• نوع الفتوى: عقيدة
  • عنوان الفتوى: لماذا الحلف بصفة من صفات ال�
  • رقم الفتوى: 399
  • تاريخ الإضافة: 18 مٌحَرم 1440
  • السؤال
    لماذا الحلف بصفة من صفات الله جائز ودعاء الصفة لا يجوز ؟ وجزاكم الله خيراً
  • الاجابة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد؛

    أما جواز الحلف بصفات الله تبارك وتعالى فهو ثابت بالنص والإجماع، فلا خلاف بين أهل العلم في جواز الحلف بصفاته سبحانه؛

    أما ثبوته بالنص فقد ورد في عدة أحاديث جواز الحلف بصفات الله تبارك وتعالى؛ منها:

    ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال البخاري رحمه الله: باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته، وساق بعض الآثار في ذلك ثم روى بإسناده عن أنس بن مالك قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال جهنم تقول هل من مزيد ، حتى يضع رب العزة قدمه فتقول: قط قط وعزتك، ويزوى بعضها إلى بعض" ( أخرجه البخاري6661، ومسلم2848).

    ومنها حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن آخر أهل النار دخولاً الجنة : " فَيَقُولُ : يَا رَبِّ، اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها، فَيَقُولُ : هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُ: لا وعزتك"(​​​​ أخرجه البخاري 806 ومسلم182)، وغيرها من الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على جواز الحلف بصفاته سبحانه؛

     قال ابن عبدالبر رحمه الله: " فالذي أجمع عليه العلماء في هذا الباب، هو أنه من حلف بالله أو بإسم من أسماء الله، أو بصفة من صفاته، أو بالقرآن، أو بشيء منه فحنث؛ فعليه كفارة يمين على ما وصف الله في كتابه من حكم الكفارة، وهذا ما لا خلاف فيه عند أهل الفروع، وليسوا في هذا الباب خلاف" "التمهيد 10/243الفاروق".

    ثم إن الحلف بصفات الله تبارك وتعالى كالاستعاذة بها، وحقيقة الأمر أنها استعاذة بالله متوسلاً إليه بهذه الصفات المقتضية للعياذ.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فمعلوم أن من حلف بصفاته كالحلف به، كما لو قال: وعزة الله تعالى، أو لعمر الله، أو والقرآن العظيم، فإنه قد ثبت جواز الحلف بالصفات ونحوها عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، ولأن الحلف بصفاته كالاستعاذة بها - وإن كانت الاستعاذة لا تكون إلا بالله - في مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم" أعوذ بوجهك"، و" أعوذ بكلمات الله التامات"، و" أعوذ برضاك من سخطك" ونحو ذلك، وهذا متقرر عند العلماء". "مجموع الفتاوى 35/273".

    قال الشيخ العثيمين رحمه الله" وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "برحمتك أستغيث" فهذا من باب التوسل؛ يعني أستغيث بك برحمتك، فالباء هنا للاستغاثة والتوسل، فليست داخلة على المدعو حتى نقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا أو استغاث رحمة الله، لكن استغاث بالله لأنه رحيم، وهذا معنى الحديث الذي يتعين أن يكون معنى له". "جامع شروح السفارينية 338 ابن الجوزي".

    وفي قوله صلى الله عليه وسلم"أعوذ بعظمتك"، و " أعوذ بعزتك"،قال رحمه الله: "فحقيقته أنه استعاذ بالله متوسلاً إليه بهذه الصفات المقتضية للعياذ". " مجموع الفتاوى 2/166 الثريا".

    ولأن من حلف بصفات الله لم يدخل ذلك في الحلف بغير الله،

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" والمقصود هنا أن استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم بعفوه ومعافاته من عقوبته - مع أنه لا يستعاذ بمخلوق، كسؤال الله بإجابته وإثابته - وإن كان لا يسأل بمخلوق -، ومن قال من العلماء: لا يسأل إلا به لا ينافي السؤال بصفاته، كما أن الحلف لا يشرع إلا بالله كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت"." البخاري2679 ومسلم1646"، وفي لفظ الترمذي " من حلف بغير الله فقد أشرك" قال الترمذي حديث حسن" الترمذي 1535"؛ ومع هذا فالحلف بعزة الله، ولعَمْر الله ونحو ذلك مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف به لم يدخل في الحلف بغير الله،......"، قال :" لأن مسمى اسم الله يدخل فيه صفاته، بخلاف مسمى الذات،...."، ثم قال :" والله تعالى هو الذات الموصوفة بصفاته اللازمة، فليس اسم الله متناولاً لذات مجردة عن الصفات أصلاً، ولا يمكن وجود ذلك". (انتهى من اقتضاء الصراط المستقيم2/317 عالم الكتب)

    فعلم مما سبق أن الحلف بصفات الله كالاستعاذة بصفاته وكسؤال الله بصفاته؛ وهذا كله من باب التوسل بصفات الله تبارك وتعالى وهو جائز مشروع كما جاءت بذلك الأحاديث؛ هذا ما يتعلق بالحلف والاستعاذة والدعاء بالصفة.

    وأما دعاء الصفة كأن يقال يا عزة الله ارحميني، ويا عزة الله اغفري لي، فهذا باطل غير مشروع، لم يرد بجوازه أثر ولا قول معتبر، بل نقل الإجماع على عدم جوازه وعلى أنه شرك بالله تبارك وتعالى.

    ووجه ذلك أنه جعل الصفة بائنة عن الموصوف مستقلة عنه تُدعا فتغفر وتُسأل فترزق؛ تجلب المنفعة وتدفع المضرة، فهذا كأنه جعلها إلهاً مع الله، والله تبارك وتعالى لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته إلهاً واحداً تبارك وتعالى.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مسألة الله - أي أن تسأل الله- بأسمائه وصفاته وكلماته جائز مشروع كما جاءت به الأحاديث، وأما دعاء صفاته وكلماته فكفر  باتفاق المسلمين، فهل يقول مسلم يا كلام الله اغفر لي وارحمني وأغثني وأعني، أو يا علم الله أو يا قدرة الله أو يا عزة الله أو يا عظمة الله، أو نحو ذلك، أو سُمع من مسلم أو كافر أنه دعا ذلك من صفات الله أو صفات غيره، أو يطلب من الصفة جلب منفعة ودفع مضرة أو إعانة او نصراً أو إغاثة أو غير ذلك". " تلخيص الاستغاثة 1/181".

    وقال الشيخ العثيمين في شرحه صفة النزول : " ثم إن الرحمة لا يمكن أن تقول من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه؛ لأن الرحمة صفة من صفات الله ولو قالت هذا القول لكانت إلهاً مع الله، ولهذا لا يصح لنا أن ندعو صفات الله، حتى أن من دعا صفات الله فهو مشرك، فلو قال يا قدرة الله اغفر لي يا مغفرة الله اغفر لي يا عزة الله اعزيني، لا يجوز بل هو شرك، لأنه جعل الصفة بائنة عن الموصوف، مدعوة دعاء استقلالياً، وهذا لا يجوز". " جامع شروح السفارينية 339 ابن الجوزي"، وهذا هو وجه كون دعاء الصفة غير جائز وأنه يعد شركاً.

    هذا والله تعالى أعلم وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

     

     

     

    ​​​

     

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم