• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: مشروعية صلاة الاستخارة
  • رقم الفتوى: 3498
  • تاريخ الإضافة: 10 ربيع الآخر 1441
  • السؤال
    ما هو دليل مشروعية صلاة الاستخارة ؟ وهل يكون الدعاء بعد الصلاة أم فيها؟
  • الاجابة

    إذا أراد المسلم أن يعمل عملاً مباحاً، أو تعارضت عنده الأعمال أيها يقدم؛ يستحب أن يصلي ركعتين من غير الفريضة حتى لو كانت من نوافل الصلوات كسنة الفجر أو سنة الظهر أو غير ذلك، المهم ليست صلاة واجبة، كما هو ظاهر الحديث، ويقرأ فيهما بما تيسر بعد الفاتحة، فلم يرد شيء في تحديد سور معينة فيهما، ثم بعد السلام منها يدعو بالدعاء الوارد في الحديث الآتي؛ لقوله (ثم يقول) فظاهره أن الدعاء بعد السلام، وبعد ذلك لا تنتظر رؤيا ولا شيء سوى ما ينشرح له صدرك وييسر الله لك أسبابه. 

    وأما الحائض والنفساء ومن لا يستطيع الصلاة لأي سبب وضاق عليه الوقت؛ فله أن يكتفي بالدعاء المذكور فقط من غير صلاة؛ فهذا ما يستطيعه(1). 

     ودليلها: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» عن جابر رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كالسورة من القرآن: " إذا هم بالأمر فليركع ركعتين، ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله - فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به، ويسمي حاجته "([2]).

     والاستخارة، طلب خير الأمرين من الله تبارك وتعالى. تصلي ركعتين من غير الفريضة، وبعد السلام تدعو بالدعاء المذكور في الحديث. والله أعلم. هذه خلاصة الفتوى 

    قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (11/ 184): قال ابن أبي جمرة: "هو عام أريد به الخصوص، فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما، والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما، فانحصر الأمر في المباح، وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه". قلت -ابن حجر-: وتدخل الاستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير، وفيما كان زمنه موسعاً، ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير، فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم. انتهى

    وقال ابن دقيق العيد في شرح الأربعين النووية (ص 19): فإن الاستخارة كما تكون في الأمور المباحة تكون في الأمور المندوبة؛ لترجيح بعضها على بعض. وكيفيتها أن تصلي ركعتين وتدعو بالدعاء المشهور الذي علمه النبيّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ولا تتوقف هذه الاستخارة على نوم، بل تتوجه إلى ما ينشرح له صدرك. انتهى 

    قال النووي في الأذكار (ص 120): "قال العلماء: تستحبّ الاستخارة بالصلاة والدعاء المذكور، وتكون الصلاة ركعتين من النافلة، والظاهر أنها تحصل بركعتين من السنن الرواتب، وبتحية المسجد وغيرها من النوافل".

    وقال: "ثم إن الاستخارة مستحبّة في جميع الأمور كما صرَّح به نصُّ هذا الحديث الصحيح، وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرحُ له صدره". انتهى والله أعلم 

    وقال في المجموع (4/ 54): صلاة الاستخارة سنة، وهى أن من أراد أمراً من الأمور صلى ركعتين بنية صلاة الاستخارة، ثم دعى بما سنذكره إن شاء الله تعالى، واتفق أصحابنا وغيرهم على أنها سنة لحديث جابر رضي الله عنه...". انتهى 

    وقال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين (4/ 161): أما الاستخارة فهي مع الله عز وجل يستخير الإنسان ربه إذا هم بأمر وهو لا يدري عاقبته ولا يدري مستقبله فعليه بالاستخارة، والاستخارة معناها: طلب خير الأمرين، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بأن يصلي الإنسان ركعتين من غير الفريضة في غير وقت النهي، إلا في أمر يخشى فواته قبل خروج وقت النهي، فلا بأس أن يستخير ولو في وقت النهي، أما ما كان فيه الأمر واسعاً فلا يجوز أن يستخير وقت النهي، فلا يستخير بعد صلاة العصر، وكذلك بعد الفجر حتى ترتفع الشمس مقدار رمح، وكذلك عند زوالها حتى تزول لا يستخير إلا في أمر قد يفوت عليه، يصلي ركعتين من غير الفريضة ثم يسلم، وإذا سلم قال: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كان هذا الأمر -ويسميه- خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، يعني إما أن تقول هذا أو هذا، فاقدره لي ويسره لي، وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم ارضني به. وينتهي، ثم بعد ذلك إن انشرح صدره بأحد الأمرين بالإقدام أو الإحجام فهذا المطلوب، يأخذ بما ينشرح به صدره، فإن لم ينشرح صدره لشيء وبقي متردداً، أعاد الاستخارة مرة ثانية وثالثة، ثم بعد ذلك المشورة، إذا لم يتبين له شيء بعد الاستخارة، فإنه يشاور أهل الرأي والصلاح ثم ما أشير عليه به فهو الخير إن شاء الله؛ لأن الله تعالى قد لا يجعل في قلبه بالاستخارة ميلاً إلى شيء معين حتى يستشير، فيجعل الله تعالى ميل قلبه بعد المشورة، وقد اختلف العلماء هل المقدم المشورة أو الاستخارة؟ والصحيح أن المقدم الاستخارة، فقدم أولاً الاستخارة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا هم أحدكم بالأمر فليصل ركعتين.." إلخ ثم إذا كررتها ثلاث مرات ولم يتبين لك الأمر، فاستشر ثم ما أشير عليك به فخذ به. وإنما قلنا: إنه يستخير ثلاث مرات؛ لأن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا دعا دعا ثلاثاً، والاستخارة دعاء، وقد لا يتبين للإنسان خير الأمرين من أول مرة، بل قد يتبين في أول مرة أو في الثانية أو في الثالثة وإذا لم يتبين فليستشر. انتهى 


    ([1]) قال ابن باز رحمه الله كما في فتوى صوتية له: نعم تجوز الاستخارة تستحب، تستحب الاستخارة ولو بدون صلاة، كونه يسأل ربه ويستخير ربه، سواء كانت امرأة أو رجل، سواء كانت حائض أو ما هي بحائض كل ذلك لا بأس به، لكن إذا كان بعد الصلاة يكون أفضل، تكون الاستخارة بصلاة عملاً بالسنة، فيصلي ركعتين ثم يسأل ربه ويستخير ربه سواء رجل أو امرأة، لكن إذا كانت حائضًا أو كان الأمر مستعجلًا واستخار بدون صلاة فلا بأس يسأل ربه والحمد لله، الله يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] والاستخارة دعاء .. توجه إلى الله. نعم.
    ([2]) أخرجه البخاري (6382) عن جابر رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم