• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الصلاة على النبي أثناء خطبة الجمعة
  • رقم الفتوى: 3262
  • تاريخ الإضافة: 9 ربيع الأول 1441
  • السؤال
    ما حكم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - سراً أثناء خطبة الجمعة؟ نرجو الإجابة على نحو فتاواكم على الموقع، بذكر الخلاف والأدلة والترجيح.
  • الاجابة

    الراجح في هذه المسألة: تشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة والإمام يخطب، تذكرها بصوت خفي تُسمع نفسك فقط، ولا تجهر بها؛ لأن الكلام إنما حرم لأجل الإنصات للخطبة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت يُسمع نفسه، لا تمنعه من الإنصات، ولا تشوش على غيره فتؤثر على إنصاته، وبذلك لا تتعارض الأحاديث.

    وسبب خلاف من أجاز ومن منع؛ التوفيق بين حديثين:

    حديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت "(1).

    وحديث أبي هريرة الآخر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي"(2). وما في معناهما. والله أعلم

    قال ابن عثيمين: أما الدعاء أثناء خطبة الجمعة فلا يجوز لا للوالدين ولا لغيرهم؛ لأنه يشغل عن استماع الخطبة، لكن لو ذكر الخطيب الجنة أو النار، وقلت: أسأل الله من فضله، أو أعوذ بالله من النار من غير أن يشغلك عن سماع الخطبة، أو تشويش على غيرك فلا بأس، ومثل ذلك الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ذكره في الخطبة إذا لم يشغلك عن سماعها فصل عليه. انتهى مجموع الفتاوى (13/ 234)

    وقال ابن باز: ليس الدعاء وليس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من اللغو، ولكن يكون سراً بينك وبين نفسك، لا ترفع صوتك، فإذا سمعت شيئاً ما يوجب الدعاء ودعوت في حال سر بينك وبين نفسك، كالتأمين على الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلا حرج في ذلك، ولكن يكون ذلك بصوت خفي بينك وبين ربك لا يشوش على من حولك، وإن أنصت ولم تقل شيئاً فلا حرج عليك؛ لأنك مأمور بالإنصات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت» . وهو أمر بمعروف ونهي عن منكر ومع هذا سماه لغوا عليه الصلاة والسلام، فعليك أن تنصت للخطبة وتستفيد ويتعظ قلبك، لكن إن دعوت سرا عند وجود سبب الدعاء أو صليت على النبي صلى الله عليه وسلم سراً أو قلت: آمين سراً، فنرجو ألا يكون عليك حرج؛ لأن الصلاة أعظم ويجوز فيها ذلك.

    فالحاصل أنك تقول ما تقول من الدعوات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سراً بينك وبين ربك لا يكون فيه تشويش على أحد، والذين يرفعون أصواتهم في الصيحات قد أخطأوا ولا يجوز هذا الكلام، بل الواجب عليهم الإنصات والاستماع والإصغاء والتأدب حين الخطبة، أما الدعوة التي ترجى إجابتها فإنها تكون سراً بينك وبين نفسك وبين ربك، حين يجلس الإمام بين الخطبتين وفي سجود الصلاة، أما حال الخطبة فتنصت وتقبل على الخطبة بقلبك للاستفادة منها، وإذا أمنت على الدعوة، أو صليت على النبي صلى الله عليه وسلم سراً، فنرجو أن لا يكون هناك حرج عليك في ذلك، ولكن مع العناية بالسرية وعدم التشويش على من حولك، وفق الله الجميع. انتهى مجموع الفتاوى (30/ 242)

    قال ابن رجب في فتح الباري (8/ 277): واختلفوا: في الإمام إذا صلى على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الجمعة: هل يوافقه المأموم؟

    فقالت طائفةٌ: يصلي المأموم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نفسه، وهو قولُ مالكٍ وأبي يوسف وأحمد وإسحاق.

    واستدلوا: بأن الصلاة على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خصوصاً يوم الجمعة متأكدة الاستحباب، ومختلف في وجوبها كلما ذكر، فيشرع الإتيان بها في حال الخطبة عند ذكره؛ لأن سببها موجود، فهو كالتأمين على دعاء الإمام، وأولى.

    وقال بعض الشافعية: إذا قرأ الإمام: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (الأحزاب:56) -الآية، جاز للمأموم أن يصلي على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويرفع بها صوته.

    وقالت طائفةٌ: بل ينصت، وهو قولُ سفيان وأبي حنيفة ومحمد والليث بن سعدٍ ومالك -في روايةٍ - والشافعي.

    وقال الأوزاعي: ينبغي للإمام إذا صلى على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الجمعة أن يسكت حتى يصلي الناس، فإن لم يسكت فأنصت، وأمن على دعائه. انتهى

    وانظر الأوسط لابن المنذر (4/ 89)، ومختصر اختلاف العلماء (1/ 333) للطحاوي.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    (1) أخرجه البخاري (934)، ومسلم (851).

    (2) أخرجه أحمد (7451)، والترمذي (3545)، وأصله عند مسلم (2551).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم