• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: إعطاء الهاشمي من الزكاة
  • رقم الفتوى: 4515
  • تاريخ الإضافة: 29 رجب 1441
  • السؤال
    هل يجوز للهاشمي من بني هاشم أن يأخذ من الزكاة ؟
  • الاجابة

    الهاشمي من بني هاشم، وبنو هاشم الذين منهم النبي ، تحرم عليهم زكاة الأموال؛ لقول النبي: «إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد»([1]) .

    وأدخل بعض أهل العلم بني المطلب مع بني هاشم في تحريم الزكاة عليهم؛ لقول النبي فيهم بعد أن أعطاهم سهم ذوي القربى، قال: «لا نفترق في جاهلية ولا في إسلام»([2]) يعني بني هاشم وبني المطلب، وهو الصحيح إن شاء الله.

    أما بنو هاشم فقد أجمع العلماء على تحريم الزكاة عليهم([3]).

    وكذلك مواليهم وهم عتقاؤهم، أي: العبيد الذين أعتقهم بنو هاشم، أو أعتقهم بنو المطلب، فلا تدفع الزكاة إليهم، فتحرم عليهم أيضاً؛ لقول النبي : «إن الصدقة لا تحل لنا، وإن موالي القوم من أنفسهم»([4]) أي فحكمهم كحكمهم.

    والصحيح أن زكاة المال تحرم عليهم سواء منعوا من الخمس أم لا؛ لعموم الأدلة. 

    واختلف أهل العلم في الصدقات من غير زكاة المال، والراجح الجواز، فتحرم عليهم زكاة المال فقط ولا تحرم عليهم صدقة التطوع، وهو قول جمهور أهل العلم. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال ابن قدامة في المغني (2/ 489): لا نعلم خلافاً في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس.» أخرجه مسلم. وعن أبي هريرة، قال: «أخذ الحسن تمرة من تمر الصدقة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كخ كخ. ليطرحها، وقال: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة.» متفق عليه. انتهى

    وقال البغوي في شرح السنة (6/ 103): لم يختلف المسلمون في أن الصدقة المفروضة كانت محرمة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك على بني هاشم على قول أكثر العلماء، قال الشافعي: لا تحل لبني المطلب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أشركهم في سهم ذوي القربى من الغنيمة مع بني هاشم، وتلك العطية عوض لهم عما حرموا من الصدقة.

    فأما موالي بني هاشم، فاختلفوا فيهم، فمنهم من لم يبح لهم لظاهر الحديث، ومنهم من أباح لهم؛ لأنه لا حظ لهم في سهم ذوي القربى، وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم أبا رافع تنزيها له، وقال: «مولى القوم من أنفسهم» في الاقتداء بهم، والأخذ بسيرتهم في الاجتناب عما يجتنبون عنه، ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يكفيه المئونة، إذ كان أبو رافع يتصرف له في الحاجة والخدمة، فقال له على هذا المعنى: إذا كانت تستغني بما أعطيت، فلا تطلب أوساخ الناس، فإنك مولانا ومنا.

    أما صدقة التطوع، فكان مباحاً لآل الرسول صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأخذها تنزيها، روي عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة، قيل له: تشرب من الصدقة؟! فقال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة. انتهى 

    وقال ابن قدامة في الموالي في المغني (2/ 490): يعني أن موالي بني هاشم، وهم من أعتقهم هاشمي، لا يعطون من الزكاة. وقال أكثر العلماء: يجوز؛ لأنهم ليسوا بقرابة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يمنعوا الصدقة كسائر الناس، ولأنهم لم يعوضوا عنها بخمس الخمس، فإنهم لا يعطون منه، فلم يجز أن يحرموها كسائر الناس. ولنا، ما روى أبو رافع، «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً من بني مخزوم على الصدقة، فقال لأبي رافع: اصحبني كيما تصيب منها. فقال: لا حتى آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسأله. فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله. فقال: إنا لا تحل لنا الصدقة، وإن موالي القوم منهم» . أخرجه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
    ولأنهم ممن يرثهم بنو هاشم بالتعصيب، فلم يجز دفع الصدقة إليهم كبني هاشم. وقولهم: إنهم ليسوا بقرابة. قلنا: هم بمنزلة القرابة، بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الولاء لحمة كلحمة النسب.» وقوله: «موالي القوم منهم.» وثبت فيهم حكم القرابة من الإرث والعقل والنفقة، فلا يمتنع ثبوت حكم تحريم الصدقة فيهم. انتهى

    وقال في بني المطلب: فأما بنو المطلب، فهل لهم الأخذ من الزكاة؟ على روايتين: إحداهما ليس لهم ذلك. نقلها عبد الله بن أحمد وغيره؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنا وبنو المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام، إنما نحن وهم شيء واحد» . وفي لفظ رواه الشافعي في " مسنده ":: «إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» . وشبك بين أصابعه.
    ولأنهم يستحقون من خمس الخمس فلم يكن لهم الأخذ كبني هاشم، وقد أكد ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علل منعهم الصدقة باستغنائهم عنها بخمس الخمس، فقال: «أليس في خمس الخمس ما يغنيكم؟» .

    والرواية الثانية: لهم الأخذ منها. وهو قول أبي حنيفة لأنهم دخلوا في عموم قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} [التوبة: 60] . الآية.
    لكن خرج بنو هاشم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد» ، فيجب أن يختص المنع بهم، ولا يصح قياس بني المطلب على بني هاشم؛ لأن بني هاشم أقرب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأشرف، وهم آل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ومشاركة بني المطلب لهم في خمس الخمس ما استحقوه بمجرد القرابة، بدليل أن بني عبد شمس وبني نوفل يساوونهم في القرابة، ولم يعطوا شيئا، وإنما شاركوهم بالنصرة، أو بهما جميعا، والنصرة لا تقتضي منع الزكاة. انتهى

    وقال:  ويجوز لذوي القربى الأخذ من صدقة التطوع.
    قال أحمد، في رواية ابن القاسم: إنما لا يعطون من الصدقة المفروضة، فأما التطوع، فلا. وعن أحمد، رواية أخرى: أنهم يمنعون صدقة التطوع أيضاً؛ لعموم قوله - عليه السلام -: «إنا لا تحل لنا الصدقة» . والأول أظهر؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المعروف كله صدقة» . متفق عليه.
    وقال الله تعالى: {فمن تصدق به فهو كفارة له} [المائدة: 45] . وقال تعالى: {فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون} [البقرة: 280] . ولا خلاف في إباحة المعروف إلى الهاشمي، والعفو عنه وإنظاره. وقال إخوة يوسف: {وتصدق علينا} [يوسف: 88] . والخبر أريد به صدقة الفرض؛ لأن الطلب كان لها، والألف واللام تعود إلى المعهود. وروى جعفر بن محمد، عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة. فقلت له: أتشرب من الصدقة؟ فقال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة.
    ويجوز أن يأخذوا من الوصايا للفقراء، ومن النذور؛ لأنهما تطوع، فأشبه ما لو وصى لهم.

    وفي الكفارة وجهان: أحدهما، يجوز؛ لأنها ليست بزكاة ولا هي أوساخ الناس، فأشبهت صدقة التطوع. والثاني، لا يجوز لأنها واجبة أشبهت الزكاة. انتهى

    وقال النووي في المجموع (6/ 227): فالزكاة حرام على بني هاشم وبني المطلب بلا خلاف إلا ما سبق فيما إذا كان أحدهم عاملاً، والصحيح تحريمه، وفي مواليهم وجهان: أصحهما التحريم، ودليل الجميع في الكتاب.

    ولو مُنعت بنوا هاشم وبنوا المطلب حقهم من خمس الخمس، هل تحل الزكاة؟ فيه الوجهان المذكوران في الكتاب، أصحهما عند المصنف والأصحاب: لا تحل، والثاني: تحل، وبه قال الإصطخري، قال الرافعي: وكان محمد بن يحيى صاحب الغزالي يفتي بهذا، ولكن المذهب الأول.

    وموضع الخلاف إذا انقطع حقهم من خمس الخمس لخلو بيت المال من الفيء والغنيمة، أو لاستيلاء الظلمة واستبدادهم بهما. والله تعالى أعلم.

    هذا مذهبنا، وجوز أبو حنيفة صرف الزكاة إلى بني المطلب، ووافق على تحريمها على بني هاشم، ودليلنا ما ذكره المصنف. والله تعالى أعلم. انتهى 

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/ 254): وأما صدقة التطوع فتدفع لبني هاشم وهو قول جمهور أهل العلم، وهو الراجح؛ لأن صدقة التطوع كمال، وليست أوساخ الناس، فيعطون من صدقة التطوع.
    والقول الثاني: لا تحل لهم صدقة التطوع؛ لأن صدقة التطوع من أوساخ الناس؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار»، والتطهير كما يحصل بالواجب يحصل بالمستحب وهذا القول مال إليه الشوكاني وجماعة من أهل العلم؛ لعموم الحديث.
    وبهذا نعرف أن بني هاشم ينقسمون إلى قسمين:
    الأول: من لا تحل له صدقة التطوع، ولا الزكاة الواجبة، وهو شخص واحد، وهو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فهو لا يأكل الصدقة الواجبة ولا التطوع.
    الثاني: البقية من بني هاشم يأكلون من صدقة التطوع، ولا يأكلون من الصدقة الواجبة. انتهى


    ([1]) أخرجه مسلم (1072) عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث رضي الله عنه.

    ([2]) أخرجه البخاري (3140)، وأبو داود (2980) واللفظ لأبي داود عن جبير بن مطعم رضي الله عنه.

    ([3]) انظر «المجموع»(6/227) للنووي، و«اختلاف العلماء » (1/223) لابن هبيرة.

    ([4]) أخرجه أحمد (23872)، وأبو داود (150)، والترمذي (657) عن أبي رافع رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم