• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: رمي جمرة العقبة يوم النحر
  • رقم الفتوى: 2782
  • تاريخ الإضافة: 14 مٌحَرم 1441
  • السؤال
    ما حكم رمي جمرة العقبة يوم النحر ؟ وما هو وقت رميها المشروع ؟
  • الاجابة

    رمي جمرة العقبة يوم النحر واجب باتفاق الفقهاء، واختلفوا في ركنيته، والصحيح أنه ليس ركناً، ويجب بتركه دم.

     وأما وقت رميها فأفضل الأوقات من بعد طلوع الشمس يوم النحر إلى زوال الشمس (دخول وقت الظهر)، ويجزئ من بعد منتصف ليلة النحر إلى طلوع فجر اليوم الحادي عشر. هذه خلاصة القول في وقت الأفضلية ووقت الجواز. وأما كيفية رميها فانظره في الفتوى رقم (2783). والله أعلم 

    قال النووي في المجموع (8/ 162): رمي جمرة العقبة واجب بلا خلاف؛ لما ذكره المصنف، وليس هو بركن، فلو تركه حتى فات وقته صح حجه ولزمه الدم.

    وأما وقت الرمي، فقال الشافعي والأصحاب: السنة أن يصلوا منى بعد طلوع الشمس، ويرموا بعد ارتفاعها قدر رمح، فإن قدموا الرمي على هذا جاز بشرط أن يكون بعد نصف ليلة النحر، وبعد الوقوف، ولو أخروه عنه جاز، ويكون أداء إلى آخر نهار يوم النحر بلا خلاف، وهل يمتد إلى طلوع فجر تلك الليلة؟ فيه وجهان مشهوران، وممن حكاهما صاحب التقريب، والشيخ أبو محمد الجويني، وولده إمام الحرمين، وآخرون، أصحهما: لا يمتد، والثاني: يمتد. انتهى

    وأخرج مالك في الموطأ (1/ 409): عن أبي بكر بن نافع، عن أبيه، أن ابنة أخ لصفية بنت أبي عبيد نفست بالمزدلفة؛ فتخلفت هي وصفية حتى أتتا منى، بعد أن غربت الشمس من يوم النحر. فأمرهما عبد الله بن عمر أن «ترميا الجمرة حين أتتا ولم ير عليهما شيئاً».

    وقال: في مذاهب العلماء في رمي جمرة العقبة:
    قد ذكرنا أنه واجب ليس بركن، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وداود. قال العبدري: وقال عبد الملك بن الماجشون من أصحاب مالك: هو ركن.

    دليلنا القياس على رمي أيام التشريق.

    وقال: مذهبنا جواز رمي جمرة العقبة بعد نصف ليلة النحر، والأفضل فعله بعد ارتفاع الشمس، وبه قال عطاء وأحمد، وهو مذهب أسماء بنت أبي بكر وابن أبي مليكة وعكرمة بن خالد.
    وقال مالك وأبو حنيفة وإسحق: لا يجوز إلا بعد طلوع الشمس، واحتج لهم بحديث ابن عباس السابق: أن النبي صلى الله عليه سلم "أمرهم أن لا يرموا إلا بعد طلوع الشمس"(1)، وهو حديث صحيح كما سبق، واحتج أصحابنا بحديث أم سلمة وغيره من الأحاديث الصحيحة السابقة في مسألة تعجيل دفع الضعفة من مزدلفة إلى منى، وأما حديث ابن عباس فمحمول على الأفضل جمعاً بين الأحاديث.
    قال ابن المنذر: أجمعوا على أن من رمى جمرة العقبة يوم النحر بعد طلوع الشمس أجزأه. انتهى

    وقال ابن المنذر في الإجماع (ص58): وأجمعوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى يوم النحر جمرة العقبة بعد طلوع الشمس.
    وأجمعوا على أنه لا يُرمى في يوم النحر غير جمرة العقبة.
    وأجمعوا على أن من رمى جمرة العقبة يوم النحر بعد طلوع الفجر، وقبل طلوع الشمس أنه يجزئ. انتهى

    وقال ابن عبد البر في التمهيد (7/ 267): ووقت رمي جمرة العقبة يوم النحر ضحى بعد طلوع الشمس إلى الغروب، وأجمع علماء المسلمين على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما رماها ضحى ذلك اليوم، وأجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرم من الجمرات يوم النحر غير جمرة العقبة، وأجمعوا على أن من رماها من طلوع الشمس إلى الزوال يوم النحر فقد أصاب سنتها ووقتها المختار، وأجمعوا أن من رماها يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها، وإن لم يكن ذلك مستحسناً له، واختلفوا فيمن أخر رميها حتى غربت الشمس من يوم النحر.

    وقال: واختلفوا فيمن رمى جمرة العقبة في غير وقتها قبل أو بعد. فأما اختلافهم فيمن رماها قبل طلوع الفجر يوم النحر؛ فأكثر العلماء على أن ذلك لا يجزيء وعلى من فعله الإعادة، وهو قول مالك والثوري وأبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور وأحمد بن حنبل وإسحاق، قال مالك في الموطأ: إنه سمع بعض أهل العلم يكره رمي الجمرة حتى يطلع الفجر من يوم النحر. قال: فإن رمى قبل الفجر فقد حل له النحر، قال مالك: ولم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لأحد برمي قبل الفجر، فمن رماها فقد حل له الحلق.

    وقال عطاء بن أبي رباح وابن أبي مليكة وعكرمة بن خالد وجماعة المكيين في الذي يرمي جمرة العقبة قبل طلوع الفجر: إن ذلك يجزيء ولا إعادة على من فعل ذلك، وبه قال الشافعي وأصحابه إذا كان الرمي بعد نصف الليل.

    وقال: وأما اختلافهم في رمي جمرة العقبة بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس؛ فإن أكثر الفقهاء يجيزون ذلك، وممن أجازها مالك والشافعي وأبو حنيفة، ومن قال بقولهم.

    وقال أبو ثور: إن اختلفوا في رميها قبل طلوع الشمس لم تجز من رماها وكان عليه الإعادة، وإن أجمعوا سلمنا للإجماع.

    وحجته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رماها بعد طلوع الشمس ومن رماها قبل طلوع الشمس كان مخالفاً للسنة، ولزمه إعادتها في وقتها؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل لها وقتاً فمن تقدمه لم يجزه، وزعم ابن المنذر أنه لا يعلم خلافاً فيمن رماها قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر أنه يجزيه. قال: ولو علمت في ذلك خلافاً لأوجبت على فاعل ذلك الإعادة، ولم يعرف قول أبي ثور الذي حكيناه. وقد ذكره الطحاوي عن الثوري وذكره ابن خواز منداد أيضاً. انتهى

    وقال ابن عثيمين:  يجب أن نقول لإخواننا المسلمين ما نعلمه من السنة: رمي جمرة العقبة يوم العيد من آخر ليلة العيد إلى طلوع الفجر ليلة الحادي عشر، لكن الأفضل للقادرين أن لا يرموا حتى طلوع الشمس.
    وقال:الذين يقولون إنه يمتد وقت الرمي إلى فجر اليوم التالي، يقولون الرسول - صلى الله عليه وسلم - حدد أوله ولم يحدد آخره، وما جاز في أول الليل جاز في آخر الليل كالوقوف بعرفة، فالوقوف بعرفة ينتهي بغروب الشمس، لكن ليلة العيد تتبع لليوم التاسع، فقالوا: هذا مثله. وأما من قال: يرمى في الليل إلى نصف الليل فقط، فحجتهم في هذا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأله رجل قال: رميت بعدما أمسيت قال: "لا حرج"، قالوا: والمساء يكون من نصف النهار الأخير إلى أَخر نصف الليل الأول كل هذا مساء، والذي أرى أن القول بأنه يمتد إلى الفجر أقرب إلى الصواب.

    وسئل- رحمه الله تعالى-: من فاته رمي جمرة العقبة فمتى يرميها؟
    فأجاب- رحمه الله- بقوله: رمي العقبة إلى فجر يوم الحادي عشر، فإن فاتتك يعني طلع الفجر وأنت ما رميت، فإن من العلماء من يقول: أخرها إلى ما بعد الزوال، ومنهم يقول: ارمها ولو في الضحى، لأنها قضاء وليست بأداء. انتهى من مجموع الفتاوى (23 /286 - 290)

    ــــــــــــــــــــــــــــ

    (1) الحديث ضعيف، جاء عن ابن عباس من أربع طرق، الأولى من طريق الحسن العرني عنه ولم يسمع منه، والثانية من طريق حبيب عن عطاء وهو مدلس وقد عنعنه، والثالثة من طريق فضيل بن سليمان النميري عن موسى بن عقبة عن كريب، وفضيل قال فيه ابن معين: ليس بثقة وضعفه غيره، والرابعة من طريق الحكم بن عتيبة عن مقسم ولم يسمع منه سوى أربعة أحاديث أو خمسة كما قال شعبة وليس هذا منها. فطرقه لا تخلو من انقطاع أو نكارة. والله أعلم 

    روى ابن خزيمة في صحيحه (2883) عن عبد الله بن عمر، كان يقدم ضعفة أهله، فمنهم ممن يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو بكر -أي ابن خزيمة-: قد خرجت طرق أخبار ابن عباس في كتابي الكبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس"، ولست أحفظ في تلك الأخبار إسناداً ثابتاً من جهة النقل، فإن ثبت إسناد واحد منها، فمعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر المذكور ممن قدمهم تلك الليلة عن رمي الجمار قبل طلوع الشمس، لا السامع المذكور؛ لأن خبر ابن عمر يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن لضعفة النساء في رمي الجمار قبل طلوع الشمس، فلا يكون خبر ابن عمر خلاف خبر ابن عباس إن ثبت خبر ابن عباس من جهة النقل على أن رمي الجمار لضعفة النساء بالليل قبل طلوع الفجر أيضاً عندي جائز للخبر الذي أذكره في الباب الذي يلي هذا إن شاء الله» ثم روى عن عبد الله مولى أسماء أن أسماء، نزلت ليلة جمع دار المزدلفة، فقامت تصلي، فقالت: يا بني قم انظر هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلت، ثم قالت: يا بني انظر هل غاب القمر؟ قلت: نعم قالت: ارتحل فارتحلنا فرمينا الجمرة، ثم صلت الغداة في منزلها قال: فقلت لها يا هنتاه لقد رمينا الجمرة بليل قالت: كنا نصنع هذا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

     هذا حديث بندار قال ابن معمر: أخبرني عبد الله مولى أسماء عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها قالت: أي بني هل غاب القمر؟ فقلت: نعم قالت: فارتحلوا، قال: ثم مضينا بها حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت لها يا هنتاه لقد غلسنا؟ قالت: كلا يا بني إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن.

    قال أبو بكر: فهذا الخبر دال على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أذن في الرمي قبل طلوع الشمس للنساء دون الذكور، وعبد الله مولى أسماء هذا قد روى عنه عطاء بن أبي رباح أيضا قد ارتفع عنه اسم الجهالة. انتهى 

    قلت: حديث أسماء في الصحيحين باللفظ الثاني.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم