• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: علامات البلوغ
  • رقم الفتوى: 1041
  • تاريخ الإضافة: 10 جُمادي الأول 1440
  • السؤال
    أحسن الله إليكم، قرأنا لمشايخنا أن البلوغ يحصل بأحد هذه الأمور: الحيض أو الإنزال أو إكمال خمس عشرة سنة أو نبات الشعر الخشن حول العانة. فهل يعد نبات الشعر تحت الإبطين عند الإنسان عموماً، والشارب عند الذكور خصوصاً، وظهور الثديين عند الإناث من علامات البلوغ؟ يعني اذا حصل هذا قبل العلامات التي ذكرها العلماء. نفع الله بكم
  • الاجابة

    الصحيح من أقول أهل العلم أن البلوغ يحصل عند الذكور والإناث بثلاث علامات، وهي: إنزال المني، أو إكمال خمس عشرة سنة هجرية، أو إنبات شعر العانة، أي الشعر الخشن حول الذكر أو الفرج من الأنثى، وتزيد الأنثى علامة رابعة وهي الحيض.

    فأي علامة من هذه العلامات ظهرت صار الذكر أو الأنثى بالغاً بها.

    ولا يوجد دليل صحيح على أن نهود الثدي للأنثى، وظهور الشارب للذكر، وإنبات شعر الإبط؛ من علامات البلوغ.

    ولم نجد أحداً من السلف قال بالعلامات التي ذكرت في السؤال، وجد في كتب الفقهاء المتأخرين زيادات، لا أدلة صحيحة عليها، ولم يقل بها السلف فيما نعلم فلا عبرة بها . والله أعلم

    قال ابن المنذر رحمه الله: باب حد البلوغ

    قال الله عز وجل: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} الآية.

    وقال تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} الآية، وبلوغ النكاح هو الحلم.

    وثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "رُفع القلمُ عن الصبي حتى يحتلم".

    وأجمع أهل العلم على أن الفرائض والأحكام تجب على المحتلم العاقل.
    وأجمع أهل العلم على أن الفرائض تجب على المرأة بظهور الحيض فيها، فهي والرجل في حكم الاحتلام سواء.

    واختلفوا في خصال سوى الاحتلام:

    فمما اختلفوا فيه: بلوغ خمسة عشرة سنة

    فممن رأى أن الغلام إذا كمل له خمس عشرة سنة أنه بالغ: الشافعي، والأوزاعي، وأحمد.
    وزاد في الأوسط: ومن حجة الشافعي ومن تبعه حديث ابن عمر.

    فذكره بإسناده: قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم عام أحد وأنا ابن أربع عشرة فردني، وعرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني. قال نافع: فحدثت به عمر بن عبد العزيز فقال عمر: هذا فرق بين الذرية والمقاتلة. انتهى

    قال: وفيه قول ثان: وهو أنه بالغ إذا كمل له أربع عشرة سنة وطعن في الخمس عشرة، هذا قول إسحاق.

    وأما مالك، وأهل المدينة، وأهل الكوفة، فليس يرون ذلك ولا يعتبرون به.

    واختلفوا في الإنبات

    فجعلت فرقة الإنبات حد البلوغ، هذا قول القاسم، وسالم، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور.

    واحتجوا بحديث عطية القرظي.
    والشافعي لا يقول به، إلا في أهل الشرك الذين لا يوقف على أسنانهم.

    وقد روينا عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وابن الزبير أنهم جعلوا حد البلوغ: بلوغ ستة أشبار، وبه قال إسحاق.

    وقال عطاء بن أبي رباح، والحكم، والزهري: لا قطع على من لم يحتلم.

    وخالف النعمان ذلك كله، فقال: حد البلوغ في الغلام استكمال ثماني عشرة سنة، إلا أن يحتلم قبل ذلك وفي الجارية استكمال سبع عشرة، إلا أن تحيض قبل ذلك.

    قال أبو بكر: لا شك أن الاحتلام حد البلوغ، وقد يكون حد البلوغ استكمال خمس عشرة سنة، ويكون الإنبات كذلك حد البلوغ.

    وليس على من بلغ مغلوباً على عقله شيء من الفرائض.

    انتهى من الإشراف على مذاهب العلماء (7/229).

    وقال في الإقناع (1/142): الاحتلام، والإنبات، والاستكمال خمس عشرة سنة؛ حد لبلوغ الرجال والنساء، وفي الْمَرْأَة خصلة رابعة وهي الحيض، تكون بوجوده فيها بالغًا يجب عَلَيْهَا الفرائض، ويؤمر الصبي بالصلاة ابن سبع، ويضرب عَلَيْهَا ابن عشر. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (4/345): الفصل الثالث في البلوغ، ويحصل في حق الغلام والجارية بأحد ثلاثة أشياء، وفي حق الجارية بشيئين يختصان بها.

    أما الثلاثة المشتركة بين الذكر والأنثى، فأولها خروج المني من قبله، وهو الماء الدافق الذي يخلق منه الولد، فكيفما خرج في يقظة أو منام، بجماع، أو احتلام، أو غير ذلك، حصل به البلوغ، لا نعلم في ذلك اختلافا؛ لقول الله تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} [النور: 59] وقوله {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} [النور: 58] وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاث؛ عن الصبي حتى يحتلم.» وقوله - عليه السلام - لمعاذ: «خذ من كل حالم ديناراً». رواهما أبو داود.

    وقال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الفرائض والأحكام تجب على المحتلم العاقل، وعلى المرأة بظهور الحيض منها.

    وأما الإنبات فهو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرجل، أو فرج المرأة، الذي استحق أخذه بالموسى، وأما الزغب الضعيف، فلا اعتبار به، فإنه يثبت في حق الصغير.

    وبهذا قال مالك والشافعي في قول، وقال في الآخر: هو بلوغ في حق المشركين، وهل هو بلوغ في حق المسلمين؟ فيه قولان.

    وقال أبو حنيفة لا اعتبار به؛ لأنه نبات شعر، فأشبه نبات شعر سائر البدن. ولنا، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة، حكم بأن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وأمر أن يكشف عن مؤازرتهم، فمن أنبت، فهو من المقاتلة، ومن لم ينبت، ألحقوه بالذرية.

    وقال عطية القرظي: عرضت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم قريظة، فشكوا في، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينظر إلي، هل أنبت بعد، فنظروا إلي، فلم يجدوني أنبت بعد، فألحقوني بالذرية.

    متعلق على معناه.

    وكتب عمر - رضي الله عنه - إلى عامله، أن لا تأخذ الجزية إلا من من جرت عليه المواسي.

    وروى محمد بن يحيى بن حبان، أن غلاماً من الأنصار شبب بامرأة في شعره، فرفع إلى عمر، فلم يجده أنبت، فقال: لو أنبت الشعر لحددتك.

    ولأنه خارج يلازمه البلوغ غالباً، ويستوي فيه الذكر والأنثى، فكان علماً على البلوغ، كالاحتلام، ولأن الخارج ضربان، متصل، ومنفصل، فلما كان من المنفصل ما يثبت به البلوغ، كان كذلك المتصل.

    وما كان بلوغاً في حق المشركين، كان بلوغاً في حق المسلمين، كالاحتلام، والسن.

    وأما السن، فإن البلوغ به في الغلام والجارية بخمس عشرة سنة.

    وبهذا قال الأوزاعي، والشافعي وأبو يوسف ومحمد وقال داود: لا حد للبلوغ من السن.

    لقوله - عليه السلام -: «رفع القلم عن ثلاث، عن الصبي حتى يحتلم» . وإثبات البلوغ بغيره يخالف الخبر.

    وهذا قول مالك وقال أصحابه: سبع عشرة، أو ثماني عشرة.

    وروي عن أبي حنيفة في الغلام روايتان. إحداهما، سبع عشرة، والثانية، ثماني عشرة. والجارية سبع عشرة بكل حال؛ لأن الحد لا يثبت إلا بتوقيف، أو اتفاق، ولا توقيف فيما دون هذا، ولا اتفاق.

    ولنا، أن ابن عمر قال: «عرضت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني في القتال، وعرضت عليه وأنا ابن خمس عشرة، فأجازني». متفق عليه. وفي لفظ: «عرضت عليه يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فردني، ولم يرني بلغت، وعرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة، فأجازني».

    فأخبر بهذا عمر بن عبد العزيز، فكتب إلى عماله: أن لا تفرضوا إلا لمن بلغ خمس عشرة. رواه الشافعي في " مسنده "، ورواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

    وروي عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ما له وما عليه، وأخذت منه الحدود».

    ولأن السن معنى يحصل به البلوغ، يشترك فيه الغلام والجارية، فاستويا فيه، كالإنزال.

    وما ذكره أصحاب أبي حنيفة، ففيما رويناه جواب عنه، وما احتج به داود لا يمنع إنبات البلوغ بغير الاحتلام إذا ثبت بالدليل، ولهذا كان إنبات الشعر علماً.

    وأما الحيض فهو علم على البلوغ، لا نعلم فيه خلافاً، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار». رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

    وأما الحمل فهو علم على البلوغ؛ لأن الله تعالى أجرى العادة أن الولد لا يخلق إلا من ماء الرجل وماء المرأة.

    قال الله تعالى: {فلينظر الإنسان مم خلق} [الطارق: 5] {خلق من ماء دافق} [الطارق: 6] {يخرج من بين الصلب والترائب} [الطارق: 7] وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك في الأحاديث، فمتى حملت، حكم ببلوغها في الوقت الذي حملت فيه. انتهى

    قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح زاد المستقنع (1/516): شارحاً كلام المؤلف فيما يفارق فيه النفاس الحيض: أي: أن الحيضَ من علامات البلوغ، أما الحَملُ فليس من علامات البلوغ؛ لأنَّها إِذا حملت، فقد علمنا أنَّها أنزلت، وحصل البلوغُ بالإِنزال السَّابق على الحمل. انتهى
    وقال (9/301): قال العلماء: يحكم ببلوغها بالحمل عن طريق اللزوم؛ لأنه لا حمل بلا إنزال، وإذا أنزلت بلغت بإنزالها، ولهذا قال المؤلف: «وإن حملت حكم ببلوغها» ولم يقل: وإن حملت بلغت، والحكم بالبلوغ هل هو بالحمل، أو بالإنزال السابق له؟

    الجواب: الثاني، بالإنزال السابق له، وعلى هذا فإذا ولدت امرأة ولها اثنتا عشرة سنة، ولم تر الحيض ولم تر إنباتاً، نقول: إنها بالغة بالإنزال السابق للحمل. انتهى. والله أعلم

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم