• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حسن الظن بالله والتوبة عند الاحتضار
  • رقم الفتوى: 3938
  • تاريخ الإضافة: 25 جُمادي الأول 1441
  • السؤال
    عند حضور الأجل وفوات الأمل ماذا يسع المحتضر في تلك اللحظات ؟
  • الاجابة

    عليه أن يحسن الظن بربه، وذلك لقول النبي ﷺ: «لا يموتَنَّ أحدُكُم إلا وهو يحسن الظن بربه»([1])، وذلك - أي إحسان الظن بالله - بأن يوقن بأن الله تبارك وتعالى لا يظلم أحداً، وأنه إذا تاب ورجع إلى الله تبارك وتعالى أن الله سيقبل توبته، وأن الله غفور رحيم، ولا يقنط من رحمة الله فهي واسعة تسعُه وتَسعُ غيره.

    وعليه أن يتوب إلى الله فإن الله يقبل التوبة مالم يغرغر فإذا وصل العبد إلى درجة الغرغرة لا تُقْبَل منه توبة كما جاء في الأحاديث الصحيحة([2]).

    وعليه أن يتخلص من كل ما عليه من حقوق، من دَين أو وَدِيعَةٍ أو غَصْبٍ أو غيرها من حقوق العباد، يتخلص منها كلها، إما برَدِّها مباشرة إلى أصحابها أو بكتابة وصية بذلك، فإن لكل شخص حقّاً سيطالب به أمام الله تبارك وتعالى فلابد إذن من التخلص من الحقوق لتبرأ ذمته ولا يطالبه أحد بشيء بين يدي الله تبارك وتعالى.

    ويوصي، بأن يقول مثلاً: ((أنا فلان بن فلان أو فلانة بنت فلان، أوصي بأنني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور.
    وأوصي من تركت من أهلي وذريتي وسائر أقاربي بتقوى الله وإصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله، والتواصي بالحق والصبر عليه، وأوصيهم بمثل ما أوصى به إبراهيم عليه السلام بنيه ويعقوب: يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة:132]، ثم يذكر ما يرغب أن يوصي به من ثلث ماله أو أقل من ذلك أو مال معين لا يزيد على الثلث، ويبين مصارفه الشرعية، ويذكر الوكيل على ذلك.
    والوصية ليست واجبة، بل مستحبة إذا أحب أن يوصي بشيء، لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده، لكن إذا كانت عليه ديون أو حقوق ليس عليها وثائق تثبتها لأهلها، وجب عليه أن يوصي بها حتى لا تضيع حقوق الناس، وينبغي أن يشهد على وصيته شاهدين عدلين، وأن يحررها لدى من يوثق بتحريره من أهل العلم حتى يعتمد عليها، ولا ينبغي أن يكتفي بخطه فقط؛ لأنه قد يشتبه خطه على الناس، وقد لا يتيسر من يعرفه من الثقات. والله ولي التوفيق))([3]).

    ويركز في وصيته لأهله على ما يجده بينهم من منكرات موجودة أو يتوقع فعلها بعد موته، سواء في جنازته أو غيرها.

    ويحرص على أن يكون آخر كلامه لا إله إلا الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة »([4]) والله أعلم.


    ([1]) أخرجه مسلم (2877) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

    ([2]) أخرجه أحمد في « مسنده » (6160)، والترمذي (3537)، وابن ماجه (4253) عن ابن عمر رضي الله عنه .

    ([3]) مجموع الفتاوى لابن باز (5/ 378)

    ([4]) انظر الفتوى رقم (3850).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم