• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: عدد النساء التي تبقى على ذمة الرجل معاً
  • رقم الفتوى: 4688
  • تاريخ الإضافة: 5 رمضان 1441
  • السؤال

    ما حكم الزواج بأكثر من أربع نسوة؟ وهل صح الإجماع في ذلك؟

  • الاجابة

    يحرم على الرجل إذا كان حراً أن يتزوج أكثر من أربع نسوة، ويحرم على العبد أن يتزوج أكثر من زوجتين فقط.

    أما تحريم ذلك على الحر؛ فلقول الله تبارك وتعالى { فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [النساء: 3] ففي هذه الآية أباح الشارع أن يتزوج الرجال اثنتين اثنتين أو ثلاثة ثلاثة أو أربعة أربعة، وانعقد الإجماع على عدم جواز الزيادة على أربع نسوة، وهو إجماع صحيح إن شاء الله، ولا يؤثر فيه مخالفة من شذ إن صح عنه هذا، نقل الإجماع جمع من أهل العلم، انظرهم في موسوعة الإجماع في الفقه (3/ 222).

    وأما زيادة النبي ﷺ على الأربع فهي خِصِّيصة له؛ خصه الله - تبارك وتعالىبها ، أما أمته فلا يجوز لأحد أن يزيد على أربع نسوة، فالزيادة على الأربع محرمة بالاتفاق.

    وأما العبد- الذي هو المملوك - فذكرنا أنه لا يحل له أن يجمع أكثر من امرأتين ، قال الحَكم: «أجمع أصحاب رسول الله ﷺ على أن المملوك لا يجمع من النساء فوق اثنتين»([1]) ، فهذا الإجماع هو الحجة في هذه المسألة إن صح، فبعضهم ينقل الخلاف ، واحتجوا أيضا بالقياس على طلاقه وحدوده. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى 

    قال ابن حزم في مراتب الإجماع (ص 62): اتفقوا أن نكاح الحر البالغ العاقل العفيف الصحيح غير المحجور المسلم، أربع حرائر مسلمات غير زوان صحائح، فأقل؛ حلال واتفقوا على أن نكاح أكثر من أربع زوجات لا يحل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (7/ 85): قال: (وليس للحر أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات)، أجمع أهل العلم على هذا، ولا نعلم أحداً خالفه منهم، إلا شيئاً يحكى عن القاسم بن إبراهيم، أنه أباح تسعاً؛ لقول الله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} [النساء: 3] . والواو للجمع؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات عن تسع. وهذا ليس بشيء؛ لأنه خرق للإجماع، وترك للسنة، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لغيلان بن سلمة، حين أسلم وتحته عشر نسوة: "أمسك أربعاً، وفارق سائرهن".
    وقال نوفل بن معاوية: أسلمت وتحتي خمس نسوة، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فارق واحدة منهن". رواهما الشافعي، في " مسنده ". وإذا منع من استدامة زيادة عن أربع، فالابتداء أولى، فالآية أريد بها التخيير بين اثنتين وثلاث وأربع، كما قال: {أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} [فاطر: 1] . ولم يرد أن لكل ملك تسعة أجنحة، ولو أراد ذلك لقال: تسعة.
    ولم يكن للتطويل معنى، ومن قال غير هذا فقد جهل اللغة العربية. وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فمخصوص بذلك، ألا ترى أنه جمع بين أربعة عشر. 

    وقال: (وليس للعبد أن يجمع إلا اثنتين) أجمع أهل العلم على أن للعبد أن ينكح اثنتين، واختلفوا في إباحة الأربع، فمذهب أحمد: أنه لا يباح له إلا اثنتان، وهو قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وبه قال عطاء، والحسن، والشعبي، وقتادة، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي.
    وقال القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وطاوس، ومجاهد، والزهري، وربيعة، ومالك، وأبو ثور،، وداود: له نكاح أربع؛ لعموم الآية؛ ولأن هذا طريقه اللذة والشهوة، فساوى العبد الحر فيه، كالمأكول.

    ولنا قول من سمينا من الصحابة، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، فكان إجماعاً. وقد روى ليث بن أبي سليم، عن الحكم بن عتيبة، قال: أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن العبد لا ينكح أكثر من اثنتين
    ويقوي هذا ما روى الإمام أحمد، بإسناده عن محمد بن سيرين، أن عمر - رضي الله عنه - سأل الناس: كم يتزوج العبد؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: باثنتين، وطلاقه باثنتين. فدل هذا على أن ذلك كان بمحضر من الصحابة وغيرهم، فلم ينكر، وهذا يخص عموم الآية، على أن فيها ما يدل على إرادة الأحرار، وهو قوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانكم} [النساء: 3] . ويفارق النكاح المأكول، فإنه مبني على التفضل. ولهذا فارق النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه أمته؛ ولأن فيه ملكا، والعبد ينقص في الملك عن الحر. انتهى والله أعلم 


    ([1]) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/465) ومن طريقه البيهقي (7/256) عن الليث بن أبي سليم عنه. والليث ضعيف؛ فالأثر ضعيف.

    وفي "البدر المنير" (7/621) لابن الملقن، قال : وروى الشافعي بإسناده الصحيح عن عمر أنه قال : "يَنكِح العبدُ امرأتين " ثم رواه عن علي وعبد الرحمن بن عوف، ثم قال: ولا يعرف لهم من الصحابة مخالف، وهو قول الأكثر من المفسرين بالبلدان. انتهى

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم