• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: التكلم أثناء قضاء الحاجة
  • رقم الفتوى: 1336
  • تاريخ الإضافة: 28 جُمادي الآخرة 1440
  • السؤال
    ما هو حكم الكلام في الخلاء أو أثناء قضاء الحاجة ؟
  • الاجابة

    يجوز ذلك؛ فإن الأصل في مثل هذا الإباحة، ولا يوجد ما يدل على خلافه، أو يقال مكروه إذا صح الإجماع.
    وأما ذكر الله ورد السلام فمكروه

    والحديث الذي استدل به المانعون، الذي أخرجه أبو داود وغيره عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « لا يخرُج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدّثان، فإن الله عز وجل يمقت على ذلك »([1] الصواب فيه الإرسال أي الانقطاع.

    قال أبو داود بعد روايته لهذا الحديث: هذا لم يسنده إلا عكرمة بن عمار، وعكرمة في يحيى ليس بذاك.

    وفي بعض نسخ أبي داود: قال أبو داود: وهو مرسل عندهم، حدثنا أبو سلمة، حدثنا أبان -بن يزيد العطار- عن يحيى بن أبي كثير، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -نحو حديث عكرمة. انتهى من الذخيرة.
    ورجح المرسل أبو حاتم الرازي، قال ابن أبي حاتم في العلل:  وسمعت أبي يقول في حديث رواه عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن عياض- ويقال أيضاً: عياض بن هلال - عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى المتغوطين أن يتحدثان.
    ورواه الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن النبي، مرسلاً.
    قال أبي: الصحيح هذا - يعني: حديث الأوزاعي - وحديث عكرمة وهم. انتهى

    وقد بين الخلاف فيه الدارقطني رحمه الله في العلل (11/ 296)، ورجح رواية عياض عن أبي سعيد، وعياض مجهول.
    فالراجح رواية أبان المرسلة؛ فعكرمة مضطرب الحديث عن يحيى. والأوزاعي قال الإمام أحمد في روايته عن يحيى بن أبي كثير عندما سئل عن حديث:  "متى كنت نبياً"، قال: هذا منكر، هذا من خطأ الأوزاعي، هو كثيراً مما يخطئ عن يحيى بن أبي كثير، كان يقول: عن أبي المهاجر، وإنما هو أبو المهلب. انتهى من العلل ومعرفة الرجال.
    وقال ابن رجب في شرح العلل: وقال أبو زرعة الدمشقي: سألت أحمد عن أصحاب يحيى بن أبي كثير. فقال: هشام، قلت: ثم من؟ قال: أبان. قلت: ثم من؟ فذكر آخر. قلت: فالأوزاعي؟ قال: الأوزاعي إمام.
    وذكر أحمد في رواية غير واحد من أصحابه أن الأوزاعي كان لا يقيم حديث يحيى بن أبي كثير. ولم يكن عنده في كتاب، إنما كان يحدث به من حفظه، ويهم فيه. ويروي عن يحيى بن أبي كثير، عن ابي قلابة، عن أبي المهاجر، وإنما هو أبو المهلب. انتهى

    فإذا كان الحديث ضعيفاً ولا يوجد ما يدل على تحريم الكلام عند قضاء الحاجة غيره، فيبقى الأمر على الإباحة بناء على الأصل

    لكن قال النووي في المجموع (2/ 88): وهذا الذي ذكره المصنف من كراهة الكلام على قضاء الحاجة؛ متفق عليه، قال أصحابنا: ويستوي في الكراهة جميع أنواع الكلام ، ويستثنى مواضع الضرورة بأن رأى ضريراً يقع في بئر، أو رأى حية أو غيرها تقصد إنساناً أو غيره من المحترمات، فلا كراهة في الكلام في هذه المواضع؛ بل يجب في أكثرها.
    فإن قيل لا دلالة في الحديث المذكور لما ادعاه المصنف؛ لأن الذم لمن جمع كل الأوصاف المذكورة في الحديث، قلنا: ما كان بعض موجبات المقت لاشك في كراهته، ويؤيده الرواية التي قدمناها عن الحاكم. والله أعلم. انتهى
    فإذا صح الإجماع فيقال بالكراهة وإلا فالأصل الإباحة. 
    ونقل بعضهم الإجماع على عدم التحريم. والله أعلم 

    وأما ذكر الله ورد السلام فمكروه؛ لأن النبي ﷺ امتنع عن رد السلام على رجل وهو يبول([2]) والله تعالى أعلم.

    قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 461): اختلف أهل العلم في ذكر الله تعالى عند الجماع، وعند الغائط، فكرهت طائفة ذكر الله عز وجل في هذين الموطنين.
    روينا عن ابن عباس أنه قال: " يكره أن يذكر الله على حالتين: الرجل على خلائه، والرجل يواقع امرأته؛ لأنه ذو الجلال والإكرام يجل على ذلك ".
    وذكر إسناد أثر ابن عباس، وهو ضعيف.
    وقال: وممن كره ذكر الله في هذين الموطنين معبد الجهني، وعطاء بن أبي رباح، وقال مجاهد: يجتنب الملك- أي ذكر الملك وهو الله تبارك وتعالى- الإنسان عند غائطه، وعند جماعه. وقال عكرمة: لا يذكر الله وهو على الخلاء بلسانه، ولكن بقلبه.

    ورخصت طائفة في ذكر الله على كل حال.
    روينا عن كعب أنه قال: " قال موسى: أنا أكون على حال من الحال أجلك أن أذكرك الغائط والجنابة، قال: اذكرني على كل حال ".
    وقال النخعي: لا بأس بذكر الله في الخلاء. وسئل ابن سيرين عن الرجل يعطس في الخلاء، قال: لا أعلم بأساً.
    قال أبو بكر: الوقوف عن ذكر الله في هذه المواطن أحب إلي تعظيماً لله، والأخبار دالة على ذلك، ولا أوثم من ذكر الله في هذه الأحوال.
    وذكر بإسناده عن المهاجر بن قنفذ، أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه حتى توضأ، فلما توضأ رد عليه. انتهى باختصار.


    ([1]) أخرجه أحمد (17/412)، وأبو داود (15)، وابن ماجه (342) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

    ([2]) أخرجه مسلم في « صحيحه » (370) عن ابن عمررضي الله عنه : «إن رجلاً مرّ ورسول الله ﷺ يبول فسلّم، فلم يردّ عليه » .

    وأخرج (369) من حديث أبي جهم قال : « أقبل رسول الله ﷺ من نحو بئر جملٍ، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يردّ رسول الله ﷺ عليه، حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه، ثم ردّ عليه السلام ».

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم