• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: نصاب زكاة الثمار والزروع ومقدار الزكاة فيها
  • رقم الفتوى: 4446
  • تاريخ الإضافة: 22 رجب 1441
  • السؤال
    إذا كان عندي تمر أو قمح، كم مقدار النصاب الذي تجب فيه الزكاة؟ وكم أخرج منها؟
  • الاجابة

    الحبوب والثمار نصابها خمسَة أوسُق، فإذا كانت أقل من ذلك فلا زكاة فيها؛ لقول النبي : «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»([1]) ، أي ليس في أقل من خمسة أوسق زكاة.

     والأوسُق: جمع وَسْق، والوسق حِمل البعير، وقدره ستون صاعاً بالاتفاق، (60) صاعاً × (5) أوسق = 300 صاع، وهي تساوي تقريباً (612) كيلو من القمح الجيد، هذا هو نصاب الحبوب والثمار.

    ومقدار الزكاة الواجبة فيها: العُشْر فيما سقي بلا آلة - والعشر: قسيم النصف والربع والثلث وغيرها من تقسيمات الواحد الصحيح -.

    وأما ما سقي بالآلة أو بماء مشترى، ففيه نصف العشر.

    فالواجب في هذا أقل من الواجب فيما سقي بماء الأمطار، أو شرب من الأرض دون عمل؛ لأن في سقي الزرع بالآلة كلفة، فيجب في مثل هذا نصف العشر.

    وهذا لحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر» ([2]) (عثريا) ما يشرب من غير سقي إما بعروقه أو بواسطة المطر والسيول والأنهار (بالنضح) ما سقي بالدولاب أو الناقة أو بالدلاء.

    والحكم للغالب؛ أي إذا كان غالب السقي بلا آلة فالعشر، وإذا كان الغالب بالآلة فنصف العشر، فإن كان السقي تارة بآلة وتارة بدونها، فإن تساوت ففيه ثلاثة أرباع العشر. هذه خلاصة الفتوى. والله أعلم

    قال الترمذي في جامعه (627): والعمل على هذا عند أهل العلم: أن ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، والوسق: ستون صاعاً، وخمسة أوسق: ثلاث مائة صاع، وصاع النبي صلى الله عليه وسلم: خمسة أرطال وثلث، وصاع أهل الكوفة: ثمانية أرطال. انتهى

    وقال ابن المنذر في الإشراف (3/ 27): ولا نعلم أحداً خالف هذا القول غير النعمان، فإنه أحدث قولاً خلاف السنة، وما عليه أصحابه، وأهل العلم من علماء الأمصار، زعم: أن الزكاة في كل ما أخرجته الأرض من قليل ذلك وكثيره إلا الطرفاء، والغصب الفارسي، والحشيش، والشجر الذي ليس له ثمر مثل السمر وما أشبهه. انتهى

    وأخرج الترمذي حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيما سقت السماء والعيون العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر.
    ورجح إرساله، وقال: وقد صح حديث ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، وعليه العمل عند عامة الفقهاء. انتهى

    وقال ابن عثيمين: ومقدار الزكاة في الحبوب والثمار: العشر، أي عشرة في المئة إذا كانت تسقى بلا مؤنة، كالذي يشرب بعروقه لكون الأرض رطبة، أو الذي يشرب من الأنهار، أو ما يشرب من القنوات التي تضرب في الأرض، ثم ينبع منها الماء فهذا كله يجب فيه العشر؛ لأنه لا مؤنة في استخراج الماء الذي يسقى به، وأما إذا كان يسقى بمؤنة كالذي يسقى بالسواني، أو بالمكائن، أو بالغرافات وما أشبهها فإن الواجب فيه نصف العشر، فأسقط الشارع عنه نصف العشر مراعاة لحاله، ونصف العشر خمسة في المئة، فإذا قدرنا أن هذه المزرعة أنتجت خمسة آلاف صاع، كان الواجب فيها إذا كانت تسقى بلا مؤنة خمسمائة صاع، وإذا كان الزرع يسقى بمؤنة كان الواجب مئتين وخمسين صاعاً. وعلى هذا فقس.
    ولكن لا تجب الزكاة في الحبوب والثمار حتى تبلغ نصاباً، والنصاب خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً بصاع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيكون مجموع الآصع ثلاثمئة صاع بصاع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما دون ذلك فلا زكاة فيه، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة». انتهى مجموع الفتاوى (18/ 250)

    وقال: والوسق الواحد ستون صاعاً بصاع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومقدار صاع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلم: كيلوان اثنان وأربعون غراماً، فيكون النصاب ستمائة واثني عشر كيلو (612)، والمعتبر في هذا الوزن بالبر (القمح) الجيد؛ فتزن من البر الجيد ما يبلغ كيلوين اثنين وأربعين غراماً، ثم تضعه في مكيال يكون بقدره من غير زيادة ولا نقص، فهذا هو الصاع النبوي، تقيس به كيلاً ما سوى البر.
    ومن المعلوم أن الأشياء المكيلة تختلف في الوزن خفة وثقلاً، فإذا كانت ثقيلة فلابد من زيادة الوزن حسب الثقل. انتهى (18/ 58)

    وقال: قوله: «يجب عشر فيما سقي بلا مؤونة» هذا الفصل بين فيه المؤلف مقدار ما يجب إذا بلغ النصاب.
    فالواجب: العشر، أو نصف العشر، أو ثلاثة أرباعه، حسب المؤونة.
    فإن سقي بلا مؤونة فالواجب العشر؛ لأن نفقته أقل.
    والذي يسقى بلا مؤونة يشمل ثلاثة أشياء:
    أولا: ما يشرب بعروقه، أي: لا يحتاج إلى ماء.
    الثاني: ما يكون من الأنهار والعيون.
    الثالث: ما يكون من الأمطار.
    فإذا قال قائل: إذا كان من الأنهار، وشققت الساقية، أو الخليج ليسقي الأرض، هل يكون سقي بمؤونة أو بغير مؤونة؟
    فالجواب: أنه سقي بغير مؤونة، ونظير ذلك إذا حفرت بئرا وخرج الماء نبعا، فإنه بلا مؤونة؛ لأن إيصال الماء إلى المكان ليس مؤونة، فالمؤونة تكون في نفس السقي.
    أي: يحتاج إلى إخراجه عند السقي بمكائن أو بسوان، أما مجرد إيصاله إلى المكان، وليس فيه إلا مؤونة الحفر أو مؤونة شق الخليج من النهر، أو ما أشبه ذلك فهذا يعتبر بلا مؤونة.

    (ونصفه معها، وثلاثة أرباعه بهما، فإن تفاوتا فبأكثرهما نفعا، ومع الجهل العشر)
    قوله: «ونصفه معها» أي: مع المؤونة.
    ودليل ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: «وفيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر» أخرجه البخاري.
    والعثري: هو الذي يشرب بعروقه.
    والحكمة من ذلك: كثرة الإنفاق في الذي يسقى بمؤونة، وقلة الإنفاق في الذي يسقى بلا مؤونة، فراعى الشارع هذه المؤونة، والنفقة، وخفف على ما يسقى بمؤونة.
    قوله: «وثلاثة أرباعه بهما» أي: ما يشرب بمؤونة، وبغير مؤونة نصفين، يجب فيه ثلاثة أرباع العشر.
    مثال ذلك: هذا النخل يسقى نصف العام بمؤونة، ونصف العام بغير مؤونة: أي في الصيف يسقى بمؤونة، وفي الشتاء يشرب من الأمطار، ففيه ثلاثة أرباع العشر.
    قوله: «فإن تفاوتا» بمعنى أننا لم نتمكن من الضبط، هل هو النصف، أو أقل، أو أكثر.
    قوله: «فبأكثرهما نفعا» أي: الذي يكثر نفع النخل، أو الشجر، أو الزرع به فهو المعتبر، فإذا كان نموه بمؤونة أكثر منه فيما إذا شرب بلا مؤونة فالمعتبر نصف العشر؛ لأن سقيه بالمؤونة أكثر نفعا فاعتبر به.فصارت الأحوال أربعا هي:
    1 ـ ما سقي بمؤونة خالصة.
    2 ـ وبلا مؤونة خالصة.
    3 ـ وبمؤونة وغيرها على النصف.
    4 ـ وبمؤونة وغيرها مع الاختلاف.
    فإن كان يسقى بمؤونة خالصة فنصف العشر وبلا مؤونة خالصة العشر، وبهما نصفين ثلاثة أرباع العشر، ومع التفاوت يعتبر الأكثر نفعا.
    قوله: «ومع الجهل العشر» أي: إذا تفاوتا، وجهلنا أيهما أكثر نفعا، فالمعتبر العشر؛ لأنه أحوط وأبرأ للذمة، وما كان أحوط فهو أولى.
    فإذا قال قائل: كيف يكون أحوط، وفيه إلزام الناس بما لا نتيقن دليل الإلزام به؟
    فالجواب: لأن الأصل وجوب الزكاة، ووجوب العشر حتى نعلم أنه سقي بمؤونة، فنسقط نصفه، وهنا لم نعلم، وجهلنا الحال أيهما أكثر نفعا، فكان الاحتياط إيجاب العشر. انتهى من الشرح الممتع (6 / 77).


    ([1]) أخرجه البخاري (1447)، ومسلم (979) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه. 
    ([2]) أخرجه البخاري (1483).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم