• نوع الفتوى: عقيدة
  • عنوان الفتوى: متى يجوز قول: شهيد؟
  • رقم الفتوى: 1634
  • تاريخ الإضافة: 2 شعبان 1440
  • السؤال
    هل يجوز أن نطلق كلمة (شهيد) على شخص معين؟
  • الاجابة

    لا يصحُّ منا الجزم لأحدٍ بالشهادة؛ فلا نقول فلان شهيد؛ لأن الشهيد هو الذي يقتل في سبيل الله؛ وما أدرانا من الذي قتل في سبيل الله، ومن الذي قُتل في سبيل غيره؟

    هذه المسألة تتعلق بالنيات والمقاصد، فمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو في سبيل الله.

    ولأن معنى الشهيد أنه من أهل الجنة؛ فما أدرانا أنه من أهل الجنة؟ فالشهادة بالجنة أمر غيبي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وما علَّمه الله نبيه صلى الله عليه وسلم، فإذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن شخصاً في الجنة؛ فهو في الجنة، وإن أخبرنا أنه في النار؛ فهو في النار.

    أما إذا لم يخبرنا عليه الصلاة والسلام؛ فلا يمكننا العلم من جهة أخرى؛ فلذلك نقتصر على ما جاء في الكتاب والسنة.

    وأمر آخر: الشهادة وصف شرعي، لا يطلق إلا على من مات في سبيل الله، ولا يُطلق على الكافر أبداً وصف الشهادة، فالنصراني واليهودي والمجوسي والمشرك؛ كلهم صاروا شهداء اليوم، أي أحد يموت في عمل يحبونه حتى لو كان كفراً؛ يقولون فيه: فلان شهيد.

    هذه الكلمة (شهيد) كلمة شرعية؛ وصف شرعي أعطاه الله سبحانه وتعالى لمن يقاتل في سبيله، وجعل له مكانة عظيمة في الجنة؛ فكيف تصف كافراً وهو ليس على دين الإسلام بالشهادة؟

    ثم إننا لا نزكي بها أحداً، ولا نطلقها على أحدٍ، سواء كان مسلماً أو غير مسلم؛ ولكننا نرجو للمسلم الذي يجاهد في سبيل الله ؛ فنقول: نرجو له الشهادة، أو نحسبه شهيداً والله حسيبه.

    بوب الإمام البخاري في صحيحه (4/ 37): باب لا يقول: فلان شهيد

    وقال: قال أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أعلم بمن يجاهد في سبيله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله».

    وأخرج حديث (2898) سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، التقى هو والمشركون، فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقال: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إنه من أهل النار»، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، قال: فجرح الرجل جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض، وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: «وما ذاك؟» قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جرح جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: «إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة». انتهى

    وسئل ابن عثيمين رحمه الله كما في مجموع الفتاوى والرسائل(3/ 114): هل يجوز إطلاق " شهيد " على شخص بعينه فيقال: الشهيد فلان؟
    فأجاب بقوله: لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد، حتى لو قتل مظلومًا، أو قتل وهو يدافع عن الحق، فإنه لا يجوز أن نقول: فلان شهيد.

     وهذا خلاف لما عليه الناس اليوم حيث رخصوا هذه الشهادة، وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولًا في عصبية جاهلية يسمونه شهيدًا، وهذا حرام؛ لأن قولك عن شخص قتل: هو شهيد، يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة، سوف يقال لك: هل عندك علم أنه قتل شهيدًا؟ ولهذا لما قال النبي، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دمًا، اللون لون الدم، والريح ريح المسك» فتأمل قول النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «والله أعلم بمن يكلم في سبيله» - يكلم: يعني يجرح - فإن بعض الناس قد يكون ظاهره أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولكن الله يعلم ما في قلبه، وأنه خلاف ما يظهر من فعله، ولهذا بوب البخاري رحمه الله على هذه المسألة في صحيحه فقال: " باب لا يقال: فلان شهيد " لأن مدار الشهادة على القلب، ولا يعلم ما في القلب إلا الله - عز وجل - فأمر النية أمر عظيم، وكم من رجلين يقومان بأمر واحد يكون بينهما كما بين السماء والأرض وذلك من أجل النية فقد قال النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» والله أعلم. انتهى والله أعلم

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم