• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الطهارة
  • رقم الفتوى: 1282
  • تاريخ الإضافة: 22 جُمادي الآخرة 1440
  • السؤال
    قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : «طُهُور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب ». هل يدل على نجاسة لعابه ؟
  • الاجابة

    الصحيح أن لعاب الكلب طاهر ليس نجساً، والطهارة المأمور بها هنا قال الإمام مالك: « الأمر تعبُّدي». وقيل إنها لإزالة الجراثيم- بالمعنى الاصطلاحي اليوم- التي تكون في لعاب الكلب وتختلط بالإناء وما فيه. هذه خلاصة الفتوى والله أعلم 

    والدليل على طهارة لعاب الكلب، أن الله سبحانه وتعالى أذن في الأكل مما أمسكن علينا، فصيده حلال، فلو كان الكلب نجساً لنجّس الصيدَ بمماسته.

    قال الإمام مالك - رحمه الله -: « يؤكل صيده فكيف يكره لعابه » (1).

    ولفظ الطهارة لا تدل على نجاسة الشيء دائماً، فقد تأتي لرفع النجاسة، وقد تأتي لغير ذلك، قال الله تبارك وتعالى { وإن كنتم جنباً فاطّهروا } وهنا أمر بالتطهر، و« المؤمن لا ينجس » كما قال عليه الصلاة والسلام (2) .

    فالطهارة هنا لرفع الجنابة فقط وليست لإزالة النجاسة، فالطهارة إذاً تستعمل لإزالة النجاسة، وتستعمل لغير ذلك.

    وقال عليه الصلاة والسلام في الهرة: « إنها من الطوّافين عليكم والطوّافات»(3)، والكلاب كذلك.

    قال ابن عبد البر في التمهيد: وطهارة الهر تدل على طهارة الكلب، وأن ليس في حي نجاسة سوى الخنزير. والله أعلم؛ لأن الكلب من الطوافين علينا، ومما أبيح لنا اتخاذه في مواضيع الأمور، وإذا كان حكمه كذلك في تلك المواضيع فمعلوم أن سؤره في غير تلك المواضيع كسؤره فيها؛ لأن عينه لا تنتقل.

     ودل ما ذكرناه على أن ما جاء في الكلب من غسل الإناء من ولوغه سبعاً؛ أنه تعبد واستحباب؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم في الهر "إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم"؛ بيان أن الطوافين علينا ليسوا بنجس في طباعهم وخلقتهم، وقد أبيح لنا اتخاذ الكلب للصيد والغنم والزرع أيضاً، فصار من الطوافين علينا.

     والاعتبار أيضاً يقضي بالجمع بينهما؛ لعلة أن كل واحد منهما سبع يفترس ويأكل الميتة، فإذا جاء نص في أحدهما كان حكم نظيره حكمه، ولما فارق غسل الإناء من ولوغ الكلب سائر غسل النجاسات كلها؛ علمنا أن ذلك ليس لنجاسة، ولو كان لنجاسة سلك به سبيل النجاسات في الإنقاء من غير تحديد(4). انتهى

    هذا قول الزهري، ومالك، والأوزاعي، وابن المنذر، وكثير من المالكية، وحكي هذا عن الحسن البصري، وعروة بن الزبير، وهو مقتضى قول غيرهم أيضاً(5).


    ([1]) « المدونة » (1/ 116).

    ([2]) أخرجه البخاري (283)، ومسلم (371) عن أبي هريرة .

    ([3]) أخرجه أحمد (37/ 211) رقم (22528)، وأبو داود (75)، والترمذي (92)، والنسائي (68) وابن ماجه(367).
    ([4]) التمهيد (1/ 320).
    ([5]) انظر الأوسط لابن المنذر(1/ 418-419)، والتمهيد لابن عبد البر(18/ 269)، والمجموع للنووي(2/ 567)، والمغني لابن قدامة(1/ 35). 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم