسول، مؤمنهم وكافرهم، كما جاء في صحيح مسلم: "والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار".
    وأما أمة الاتباع، فهم المصدقون للرسل، كما قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: 110] وفي الصحيح: " فأقول: أمتي أمتي". انتهى

    وقال ابن باز: "الأمة الثانية: أمة الإجابة وهم الذين أجابوه واتبعوه وهم الأمة التي أثنى الله عليها ومدحها، الذين أجابوه واتبعوا شريعته، كما في قوله سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110]، هؤلاء الذين آمنوا به لهم الفضل العظيم.

    أما أولئك الذين لم يؤمنوا فيقال لهم: أمة الدعوة، ولهم النار يوم القيامة لعدم إيمانهم به صلى الله عليه وسلم، إلا من لم تبلغه دعوته ولم يعلم به لكونه في أطراف بعيدة، فهذا يمتحن يوم القيامة ويسمون أهل الفترة، يمتحنون يوم القيامة فمن أجاب ما طلب منه صار إلى الجنة، ومن عصى دخل النار.

    أما الذين سمعوا به وعلموا به ولم يستجيبوا فإنهم يكونوا من أهل النار؛ لقوله ﷺ: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بي إلا كان من أصحاب النار"، رواه مسلم في الصحيح، ولقوله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هود:17]، فهو رسول الله إلى الجميع عليه الصلاة والسلام، فمن اتبعه وسار على منهجه في توحيد الله وطاعته فهو من أمة الإجابة، وله الجنة يوم القيامة، ومن أبى كـاليهود والنصارى والشيوعيين والوثنيين وسائر الملحدين، من أبى عن الدخول في دينه فهو من أهل النار، إلا الذين لم يبلغهم أمره فهؤلاء يمتحنون يوم القيامة، ويقال لهم: أهل الفترة، والله يقول سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم، يأمره أن يبلغ الناس، يقول جل وعلا، يأمر نبيه أن يقول ذلك: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام:19]، ويقول سبحانه: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ} [إبراهيم:52]، فالله جعل القرآن بلاغاً، وهكذا ما أخبر به نبيه بلاغ عليه الصلاة والسلام، فالقرآن والأحاديث كلها بلاغ، فمن اتبع القرآن والسنة ووحد الله واتبع الشريعة فهذا هو المؤمن، وهؤلاء هم أهل الجنة وهم أمة الإجابة إلى يوم القيامة.

     ومن حاد عن السبيل ولم يستجب للدعوة من اليهود أو النصارى أو غيرهم فهو من أهل النار يوم القيامة.

     لكن من كان بعيداً في أطراف الدنيا لم يسمع عن القرآن ولا عن محمد ﷺ فهذا يقال له: من أهل الفترة، يسمى من أهل الفترة، ... عنده علم، فهذا يمتحن يوم القيامة جاءت الأحاديث بأنه يمتحن يوم القيامة ويبعث إليه جزء من النار فإن أجاب دخل الجنة وإن عصى دخل النار". انتهى من الموقع الرسمي للشيخ رحمه الله: (أقسام أمة محمد صلى الله عليه وسلم)

    وأما معنى الأمة في الكتاب والسنة عموماً؛ فقال ابن كثير(4/ 308): و"الأمة" تستعمل في القرآن والسنة في معان متعددة، فيراد بها: الأمد، كقوله في هذه الآية: {إلى أمة معدودة}، وقوله في سورة في يوسف: {وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة} [يوسف:45].

     وتستعمل في الإمام المقتدى به، كقوله: {إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين} [النحل:120].

     وتستعمل في الملة والدين، كقوله إخباراً عن المشركين أنهم قالوا: {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} [الزخرف:23].

     وتستعمل في الجماعة، كقوله: {ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون} [القصص:23] ، وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل:36] ، وقال تعالى: {ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون} [يونس:47] .
    والمراد من الأمة هاهنا: الذين يبعث فيهم الرسول، مؤمنهم وكافرهم، كما جاء في صحيح مسلم: "والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار".

    وأما أمة الأتباع، فهم المصدقون للرسل، كما قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: 110] وفي الصحيح: " فأقول: أمتي أمتي".
    وتستعمل الأمة في الفرقة والطائقة، كقوله تعالى: {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} [الأعراف:159] ، وقال تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون} [آل عمران:113] . انتهى 

     

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم