• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الطهارة
  • رقم الفتوى: 1266
  • تاريخ الإضافة: 20 جُمادي الآخرة 1440
  • السؤال
    إذا وقعت نجاسة في ماء قليل ، فلم يتغير طعمه ولا ريحه ولا لونه فهل يصير نجساً بحيث لا يصح التطهر به ؟
  • الاجابة

     الماء القليل والكثير له نفس الحكم، لا يختلف على الراجح من أقوال أهل العلم ، فالأصل أن الماء طاهر مطهر، سواء كان قليلاً أو كثيراً؛ لعموم الآيات والأحاديث التي منها قوله تعالى : {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً} (الفرقان:48). 

    وقوله تعالى : { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } (الأنفال: 11) .

    وقوله تعالى : { فلم تجدوا ماء فتيمموا } (المائدة: 6).

    وقال ﷺ: « الماء طَهور لا ينجسه شيء »(1).

    فلا يخرج الماء عن كونه طاهراً ومطهراً إلا بدليل.

    ولكنه يخرج عن هذا الأصل ويصير نجساً، إذا خالطته نجاسة فغيرت رائحته أو لونه أو طعمه، فعندئذ لا يبقى طاهراً ولا مطهّراً، ولا يجزئ في رفع الحدث وإزالة النجاسة، هذا هو الضابط سواء كان الماء قليلاً أو كثيراً، ما دون القلتين أو أكثر.

    فإذا تغيرت إحدى أوصافه الثلاثة، لونه أو ريحه أو طعمه، صار نجساً لا يطهر، ودليل ذلك الإجماع، قال ابن المنذر: «وأجمعوا على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغير للماء طعماً أو لوناً أو ريحاً أنه نجس مادام كذلك» (2) .

    واما الذين فرقوا بين القليل والكثير فاعتمدوا في هذا على حديث: «إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء»(3) ، لكن هذا الحديث في صحته خلاف ونزاع بين أهل العلم، والصحيح هو ما رجّحه الإمام المزّي، وابن تيمية – رحمهما الله - أنه حديث ضعيف فيه اضطراب، والأقرب إلى الصواب أن يكون موقوفاً على ابن عمر أي من كلامه ، ولضعف هذا القول اختلفوا في تقدير القليل اختلافاً كثيراً والله أعلم .
    قال ابن المنذر رحمه الله في الأوسط (1 / 369): واختلفوا في الماء القليل تحل فيه نجاسة لم تغير للماء لوناً، ولا طعماً، ولا ريحاً؛ فقالت طائفة: إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثاً. روي ذلك عن ابن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور.
    فذكر الخلاف في قدر القلتين.

     ثم قال: والقول الثاني: إذا كان الماء كراً لا ينجسه شيء. روينا ذلك عن مسروق، وقال محمد بن سيرين: إذا كان الماء كراً، فإنه لا يحمل الخبث. وذكر أبو عبيد حديث ابن سيرين هذا، قال: وبه يأخذ بعض أهل الحديث.

    وروينا عن ابن عباس أنه قال: إذا كان الماء ذنوبين لم يحمل الخبث
    وقال عكرمة: ذنوباً أو ذنوبين.
    وقد روي عن أبي هريرة قول رابع، وهو أن الماء إذا كان أربعين دلواً لم ينجسه شيء.

     وقالت فرقة خلاف كل ما ذكرناه، فقالت في الماء الراكد: إذا كان في الموضع إذا حرك منه جانب اضطرب الماء، وخلص اضطرابه إلى الجانب الآخر، فما وقع فيه من نجاسة نجس لوقوعها فيه وإن لم تتبين النجاسة فيه، وإن كان الماء في غدير واسع أو مصنعة واسعة عظيمة إذا حرك طرفه لم يتحرك الطرف الآخر، ولم يخلص بعض الماء إلى بعض لم ينجسه ما وقع فيه من النجاسات إلا أن يتغير طعمه أو لونه أو ريحه. حكي هذا القول عن أصحاب الرأي.
    وقالت طائفة: قليل الماء وكثيره لا ينجسه شيء إلا أن يغلب عليه النجاسة بطعم أو لون أو ريح، هذا قول يحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي. وقد روينا أخباراً عن الأوائل تدل على أن الماء لا ينجسه شيء، روينا عن ابن عباس أنه قال: الماء لا ينجس. وروينا ذلك عن ابن المسيب، والحسن، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعطاء، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وجابر بن زيد.
    وروينا عن حذيفة أنه قال: الماء لا يجنب.
    وعن أبي هريرة أنه سئل عن السؤرة في الحوض يصدر عنها الإبل، ويردها السباع، ويلغ فيها الكلاب، ويشرب منها الحمار، هل نطهر منه؟ قال: لا يحرم الماء شيء.

    قال أبو بكر: وقد احتج بعض من يقول بهذا القول بحجج ست: أحدها: قوله جل ذكره {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا} [النساء: 43] قال: فالطهارة على ظاهر الكتاب بكل ماء تجب إلا ماء منع منه كتاب أو سنة أو إجماع، والماء الذي منع الإجماع من الطهارة به الماء الذي يغلب عليه النجاسة بلون، أو طعم، أو ريح.
    ثم ذكرالحجج، ونقل تضعيف ابن المبارك لحديث القلتين. انتهى باختصار.

     

     (1)  أخرجه أحمد (17/359 - الرسالة)، وأبو داود (66)، والترمذي (66)، والنسائي (326) عن أبي سعيد الخدري .

    (2) « الإجماع » (ص 35). وقال البيهقي: لا نعلم في نجاسة الماء إذا تغير بالنجاسة خلافاً. والله أعلم

    (3) أخرجه أحمد (4605)، وأبو داود (65)، والترمذي (67)، والنسائي (52)، وابن ماجه (517) عن ابن عمر وهو ضعيف، والصحيح وقفه على ابن عمر . 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم