• نوع الفتوى: عقيدة
  • عنوان الفتوى: كيف أعرف أن الإسلام هو دين الله الحق
  • رقم الفتوى: 3681
  • تاريخ الإضافة: 28 ربيع الآخر 1441
  • السؤال

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيف أعرف أن القرآن كلام الله، وأن محمداً رسول الله، وأن الإسلام هو الدين الحق؟

  • الاجابة

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد؛ فقد وضع الله تبارك وتعالى أدلة واضحة وصريحة لكل منصف يريد الحق، لا تدع الشاك في حيرة، ولا طالب الحق في ضلالة، وأقام بها الحجة على العباد، فما كان الله ليعذب قوم حتى يرسل إليهم الرسل ويبين لهم طريق الحق.

    أما معرفة أن القرآن حق من عند الله فبتأمل آياته الباهرة وأدلته الساطعة، وهذه تنقسم إلى قسمين: قسم في ألفاظه، وقسم في معناه، فمن حيث اللفظ يعرفه العرب وكل من أتقن اللسان العربي يعرف أنه من عند الله؛ لأن العرب أصحاب اللغة والذين تميزوا بالفصاحة والبلاغة لم يستطيعوا الإتيان بمثله على مر العصور مع تحدي الله لهم بأن يأتوا بسورة من مثله.

    وأما من حيث المعنى فهذا كثير في أخباره وأحكامه، فلا تجد فيه خبراً كذباً لا في الأخبار الماضية ولا المستقبلة، وكل ما أخبر عنه تجده حقاً وصدقاً، وفي الأحكام تجد من الحِكم فيها ما تبهر العقول، ولا تجد فيها تناقضاً واختلافاً كأخبار البشر وأحكامهم. ومثل هذا كثير لو تأملته ودرسته.

    فقد بلغ هذا الكتاب "مبلغاً عظيماً في الإتقان والجودة في ألفاظه ومعانيه فهو في غاية الفصاحة والبلاغة، أخباره كلها صدق نافعة، ليس فيها كذب، ولا تناقض، ولا لغو لا خير فيه، وأحكامه كلها عدل، وحكمه ليس فيها جور ولا تعارض ولا حكم سفيه"، ولا تجد هذا في كتاب غيره أبداً.

    باختصار إذا تدبرت القرآن بقصد الوصول إلى الحق، وأنصفت فستجد فيه دليلاً على صدقه، وأنه من عند الله، وأنه لا يمكن لبشر أن يأتي بمثله، وقد جمع الله تبارك وتعالى لك هذا في قوله تبارك وتعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] 

    "وكذلك صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلاماً غير القرآن منظوماً ولا منثوراً، إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال، ومن الروعة والمهابة في أخرى ما يخلص منه إليه، تستبشر به النفوس وتنشرح له الصدور، حتى إذا أخذت حظها منه عادت مرتاعة قد عراها الوجيب والقلق، وتغشاها الخوف والفرق، تقشعر منه الجلود وتنزعج له القلوب، يحول بين النفس وبين مضمراتها وعقائدها الراسخة فيها؛ فكم من عدو للرسول صلى الله عليه وسلم من رجال العرب وفتاكها أقبلوا يريدون اغتياله وقتله فسمعوا آيات من القرآن، فلم يلبثوا حين وقعت في مسامعهم أن يتحولوا عن رأيهم الأول، وأن يركنوا إلى مسالمته، ويدخلوا في دينه، وصارت عداوتهم موالاة، وكفرهم إيماناً"(1).

    وكل ما دل على صدق القرآن وأنه من عند الله، دل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالقرآن أعظم أدلة صدقه صلى الله عليه وسلم، وأعظم دليل على نبوته صلى الله عليه وسلم، وله غيره كثير، تجدها في كتاب شيخنا الوادعي الصحيح المسند من دلائل النبوة.

    وصِدق القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم يدلك على صحة دين الإسلام بكل ما فيه، وبطلان كل الأديان غيره. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال القرطبي في تفسيره (1/ 73): ووجوه إعجاز القرآن عشرة:

    1- منها النظم البديع المخالف لكل نظم معهود في لسان العرب وفي غيرها؛ لأن نظمه ليس من نظم الشعر في شي، وكذلك قال رب العزة الذي تولى نظمه: {وما علمناه الشعر وما ينبغي له}. وفي صحيح مسلم أن أنيساً أخا أبي ذر قال لأبي ذر: لقيت رجلاً بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله، قلت: فما يقول الناس؟ قال يقولون: شاعر، كاهن، ساحر، وكان أنيس أحد الشعراء، قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة، فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر فلم يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر، والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون. وكذلك أقر عتبة بن ربيعة أنه ليس بسحر ولا بشعر لما قرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: حم، فصلت، على ما يأتي بيانه هناك، فإذا اعترف عتبة على موضعه من اللسان وموشعه من الفصاحة والبلاغة، بأنه ما سمع مثل القرآن قط كان في هذا القول مقراً بإعجاز القرآن له ولضربائه من المتحققين بالفصاحة والقدرة على التكلم بجميع أجناس القول وأنواعه.

    2- ومنها: الأسلوب المخالف لجميع أساليب العرب.

    3- ومنها: الجزالة التي لا تصح من مخلوق بحال، وتأمل ذلك في سورة { ق والقرآن المجيد .. } إلى آخرها، وقوله سبحانه: { والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة..} إلى آخر السورة، وكذلك قوله سبحانه: { ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون.. } إلى آخر السورة. قال ابن الحصار: فمن علم أن الله سبحانه وتعالى هو الحق، علم أن مثل هذه الجزالة لا تصح في خطاب غيره، فلا يصح من أعظم ملوك الدنيا أن يقول: {لمن الملك اليوم } ولا أن يقول: {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء }. قال ابن الحصار: وهذه الثلاثة من النظم، والأسلوب، والجزالة، لازمة كل سورة، بل هي لازمة كل آية، وبمجموع هذه الثلاثة يتميز مسموع كل آية وكل سورة عن سائر كلام البشر، وبها وقع التحدي والتعجيز، ومع هذا فكل سورة تنفرد بهذه الثلاثة، من غير أن ينضاف إليها أمر آخر من الوجوه العشر، فهذه سورة" الكوثر" ثلاث آيات قصار، وهي أقصر سورة في القرآن، وقد تضمنت الإخبار عن مغيبين: أحدهما: الإخبار عن الكوثر وعظمه وسعته وكثرة أوانيه، وذلك يدل على أن المصدقين به أكثر من أتباع سائر الرسل. والثاني: الإخبار عن الوليد بن المغيرة، وقد كان عند نزول الآية ذا مال وولد، على ما يقتضيه قوله الحق: {ذرني ومن خلقت وحيداً. وجعلت له مالاً ممدوداً. وبنين شهوداً. ومهدت له تمهيداً } ثم أهلك الله سبحانه ماله وولده، وانقطع نسله.

    4- ومنها التصرف في لسان العرب على وجه لا يستقل به عربي، حتى يقع منهم الاتفاق من جميعهم على إصابته في وضع كل كلمة وحرف موضعه.

    5- ومنها: الإخبار عن الأمور التي تقدمت في أول الدنيا إلى وقت تزوله من أمي ما كان يتلو من قبله من كتاب، ولا يخطه بيمينه، فأخبر بما كان من قصص الأنبياء مع أممها، والقرون الخالية في دهرها، وذكر ما سأله أهل الكتاب عنه، وتحدوه به من قصص أهل الكهف، وشأن موسى والخضر عليهما السلام، وحال ذي القرنين، فجاءهم وهو أمي من أمة أمية، ليس لها بذلك علم بما عرفوا من الكتب السالفة صحته، فتحققوا صدقه. قال القاضي ابن الطيب: ونحن نعلم ضرورة أن هذا مما لا سبيل إليه إلا عن تعلم، وإذا كان معروفاً أنه لم يكن ملابساً لأهل الآثار، وحملة الأخبار، ولا متردداً إلى المتعلم منهم، ولا كان ممن يقرأ فيجوز أن يقع إليه كتاب فيأخذ منه، علم أنه لا يصل إلى علم ذلك إلا بتأييد من جهة الوحي.

    6- ومنها: الوفاء بالوعد، المدرك بالحسن في العيان، في كل ما وعد الله سبحانه، وينقسم: إلى أخباره المطلقة، كوعده بنصر رسوله عليه السلام، وإخراج الذين أخرجوه من وطنه. وإلى مقيد بشرط، كقوله: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} ، {ومن يؤمن بالله يهد قلبه }، { ومن يتق الله يجعل له مخرجا} و{ إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}، وشبه ذلك. 

    7- ومنها: الإخبار عن المغيبات في المستقبل التي لا يطلع عليها إلا بالوحي، فمن ذلك: ما وعد الله نبيه عليه السلام أنه سيظهر دينه على الأديان بقوله تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق} الآية. ففعل ذلك. وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا أغزى جيوشه عرفهم ما وعدهم الله في إظهار دينه، وليثقوا بالنصر، وليستيقنوا بالنجح، وكان عمر يفعل ذلك، فلم يزل الفتح يتوالى شرقاً وغرباً، براً وبحراً، قال الله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم} وقال: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين }. وقال: {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم } وقال: { الم. غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون}.

    فهذه كلها أخبار عن الغيوب التي لا يقف عليها إلا رب العالمين، أو من أوقفه عليها رب العالمين، فدل على أن الله تعالى قد أوقف عليها رسوله لتكون دلالة على صدقه.

    8- ومنها: ما تضمنه القرآن من العلم الذي هو قوام جميع الأنام، في الحلال والحرام، وفي سائر الأحكام.

    9- ومنها الحكم البالغة التي لم تجر العادة بأن تصدر في كثرتها وشرفها من آدمي.

    10- ومنها: التناسب في جميع ما تضمنه ظاهراً وباطناً من غير اختلاف، قال الله تعالى: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً}. انتهى 

    وقال السعدي شيخ الشيخ ابن عثيمين في القواعد الحسان (ص22): القاعدة السابعة: في طريقة القرآن في تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
    هذا الأصل الكبير: قرره الله في كتابه بالطرق المتنوعة التي يعرف بها كمال صدقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبر أنه صدق المرسلين، ودعا إلى ما دعوا إليه، وأن جميع المحاسن التي في الأنبياء في نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما نُزِّهوا عنه من النقائص والعيوب، فرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أولاهم وأحقهم بهذا التنزيه، وأن شريعته مهيمنة على جميع الشرائع، وكتابه مهيمن على كل الكتب. فجميع محاسن الأديان والكتب قد جمعها الله في هذا الكتاب وهذا الدين، وفاق عليها بمحاسن وأوصاف لم توجد في غيره، وقرر نبوته بأنه أمي لا يكتب ولا يقرأ، ولا جالس أحداً من أهل العلم بالكتب السابقة، بل لم يَفْجَأ الناس إلا وقد جاءهم بهذا الكتاب الذي لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما أَتوا ولا قَدِروا، ولا هو في استطاعتهم ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، وأنه محال مع هذا أن يكون من تلقاء نفسه، أو أن يكون قد تقوَّله على ربه، أو أن يكون على الغيب ظنيناً.
    وأعاد القرآن وأبدى في هذا النوع، وقرر ذلك بأنه يخبر بقصص الأنبياء السابقين مطولة على جميع الواقع، الذي لا يستريب فيه أحد، ثم يخبر تعالى: أنه ليس له طريق ولا وصول إلى هذا إلا بما آتاه الله من الوحي، كمثل قوله تعالى لما ذكر قصة موسى مطولة {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ} [القصص: 44] ولما ذكر قصة يوسف وإخوته مطولة قال: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} [يوسف:102]
    فهذه الأمور والإخبارات المفصلة التي يفصلها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما أوحي إليه تفصيلاً، صحح به أكثر الأخبار والحوادث التي كانت في كتب أهل الكتاب محرفة ومشوهة بما أضافوا إليها من خرافات وأساطير، حتى ما يتعلق منها بعيسى وأمه وولادتهما ونشأتهما، وبموسى وولادته ونشأته، كل ذلك وغيره لم يكن يعرفه أهل الكتاب على حقيقته حتى جاء القرآن، فقص ذلك على ما وقع وحصل، مما أدهش أهل الكتاب وغيرهم، وأخرس ألسنتهم حتى لم يقدر أحد منهم ممن كان في وقته، ولا ممن كانوا بعد ذلك، أن يكذبوا بشيء منها، فكان ذلك من أكبر الأدلة على أنه رسول الله حقاً.
    وتارة يقرر نبوته بكمال حكمة الله، وتمام قدرته، وأن تأييده لرسوله ونصره على أعدائه، وتمكينه في الأرض هو مقتضى حكمةِ ورحمةِ العزيز الحكيم، وأن من قدح في رسالته فقد قدح في حكمة الله وفي قدرته. وفي رحمته، بل وفي ربوبيته.
    وكذلك نصره وتأييده الباهر لهذا النبي صلى الله عليه وسلم على الأمم الذين هم أقوى أهل الأرض من آيات رسالته، وأدلة توحيده، كما هو ظاهر للمتأملين.
    وتارة يقرر نبوته ورسالته بما جمع له وكمله به من أوصاف الكمال، وما هو عليه من الأخلاق الجميلة، وأن كل خلق عال سام فلرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منه أعلاه وأكمله.
    فمن عظمت صفاته، وفاقت نعوته جميع الخلق التي أعلاها: الصدق والأمانة، أليس هذا أكبرَ الأدلة على أنه رسول رب العالمين، والمصطفى المختار من الخلق أجمعين؟
    وتارة يقررها بما هو موجود في كتب الأولين، وبشارات الأنبياء والمرسلين السابقين، إما باسمه العلم أو بأوصافه الجليلة، وأوصاف أمته وأوصاف دينه، كما في قوله تعالى
    {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} الصف: 6] .
    وتارة يقرر رسالته بما أخبر به من الغيوب الماضية والغيوب المستقبلة، التي وقعت في زمان مضى على زمانه، أو وقعت في زمانه والتي لا تزال تقع في كل وقت، فلولا الوحي ما وصل إليه شيء من هذا، ولا كان له ولا لغيره طريق إلى العلم به.
    وتارة يقررها بحفظه إياه، وعصمته له من الخلق، مع تكالب الأعداء وضغطهم عليه، وجِدِّهم التام في الإيقاع به بكل ما في وسعهم، والله يعصمه ويمنعه منهم وينصره عليهم، وما ذاك إلا لأنه رسوله حقا، وأمينه على وحيه والمبلغ ما أمر به.
    وتارة يقرر رسالته بذكر عظمة ما جاء به وهو القرآن الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42] ويتحدى أعداءه، ومن كفر به أن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله أو بسورة واحدة، فعجزوا ونكصوا وباءوا بالخيبة والفشل، وهم أهل اللسان المُبَرِّزون في ميدان القول والفصاحة، ومع ذلك ما استطاعوا ـ مع شدة حرصهم
    ومحاولتِهم ـ أن يأتوا بسورة منه وما استطاعوا ولا قدروا ـ مع شدة حرصهم ومحاولتِهم ـ أن يجدوا فيه نقصاً أو عيباً ينزل به عن أعلى درجات الفصاحة التي ملكت أزمة قلوبهم، فلجأوا إلى السيف وإراقة دمائهم، وما كانوا يعمدون إلى هذا لولا أنهم لم يجدوا سبيلاً إلى محاربته بالقول، وما كانوا يزعمونه عندهم علوماً وحكماً، فكان عدولهم إلى السيف وإراقة الدماء أكبر الأدلة على صدق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وأقطع البراهين على أنه الحق والهدى من عند الله الذي جمع الله فيه لرسوله وللمؤمنين به كل ما يكفل لهم سعادة الدنيا والآخرة في كل شئونهم. وأن هذا القرآن لأكبرُ أدلة رسالته وأجلُّها وأعمُّها.
    والله تعالى يقرر أن القرآن كاف جداً أن يكون هو الدليل الوحيد على صدق رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مواضع عدة، منها قوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت:51] .
    وتارة يقرر رسالته بما أظهر على يديه من المعجزات، وما أجرى له من الخوارق والكرامات، الدالِّ كل واحد منها بمفرده ـ فكيف إذا اجتمعت ـ على أنه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
    وتارة يقررها بعظيم شفقته على الخلق، وحُنوِّه الكامل على أمته، وأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم، وأنه لم يوجد ولن يوجد أحد من الخلق أعظم شفقة ولا براً وإحساناً إلى الخلق منه، وآثار ذلك ظاهرة للناظرين.
    فهذه الأمور والطرق قد أكثر الله من ذكرها في كتابه وقررها بعبارات متنوعة، ومعاني مفصلة وأساليب عجيبة، وأمثلتها تفوق العد والإحصاء. والله أعلم. انتهى 

    ــــــــــــــــــــــــــــ

    (1) ما بين علامات التنصيص مقتطع من كلام أهل العلم.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم