• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: التوبة النصوح
  • رقم الفتوى: 3939
  • تاريخ الإضافة: 25 جُمادي الأول 1441
  • السؤال
    ما هي شروط التوبة النصوح المقبولة عند الله ؟
  • الاجابة

    التوبة هيالرجوع عن معصية الله تعالى إلى طاعته.

    والتوبة النصوح لها شروط:

    الشرط الأول: الإخلاص، بأن تكون التوبة ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى.
    و الثاني: الندم، أي أن يندم على فعل ما مضى من معاصٍ وذنوب.
    و الثالث: الإقلاع عن الذنب الذي تاب منه، فلا تنفع توبة وأنت باق على فعل الذنب، فمن كان يشرب الخمر ويقول أستغفر الله وأتوب إليه، فلا يصلح منه ذلك وإنما يجب ترك هذا الذنب، ورد الحقوق لأصحابها إن كانت معصيتك هذه بسرقة أو غصب أو ما شابه، فوجب عليك أن ترد الحقوق لأصحابها لتقبل التوبة.
    والرابع: العزم على عدم العودة إلى هذا الذنب.
    والخامس: أن تكون توبته في زمن قَبول التوبة، فإن لها زمناً تقبل فيه، زمن عام يشترك الناس جميعاً فيه وهي أن تطلع الشمس من مغربها،، كما قالﷺ ([1])، ووقت خاص بكل عاصٍ ومذنب وهو قبل الغَرْغَرَةِ – أي عند خروج الروح - فإذا وصل العبد إلى درجة الغرغرة لا تُقْبَل منه توبة كما جاء في الأحاديث الصحيحة([2]). والله أعلم هذه خلاصة الفتوى 

    قال البغوي في شرح السنة (5/ 81): قال الله سبحانه وتعالى: {توبوا إلى الله توبة نصوحا} [التحريم: 8]، قال مجاهد: " النصوح: أن يتوب من الذنب فلا يعود إليه.
    قيل: توبة نصوح، أي: صادقة.
    يقال: نصحته، أي: صدقته.

    وقال النووي في رياض الصالحين (ص33): قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي، فلها ثلاثة شروط:
    أحدها: أن يقلع عن المعصية.
    والثاني: أن يندم على فعلها.
    والثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبداً.

    فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.

    وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالاً أو نحوه رده إليه، وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها.

    ويجب أن يتوب من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب، وبقي عليه الباقي.

    وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة، وإجماع الأمة؛ على وجوب التوبة:
    قال الله تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور: 31] وقال تعالى: {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} [هود: 3] وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا} [التحريم: 8}
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "والله إني لأستغفر الله، وأتوب إليه، في اليوم، أكثر من سبعين مرة "رواه البخاري.
    وعن الأغر بن يسار المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة" رواه مسلم.
    وعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة "متفق عليه.
    وفي رواية لمسلم: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح"....انتهى 

    وقال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين (6/ 601): والتوبة لابد فيها من شروط خمسة:

    1 - الإخلاص لله عز وجل بألا يحمل الإنسان على التوبة مراعاة أحد من الخلق ولا أن ينال بذلك جاها أو رئاسة بل يخلص النية لله عز وجل خوفا من عقابه ورجاء لثوابه.
    2 - الندم على ما فعل من الذنب بحيث لا يتساوى عنده الذنب وعدمه بل يندم على ما حصل منه ويتحسر في نفسه ويقول ليتني لم أفعل هذا لكنه يخضع لقضاء الله وقدره ويتوب إلى الله عز وجل.
    3 - الإقلاع عن الذنب بترك المعصية إن كان الذنب معصية أو فعل الواجب إن كان الذنب بترك الواجب يمكن تداركه فأما أن يصر على الذنب ويرجو التوبة فهذا خطأ وهذا من الأماني الكاذبة بعض الناس يقول أستغفر الله وأتوب إليه من الغيبة وهو يغتاب الناس يقول أستغفر الله من الربا وهو يأكل الربا يقول أستغفر الله وأتوب إليه من حقوق الناس وهو يأكل حقوق الناس يماطل في الحق الذي عليه مع قدرته على وفائه وغير ذلك من الأمور التي يكذب بها الإنسان على نفسه في أنه تائب وهو لم يتب وإذا كان الذنب حقا لآدمي فلابد أن يوصله إليه أخذ مالا من شخص سرق منه مالا وجاء يسأل يقول إنه تاب نقول رد المال إلى صاحبه أما بدون أن ترده إلى صاحبه فالتوبة لم تتم كذلك توبته من أكل لحم الناس يغتاب شخصا يسبه في المجالس وقال إنه تاب إلى الله نقول له اذهب واطلب منه أن يحلك حتى تنفعك التوبة وإنما قيدنا هذا بما إذا كان قد علم أنك قد اغتبته وإلا فلا حاجة أن تخبره أثن عليه بالخير في المجالس التي كنت تسبه فيها ثم استغفر الله له.
    4 - العزم على ألا يعود يعني لا يتوب إلى الله وهو عازم على أن يعود متى سنحت الفرصة فإن هذه ليست توبة بل يجب أن يعزم على ألا يعود إلى الذنب.
    5 - أن تكون التوبة في وقت القبول وذلك بأن يتوب قبل أن يحضره الموت أو قبل أن تطلع الشمس من مغربها فإن لم يتب إلا إذا حضره الموت فإن التوبة لا تنفع.
    ومن هذا نعرف أن التوبة واجبة على الفور بدون تأخير لأن الإنسان لا يدري متى يفاجأ بالموت فيجب عليه أن يكون مستعدا نسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعليكم وأن يتوفانا على الإيمان. انتهى


    ([1]) أخرجه مسلم (2703) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

    ([2]) أخرجه أحمد في « مسنده » (6160)، والترمذي (3537)، وابن ماجه (4253)عن ابن عمر رضي الله عنه .

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم