• نوع الفتوى: حديث
  • عنوان الفتوى: تقبيل الرجل
  • رقم الفتوى: 2139
  • تاريخ الإضافة: 25 رمضان 1440
  • السؤال
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نشر أحد إخواننا السلفيين هذا المنشور: (تعظيم العمّ ومعرفة قدره! عن صهيب مولى العبّاس قال: رأيت عَلِيًا يُقبّلُ يدَ العبّاس ورِجلَه ويقول: يا عم ارض عنّي. قال الذهبي: إسناده حسن). فلما أرسلت له فتوى الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في عدم جواز تقبيل رجل الأم إذا كان فيه انحناء نقل لي أنه سئل العلامة عبدالمحسن عن تقبيل رجل الوالدين فقال له: (لا حرج فيه إن كان يفرحهما ولا يُحرجهما). ثم استدل علي بفعل علي رضي الله عنه أعلاه فقال: (قد كان السلف الصالح يفعلون هذا ولا يجدون فيه غضاضة، هذا فعل أمير المؤمنين علي مع العبّاس رضي الله عنهما، وكذا وفد عبد قيس لما دخلوا المدينة جعلوا يبادرون إلى تقبيل يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجله،وما أنكر عليهم عليه السلام بل أقرّهم، والحديث حسّنه العلّامة الألباني، وفعله اليهوديان مع النبي عليه السلام فما أنكر عليها والبيان لايجوز تأخيره عن وقت الحاجة، وكذا فعله الإمام مسلم مع شيخه البخاري رحمهما الله؛ إذ قبّل رِجله والله أعلى وأعلم). فلما رجعت إلى ضعيف الأدب المفرد وجدت الألباني رحمه الله يضعف الأثر الوارد عن علي رضي الله عنه لجهالة صهيب مولى العباس وكذلك ضعف قصة امرأة من صباح عبدالقيس تحت باب تقبيل الرجل 133 أثر رقم (975/154) والذس يليه، فما صحة الأدلة التي استدل بها الأخ، وهل هي دالة حقيقة على جواز تقبيل الرجل مع وجود الانحناء( لأنه حتى مع صحتها لم يرد أن فيه انحناء) حفاظا على جناب العقيدة، ودفعا للخدش في التوحيد، وما هو الراجح عندكم في هده المسالة جزاكم الله خيرا.
  • الاجابة

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد؛

    فأما حديث علي والعباس؛ فضعيف فيه صهيب مولى العباس مجهول، ذكره ابن حبان في الثقات ولم يرد فيه جرح ولا تعديل، ولم يرو عنه سوى ذكوان. أخرجه البخاري في الأدب المفرد (976)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 372 و373). وضعفه الألباني بصهيب هذا، والذهبي قال في السير(3/ 400): إسناده حسن، وصهيب لا أعرفه. ومع أن الحافظ قال فيه في التقريب: صدوق؛ إلا أنه لم يذكر في التهذيب(4/ 439) شيئاً من التوثيق سوى ذكر ابن حبان له في الثقات، وكذلك فعل في اللسان، قال في اللسان(3363):" صهيب " الهاشمي مولى العباس عن مولاه العباس وعثمان وعلي رضى الله عنهم، وعنه أبو صالح السمان فقط. قلت: وثقه ابن حبان. انتهى قلت: ابن حبان ذكره في الثقات(3457) ولم يذكر فيه شيئاً، فعبارة الحافظ في التهذيب أدق.

    وأما الأحاديث المرفوعة فورد في تقبيل الرِجل حديثان ضعيفان:

    الأول: حديث تقبيل وفد عبد القيس لرِجل النبي صلى الله عليه وسلم.

    والثاني: حديث تقبيل اليهود لرجل النبي صلى الله عليه وسلم.

    أما الأول فأخرجه أبو داود(5225)، وغيره، وهو ضعيف في سنده أم أبان مجهولة، وقد ضعف إسناده الشيخ الألباني تارة، كما في ضعيف الأدب المفرد(975) بجهالة أم أبان، وحسنه دون ذكر الرجلين فيه تارة أخرى كما في صحيح سنن أبي داود(4353)، والظاهر أنه حسنه بشواهده، ولما لم يجد شاهداً للفظة الرجل أو الرجلين كما في نسخة استثناها من التحسين . والله أعلم فأنت ترى أن الألباني لا يحسن الحديث مطلقاً كما نقل. والله أعلم 

    وأما الحديث الثاني فهو حديث صفوان بن عسال قال: قال: يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي فقال صاحبه: لا تقل: نبي، إنه لو سمعك كان له أربعة أعين. فأتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألاه عن تسع آيات بينات. فقال لهم: "لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا محصنة، ولا تولوا الفرار يوم الزحف، وعليكم خاصة اليهود أن لا تعتدوا في السبت" قال: فقبلوا يده ورجله. فقالا: نشهد إنك نبي. قال: "فما يمنعكم أن تتبعوني" قالوا: إن داود دعا ربه أن لا يزال في ذريته نبي، وإنا نخاف إن تبعناك أن تقتلنا اليهود. أخرجه الترمذي (2733) وغيره. وفي سنده عبد الله بن سلمة المرادي لا يحتج به على الصحيح.

    قال النسائي في الكبرى (3/ 449): وهذا حديث منكر. قال أبو عبد الرحمن: حكي عن شعبة قال: سألت عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة فقال: تعرف وتنكر. قال أبو عبد الرحمن: وعبد الله بن سلمة الأفطس متروك الحديث. قال أبو عبد الرحمن: كان هذا الأفطس يطلب الحديث مع يحيى بن سعيد القطان وكان من أسنانه. انتهى .

    قلت: الصحيح أنه المرادي وليس الأفطس؛ ولكنه ضعيف أيضاً.

    وقال ابن كثير في تفسيره (5/ 125): وهو حديث مشكل، وعبد الله بن سلمة في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون، والله أعلم.انتهى

    وقال الألباني في مقدمة تحقيق الرياض (ص14): قلت: كذا قال-أي النووي قال في الحديث: رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحة-، وليس له عنده ولا عند غيره سوى إسناد واحد، وسيأتي الكلام مفصلاً حول قول المصنف هذا بما فيه كفاية في الفائدة الثانية، ثم إن في الإسناد عبد الله بن سلِمة - بكسر اللام - وهو المرادي، وهو مختلف فيه، وهو راوي حديث علي في النهي عن قراءة القرآن جنباً، وقد ضعفه الحفاظ المحققون كما قال المصنف نفسه، ومنهم أحمد والشافعي والبخاري وغيرهم كما ستراه مفصلاً في (ضعيف أبي داود) رقم (30) وقد نقل الزيلعي في (نصب الراية 4 / 258) عن النسائي أنه قال في حديث الترمذي هذا: هذا حديث منكر، وقال: قال المنذري: وكأن إنكاره له من جهة عبد الله بن سلمة فإن فيه مقالاً. انتهى  

    وقال: في نقد الكتاني(ص57):ثم قال (ص: 23): «تقبيل يد الرسول ورجليه»! ثم ساق حديثًا فيه أن يهوديين قبلا يده صلى الله عليه وسلم ورجله! قلت: ومع أن الحديث في ثبوته نظر كما سبق بيانه في موضعه (ص 14) فهل يريد الشيخ من ذلك أن يشرع للناس أن يقبل المريد رجل شيخه أيضًا اعتمادًا منه على فعل اليهوديين؟ ! فإن قيل: لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أقرهما على ذلك؛ فيقال: اثبت العرش ثم انقش، فالحديث لم يثبت كما ذكرنا، ولو ثبت، فليس يجوز قياس المسلم على اليهودي، لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فلئن أقر صلى الله عليه وسلم اليهوديين على تقبيل رجله، فلا يلزم منه إقرار المسلم على مثله؛ لأنه عزيز وذاك ذليل صاغر، فأي قياس أفسد من هذا على وجه الأرض؛ أن يقاس المسلم على الكافر، والعزيز على الذليل؟ ! ولو جاز فلا يجوز لأي شيخ أن يقيس نفسه على الرسول صلى الله عليه وسلم فيجيز لها ما جاز له صلى الله عليه وسلم؛لأنه من باب قياس الحدادين على الملائكة! أو هو على الأقل قياس مع الفارق!. انتهى

    وأما حادثة البخاري ومسلم فهو طلب من مسلم ولم يفعله، ولا يُستدل بأفعال الرجال وأقوالهم، وإنما العبرة بالدليل والمنهج الذي كان عليه أصحاب القرون الثلاثة الأولى من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين. والله أعلم 

    فأنت ترى أنه لا يصح شيء في تقبيل الرجل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح عن الصحابة والتابعين وأتباعهم شيئاً في ذلك فيما نعلم، وترك تقبيل قدمي الوالدين أسلم للدين . والله أعلم

    واختلف أهل العلم في هذا، فأجازه ابن عثيمين والعباد، وقيده الفوزان بعدم الانحناء. والله أعلم 

    وأنا أقول بقول ابن باز رحمهم الله جميعاً، سئل: هل يجوز للإنسان أن يقبل قدمي والديه؟ فقال: لا، المصافحة تكفي، أو تقبيل ما بين عينيه ، رأسه.
    س: والذي يفعل هذا؟
    ج: تركه أولى، تركه أولى(1). والله أعلم 

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    (1) https://binbaz.org.sa/fatwas/24579/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%AC%D9%88%D8%B2-%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%8A%D9%84-%D9%82%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم