• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: القضاء ممن أكل أو شرب عمدا
  • رقم الفتوى: 1680
  • تاريخ الإضافة: 8 شعبان 1440
  • السؤال
    هل من أكل أو شرب عمداً في رمضان وهو صائم عليه قضاء؟ وهل عليه كفارة ؟
  • الاجابة

    من أكل أو شرب عمداً لغير عذر في نهار رمضان ممن يلزمه الصيام بَطُلَ صومه ووقع في إثم عظيم لا ينفعه معه القضاء، إنما تنفعه التوبة الصادقة فقط، فلا تنفعه كفارة ولا يقبل منه قضاء.

    فلا قضاء ولا كفارة عليه على الصحيح لعظم ذنبه، وبهذا قال بعض الصحابة، وابن تيمية كما في الاختيارات (ص 65)، والألباني كما في تمام المنة (ص 462)، وابن عثيمين كم في الشرح الممتع (6/ 400). والله أعلم 

    فالذي ورد في الكفارة أنها على من أفطر بالجماع، ولم يرد من أفطر بالأكل والشرب أن عليه كفارة كتلك الكفارة.

    أما الذين قالوا بذلك فاعتمدوا في قولهم هذا على القياس، فقاسوا المفطر بالأكل والشرب عمداً على المجامع في نهار رمضان، ولسنا نُسلِّم به، فقد أجاب بعض أهل العلم، بأن هذا قياس في العبادات والقياس في العبادات غير صحيح، هذا مذهب من لم يرَ القياس داخلاً في العبادات أصلاً، وبعض الذين يرون بأن القياس داخل في العبادات قالوا هنا القياس غير صحيح، لأن انتهاك حرمة شهر رمضان بالجماع ليس كانتهاك حرمة شهر رمضان بالأكل والشرب، فالجماع أعظم من الأكل والشرب ، وقد بين الفرق بين الأكل والشرب الإمام الشافعي - رحمه الله - في كتابه «الأم»(2/ 210) وأن الجماع أعظم من الأكل والشرب، فلا يُقاس الأكل والشرب على الجماع في الكفارة، فالكفارة إنما تجب على من جامع في نهار رمضان عامداً انظر الفتوى رقم(1682)، أما من أكل أو شرب عمداً فهذا لا كفارة عليه؛ لكنه أتى ذنباً عظيماً تجب فيه التوبة الصادقة إلى الله سبحانه وتعالى ، والله أعلم .

    قال ابن المنذر: واختلفوا فيما يجب على من أكل أو شرب في نهار شهر رمضان عامداً.

    فقال سعيد بن جبير، والنخعي، وابن سيرين، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي، وأحمد: عليه القضاء وليس عليه الكفارة.

    وقال الزهري، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: عليه ما على المجامع من الكفارة، وروينا ذلك عن عطاء، والحسن.
    وقال سعيد بن المسيب: عليه صوم شهر.
    وقد روينا عن عطاء قولاً رابعاً وهو أن عليه تحرير رقبة، فإن لم يجد فبدنة، أو بقرة، أو عشرين صاعاً من طعام يُطعمه المساكين، فيمن أفطر يوماً من رمضان من غير علّة.
    وفيه قول خامس: وهو أن عليه أن يصوم اثنتي عشر شهراً؛ لأن الله تعالى يقول {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} هذا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن. وهذه حجة، وقد روينا عن النخعي أنه قال: عليه صوم ثلاثة آلاف يوم.
    وروينا عن ابن عباس أن عليه عتق رقبة أو صوم شهر أو إطعام ثلاثين مسكيناً.
    وروينا عن علي بن أبي طالب، وعبد الله، أنهما قالا: لا يقضه أبداً وإن صام الدهر كله.
    قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. انتهى من الإشراف على مذاهب العلماء (3/ 128). 

    وقال البخاري في صحيحه(3/ 32): باب إذا جامع في رمضان، ويُذكر عن أبي هريرة رفعه: «من أفطر يوماً من رمضان من غير عذر ولا مرض، لم يقضه صيام الدهر وإن صامه» وبه قال ابن مسعود، وقال سعيد بن المسيب، والشعبي، وابن جبير، وإبراهيم، وقتادة، وحماد: «يقضي يوماً مكانه».انتهى

    قال ابن حجر في الفتح (4/ 161): والذي يظهر لي أن البخاري أشار بالآثار التي ذكرها إلى أن إيجاب القضاء مختلف فيه بين السلف، وأن الفطر بالجماع لا بد فيه من الكفارة، وأشار بحديث أبي هريرة إلى أنه لا يصح؛ لكونه لم يجزم به عنه، وعلى تقدير صحته فظاهره يقوي قول من ذهب إلى عدم القضاء في الفطر بالأكل، بل يبقى ذلك في ذمته زيادة في عقوبته؛ لأن مشروعية القضاء تقتضي رفع الإثم، لكن لا يلزم من عدم القضاء عدم الكفارة فيما ورد فيه الأمر بها وهو الجماع، والفرق بين الانتهاك بالجماع والأكل ظاهر فلا يصح القياس المذكور. انتهى  

    وقال ابن حزم الظاهري في المحلى (4/ 308): "فمن تعمد ذاكراً لصومه شيئاً مما ذكرنا فقد بطل صومه، ولا يقدر على قضائه إن كان في رمضان أو في نذر معين، إلا في تعمد القيء خاصة فعليه القضاء".

    إلى أن قال: "وقال بمثل قولنا أفاضل السلف: روينا من طريق عبد الله بن المبارك عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن بن البيلماني: أن أبا بكر الصديق قال لعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - فيما أوصاه به: من صام شهر رمضان في غيره لم يقبل منه ولو صام الدهر أجمع.
    ومن طريق سفيان الثوري عن عبد الله بن سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل عن عمر بن الخطاب أنه أتي بشيخ شرب الخمر في رمضان، فقال للمنخرين للمنخرين ولداننا صيام ثم ضربه ثمانين وصيره إلى الشام.

    قال أبو محمد: ولم يذكر قضاء ولا كفارة؟ ومن طريق سفيان عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه: أن علي بن أبي طالب أتي بالنجاشي قد شرب الخمر في رمضان، فضربه ثمانين، ثم ضربه من الغد عشرين، وقال: ضربناك العشرين لجرأتك على الله وإفطارك في رمضان؟ قال علي: ولم يذكر قضاء، ولا كفارة.

    ومن طريق ابن أبي شيبة عن أبي معاوية عن عمر بن يعلى الثقفي عن عرفجة عن علي بن أبي طالب قال: من أفطر يوماً من رمضان متعمداً لم يقضه أبداً طول الدهر.
    وعن ابن مسعود: من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة لم يجزه صيام الدهر وإن صامه.
    وبأصح طريق عن علي بن الحسين عن أبي هريرة أن رجلاً أفطر في رمضان، فقال أبو هريرة: لا يقبل منه صوم سنة.
    ومن طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة: من أفطر يوماً من أيام رمضان لم يقضه يوماً من أيام الدنيا. انتهى. والله أعلم 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم