• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: كيفية إخراج الزكاة
  • رقم الفتوى: 4496
  • تاريخ الإضافة: 29 رجب 1441
  • السؤال
    هل يجب على صاحب الزكاة أن يصرفها في جميع مصارف الزكاة ، أم يجزئه واحد منها ؟
  • الاجابة

    يجوز صرف الزكاة في صنف واحد من الأصناف المستحقة للزكاة ، فيجوز أن تعطي زكاة مالك كلها للفقراء أو للمساكين أو لغيرهم من الأصناف الذين ذكروا في الآية انظرهم في الفتوى رقم (4476)، ولا يجب تقسيمها على الأصناف كلها، بل يجوز أن تعطيها كلها لفقير واحد إذا كان يستحقها.

    يدل على هذا حديث معاذ: «تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم» فهذا دليل على ما قلنا، فإنه لم يذكر كل الأصناف، وقال لقبيصة: «أقم عندنا حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها» ([1])، فكان يريد أن يأمر بالصدقة كلها لقبيصة، وهذا يدل على جواز صرفها في مصرف واحد.

    والآية بينت جنس من يستحق الزكاة، فالمذكورون هم من يستحق الزكاة لا غيرهم، هذا المراد منها. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى

    قال ابن المنذر في الإشراف (3/ 96): أجمع أهل العلم على أن من فرق صدقه في الأصناف التي ذكرها الله في سورة البراءة، قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ..} الآية؛ أنه موديها فيما فرض عليه.
    واختلفوا فيمن فرق ذلك في بعض الأصناف دون بعض.
    فقالت فرقة: في أيها وضعها أجزأ عنك، روى هذا القول عن حذيفة، وابن عباس، وبه قال الحسن البصري، والنخعي، وعطاء بن أبي رباح، والضحاك، وسعيد بن جبير، والثوري، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي.

    وقال أحمد: يفرق أحب إليّ ويجزيه في صنف واحد.

    وقال مالك: يكون ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام، فأي الأصناف كانت فيه الحاجة والعدد؛ أوثر ذلك الصنف. 

    وقال أبو ثور: إذا قسم الإمام قسمة على من سمى الله عز وجل أنه له، وإذا قسمه الناس عن أمولهم فإن أعطاه الرجل بعض الأصناف رجوت أن يجزئ عنه.

    وقد روينا عن النخعي قولاً رابعاَ: قال: إذا كان المال كثيراً فرقه بين الأصناف، وإذا كان قليلاً أعطاه صنفاً واحداً.

    وفي قول خامس: وهو إيجاب الصدقة أن يفرقها في الأصناف التي سمى الله عز وجل، هكذا قال عكرمة، والشافعي. انتهى 

    وقال ابن قدامة في المغني (2/ 499): وجملته أنه يجوز أن يقتصر على صنف واحد من الأصناف الثمانية، ويجوز أن يعطيها شخصاً واحداً.
    وهو قول عمر وحذيفة وابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير والحسن والنخعي وعطاء، وإليه ذهب الثوري وأبو عبيد وأصحاب الرأي.

    وروي عن النخعي أنه قال: إن كان المال كثيراً يحتمل الأصناف، قسمه عليهم، وإن كان قليلاً، جاز وضعه في صنف واحد.

    وقال مالك: يتحرى موضع الحاجة منهم، ويقدم الأولى فالأولى

    وقال عكرمة والشافعي: يجب أن يقسم زكاة كل صنف من ماله، على الموجود من الأصناف الستة الذين سهمانهم ثابتة، قسمة على السواء، ثم حصة كل صنف منهم، لا تصرف إلى أقل من ثلاثة منهم، إن وجد منهم ثلاثة أو أكثر فإن لم يجد إلا واحداً، صرف حصة ذلك الصنف إليه.
    وروى الأثرم عن أحمد كذلك. وهو اختيار أبي بكر؛ لأن الله تعالى جعل الصدقة لجميعهم، وشرك بينهم فيها، فلا يجوز الاقتصار على بعضهم كأهل الخمس.

    ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: «أعلمهم أن عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم» .
    فأخبر أنه مأمور برد جملتها في الفقراء، وهم صنف واحد، ولم يذكر سواهم، ثم أتاه بعد ذلك مال، فجعله في صنف ثان سوى الفقراء، وهم المؤلفة الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاثة، وزيد الخير قسم فيهم الذهبية التي بعث بها إليه علي من اليمن. وإنما يؤخذ من أهل اليمن الصدقة. ثم أتاه مال آخر؛ فجعله في صنف آخر؛ لقوله لقبيصة بن المخارق حين تحمل حمالة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله، فقال: «أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها» . وفي حديث سلمة بن صخر البياضي، أنه أمر له بصدقة قومه.
    ولو وجب صرفها إلى جميع الأصناف لم يجز دفعها إلى واحد، ولأنها لا يجب صرفها إلى جميع الأصناف إذا أخذها الساعي، فلم يجب دفعها إليهم إذا فرقها المالك، كما لو لم يجد إلا صنفاً واحداً، ولأنه لا يجب عليه تعميم أهل كل صنف بها، فجاز الاقتصار على واحد، كما لو وصى لجماعة لا يمكن حصرهم.

    ويخرج على هذين المعنيين الخمس، فإنه يجب على الإمام تفريقه على جميع مستحقيه، واستيعاب جميعهم به بخلاف الزكاة.

    والآية أريد بها بيان الأصناف الذين يجوز الدفع إليهم، دون غيرهم.

    إذا ثبت هذا، فإن المستحب صرفها إلى جميع الأصناف، أو إلى من أمكن منهم؛ لأنه يخرج بذلك عن الخلاف، ويحصل الإجزاء يقيناً فكان أولى. انتهى 

     


    ([1]) أخرجه مسلم (1044) عن قبيصة بن مخارق رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم