• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: إمامة الفاضل بالناس
  • رقم الفتوى: 3517
  • تاريخ الإضافة: 12 ربيع الآخر 1441
  • السؤال
    هل الأولى أن يكون إمام الناس في الصلاة من خيارهم يعني أفضلهم فضلاً ؟
  • الاجابة

    جاء في ذلك أحاديث عن النبي ﷺ منها : «اجعلوا أئمتكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم » جاء من حديث ابن عمر عند الدارقطني، وبمعناه حديث مرثد عند الحاكم، وكلاهما ضعيف([1]) ، بيّن ضعفهما غير واحد من أهل العلم، ومنهم الإمام الألباني في " الضعيفة "(1823).

    وأما حكم المسألة، فالأولى أن يؤمّ الناس أقرؤهم لكتاب الله أي الذي يجيد القراءة ويحفظ أكثر من غيره، إذا كان يعلم أحكام الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» قَالَ الْأَشَجُّ فِي رِوَايَتِهِ: مَكَانَ سِلْمًا سِنًّا. أخرجه مسلم (673). وفي حديث آخر قال: "وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا" أخرجه البخاري (4302). هذه الخلاصة . والله أعلم 

    قال الترمذي في جامعه (235): والعمل عليه عند أهل العلم.
    قالوا: أحق الناس بالإمامة أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم بالسنة. وقالوا: صاحب المنزل أحق بالإمامة. وقال بعضهم: إذا أذن صاحب المنزل لغيره فلا بأس أن يصلي به.
    وكرهه بعضهم، وقالوا: السنة أن يصلي صاحب البيت.
    قال أحمد بن حنبل: وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤم الرجل في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه، فإذا أذن فأرجو أن الإذن في الكل، ولم ير به بأسا إذا أذن له أن يصلي به. انتهى 

    وقال البغوي في شرح السنة (3/ 395):  لم يختلف أهل العلم في أن القراءة والفقه يقدمان على قِدم الهجرة، وتَقدُّم الإسلام، وكبر السن في الإمامة.
    واختلفوا في الفقه مع القراءة، فذهب جماعة إلى أن القراءة مقدمة على الفقه، لظاهر الحديث، فالأقرأ أولى من الأعلم بالسنة، وإن استويا في القراءة، فالأعلم بالسنة، وهو الأفقه أولى، وبه قال سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
    وذهب قوم إلى أن الأفقه أولى إذا كان يحسن من القراءة ما تصح بها الصلاة، وهو قول عطاء بن أبي رباح، وبه قال الأوزاعي، ومالك، وأبو ثور، وإليه مال الشافعي، فقال: إن قدم أفقههم إذا كان يقرأ ما يكتفى به للصلاة فحسن، وإن قدم أقرؤهم إذا علم ما يلزمه فحسن، وإنما قدم هؤلاء الأفقه؛ لأن ما يجب من القراءة في الصلاة محصور، وما يقع فيها من الحوادث غير محصور، وقد يعرض للمصلي في صلاته ما يفسد عليه صلاته، إذا لم يعرف حكمه.
    وإنما قدم النبي صلى الله عليه وسلم القراءة، لأنهم كانوا يسلمون كبارا، فيفقهون قبل أن يقرءوا، فلم يكن فيهم قارئ إلا وهو فقيه، ومن بعدهم يتعلمون القرآن صغارا قبل أن يفقهوا، فكل فقيه فيهم قارئ، وليس كل قارئ فقيها.
    فإن استووا في القراءة والسنة، قال: «فأقدمهم هجرة» فإن الهجرة اليوم منقطعة، غير أن فضيلتها موروثة، فمن كان من أولاد المهاجرين، أو كان في آبائه وأسلافه من له سابقة في الإسلام والهجرة، فهو أولى ممن لا سابقة لأحد من آبائه وأسلافه، فإن استووا، فالأكبر سنا أولى، لأنه إذا تقدم أصحابه في السن، فقد تقدمهم في الإسلام. انتهى 

    وقال ابن عثيمين : قوله: «الأولى بالإمامة الأقرأ، العالم فقه صلاته» هل المراد بالأقرأ الأجود قراءة، وهو الذي تكون قراءته تامة، يخرج الحروف من مخارجها، ويأتي بها على أكمل وجه، أو المراد بالأقرأ الأكثر قراءة؟
    الجواب المراد: الأجود قراءة، أي: الذي يقرؤه قراءة مجودة، وليس المراد التجويد الذي يعرف الآن بما فيه من الغنة والمدات ونحوها، فليس بشرط أن يتغنى بالقرآن، وأن يحسن به صوته، وإن كان الأحسن صوتاً أولى، لكنه ليس بشرط.
    وقوله: «العالم فقه صلاته» أي: الذي يعلم فقه الصلاة، بحيث لو طرأ عليه عارض في صلاته من سهو أو غيره تمكن من تطبيقه على الأحكام الشرعية. فلو وجد أقرأ؛ ولكن لا يعلم فقه الصلاة، فلا يعرف من أحكام الصلاة إلا ما يعرفه عامة الناس من القراءة والركوع والسجود، فهو أولى من العالم فقه صلاته. ودليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله».
    وذهب بعض العلماء إلى خلاف ما يفيده كلام المؤلف، وهو أنه إذا اجتمع أقرأ وقارىء فقيه، قدم القارىء الفقيه، على الأقرأ غير الأفقه.
    وأجابوا عن الحديث: بأن الأقرأ في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة هو الأفقه؛ لأن الصحابة كانوا لا يقرؤون عشر آيات حتى يتعلموها؛ وما فيها من العلم والعمل.
    ومن المعلوم أنه إذا اجتمع شخصان، أحدهما أجود قراءة والثاني قارىء دونه في الإجادة، وأعلم منه بفقه أحكام الصلاة، فلا شك أن الثاني أقوى في الصلاة من الأول، أقوى في أداء العمل؛ لأن ذلك الأقرأ ربما يسرع في الركوع أو في القيام بعد الركوع، وربما يطرأ عليه سهو ولا يدري كيف يتصرف، والعالم فقه صلاته يدرك هذا كله، غاية ما فيه أنه أدنى منه جودة، في القراءة، وهذا القول هو الراجح.
    وهذا في ابتداء الإمامة، أي: لو حضر جماعة، وأرادوا أن يقدموا أحدهم، أما إذا كان للمسجد إمام راتب فهو أولى بكل حال، ما دام لا يوجد فيه مانع يمنع إمامته. انتهى مم الشرح الممتع (4/ 205).


    ([1]) أخرجه الدارقطني (1882)، وهو في «المعجم الكبير» للطبراني (777)، وفي«المستدرك» (4981) وغيرهم عن أبي مرثد الغنوي، بلفظ : « إن سرّكم أن تُقْبَل صلاتكم...».

    قال الدارقطني: «إسناد غير ثابت، وعبد الله بن موسى ضعيف».

    قلت: عبد الله بن موسى أحد رجال الإسناد.

    وعند الدارقطني عن ابن عمر (1881) باللفظ المذكور، وكذلك رواه الدارقطني عن أبي هريرة رضي الله عنه (1312) وضعّفه لضعف أبي الوليد خالد بن إسماعيل. والله أعلم 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم