• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: أعمال الحج في اليوم التاسع
  • رقم الفتوى: 2779
  • تاريخ الإضافة: 11 مٌحَرم 1441
  • السؤال
    ما هي أعمال الحج في اليوم التاسع من ذي الحجة ؟
  • الاجابة

    اليوم التاسع من ذي الحجة هو: يوم عرفة، وعرفة: جبل معروف.

    بعدما ينتهي الحاجّ من منى وتطلع شمس اليوم التاسع، ينطلق إلى جبل عرفة فيقف عليه، وهذا الركن الأعظم من أركان الحجّ، فلا يصح الحج إلا بالوقوف بعرفة؛ لقول النبي ﷺ: «الحج عرفة»([1]).

    ويستحب الوقوف بها من بعد زوال الشمس إلى ما بعد غروب الشمس، ويسقط هذا الركن بالوقوف بها ولو وقتاً قليلاً من الليل أو النهار من بعد زوال شمس اليوم التاسع من ذي الحجة إلى فجر يوم النحر، العاشر من ذي الحجة.

    فيبدأ وقت الوقوف من بعد زوال الشمس يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر؛ لحديث عروة بن مضرس قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله، إني جئت من جبلي طيئ أكللت راحلتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً، أو نهاراً، فقد أتم حجه، وقضى تفثه»([2]).

    ونقلوا الإجماع على تخصيص النهار بما بعد الزوال إلا الحنابلة.

    وإذا خرج قبل الغروب فعليه دم في قول أهل العلم من السلف، وأما إذا وقف في الليل فقط فلا شيء عليه على الراجح.

    ويَجمع بين صلاة الظهر والعصر كما فعل النبي ﷺ وهذا الجمع سنة مستحب، ويَخطب الإمام كما فعل النبي ﷺ، وبعد أن تغرب الشمس يدفع – أي ينصرف - إلى مزدلفة بسكينة كما ورد من فعله ﷺ.

    قال ابن حزم في مرابت الإجماع (ص42): وأجمعوا أن الطواف الآخر المسمى طواف الإفاضة بالبيت، والوقوف بعرفة فرض. انتهى.

    وقال: وأجمعوا أن وقت الوقوف ليس قبل الظهر في التاسع من ذي الحجة([3])، ولا يوم النحر لمن علم أنه يوم النحر فما بعده.
    وأجمعوا أنه إن وقف بها ليلة النحر بمقدار ما يدرك الصلاة للصبح من ذلك مع الامام فقد وقف. انتهى 

    وقال البغوي في شرح السنة (7/ 150): الوقوف بعرفة من أركان الحج، فمن فاته الوقوف في وقته، فقد فاته الحج، ووقته إذا زالت الشمس من يوم عرفة إلى أن يطلع الفجر من يوم النحر، فمن حصّل من الحاج بعرفة فيما بين ذلك شيئاً وإن قل؛ فقد أدرك الحج، وإلا فقد فاته الحج، وفي أي موضع منها وقف فيها، جاز، والاختيار قرب الإمام. انتهى.

    وقال ابن المنذر في الإشراف (3/ 313): وفي قوله: "وقد أتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه" دليل على أن من وقف بعرفة يوم عرفة، أو ليلة النحر مدركاً لحجه إذ هو واقف، وإن دفع قبل غروب الشمس، بيّن ذلك في ظاهر قوله: "وقد أتى عرفات ليلاً أو نهاراً".

    وقد اختلف في هذا، فقال أكثرهم: إن أفاض منها قبل غروب الشمس عليه دم، كذلك قال عطاء، والثوري، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ومن تبعهم من أهل العلم.
    وقال الحسن البصري: عليه هدي من الإبل.
    وقال ابن جريج: عليه بدنة.
    وقال مالك: عليه حج قابل والهدي ينحره في حج قابل، وهو كمن فاته الحج.
    قال أبو بكر: وبقول عطاء، ومن وافقه أقول، وذلك لقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "وقد أتى عرفات في ذلك ليلاً أو نهاراً فقد قضى تفثه وتم حجه".

    وفي حديث ابن يَعمُر الديلي: أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "الحج عرفة فمن جاء قبل طلوع الفجر من ليلة جمع تم حجه".

    وأجمع أهل العلم على أن الوقوف بعرفة فرض لا حج لمن فاته الوقوف بها. 

    وأجمعوا على أن من وقف بها من ليل أو نهار بعد زوال الشمس من يوم عرفة أنه مدرك للحج، إلا ما ذكرناه عن مالك.

    وقال (3/ 314): واختلفوا فيمن دفع من عرفة قبل غروب الشمس، ورجع إليها قبل طلوع الفجر، فقال مالك، والشافعي: لا شيء عليه.

    وقال أصحاب الرأي: لا يسقط عنه الذي يوجب عليه من الدم، وبه قال أبو ثور. انتهى 

    وقال ابن رشد في بداية المجتهد (2/ 114 -115): وأجمعوا على أن من وقف بعرفة قبل الزوال، وأفاض منه قبل الزوال - أنه لا يعتد بوقوفه ذلك. وأنه إن لم يرجع، فيقف بعد الزوال، أو يقف من ليلته تلك قبل طلوع الفجر - فقد فاته الحج.
    وروي عن عبد الله بن معمر الديلي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الحج عرفات، فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك». وهو حديث انفرد به هذا الرجل من الصحابة، إلا أنه مجمع عليه. 

    وقال: وقال جمهور العلماء: من وقف بعرفة بعد الزوال فحجه تام وإن دفع قبل الغروب، إلا أنهم اختلفوا في وجوب الدم عليه. 

    وقال بعد ذكره لحديث عروة بن مضرس: وأجمعوا على أن المراد بقوله في هذا الحديث "نهاراً" أنه بعد الزوال. انتهى ونقل الإجماع قبله جمع من أهل العلم، منهم ابن حزم وابن عبد البر.

    قال ابن قدامة في المغني (3/ 365): المستحب أن يدفع إلى الموقف من منى إذا طلعت الشمس يوم عرفة، فيقيم، بنمرة، وإن شاء بعرفة، حتى تزول الشمس، ثم يخطب الإمام خطبة، يعلم الناس فيها مناسكهم، من موضع الوقوف ووقته، والدفع من عرفات، ومبيتهم بمزدلفة، وأخذ الحصى لرمي الجمار؛ لما تقدم في حديث جابر، «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، ثم يأمر بالأذان، فينزل فيصلي الظهر والعصر، يجمع بينهما، ويقيم لكل صلاة إقامة». انتهى 

    وقال (3/ 363): والسنة تعجيل الصلاة حين تزول الشمس، وأن يقصر الخطبة، ثم يروح إلى الموقف. انتهى 


    ([1]) أخرجه أحمد (31/ 64)، وأبو داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي (3016)، وابن ماجه (3015).

    ([2]) أخرجه أحمد (142/26)، وأبو داود (1950)، والترمذي (891)، والنسائي (3039)، وابن ماجه (3016).

    ([3]) قال ابن تيمية في نقد مرابت الإجماع: أحد القولين، بل أشهرهما في مذهب أحمد: أنه يجزئ الوقوف قبل الزوال، وإن أفاض قبل الزوال، لكن عليه دم، كما لو أفاض قبل الغروب. انتهى 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم