• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة
  • رقم الفتوى: 1347
  • تاريخ الإضافة: 1 رجب 1440
  • السؤال
    ما هو القول الفصل في استقبال القبلة في حال قضاء الحاجة أو استدبارها وهل هناك فرق بين البنيان والصحاري ؟
  • الاجابة

    (الاستقبال) أن تجعل القبلة أمامك عند قضاء الحاجة.

    و(الاستدبار) أن تجعلها خلفك.

    ورد في ذلك أحاديث منها قول النبي : « إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يَسْتَدْبِرْها »([1])

    وقال سلمان: «نهانا رسول الله أن نستقبل القبلة بغائط أو بول...»([2]) الحديث. ([1]) أخرجه مسلم (262).

    وجاء عن أبي أيوب، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا»([3]).

    وجاء عن ابن عمر أنه قال: « لقد ارتقيتُ على ظهر البيت فرأيت رسول الله ﷺ على لبنتين مستقبلَ بيتِ المقدسِ لحاجتِهِ»([4]).

    لهذه الأحاديث اختلف أهل العلم في حكم استقبال البيت واستدباره بغائط أو بول.

    وأصح هذه الأقوال والذي فيه العمل بجميع الأدلة، قول الإمام الشافعي والبخاري وابن المنذر والجمهور، وهو التفريق بين الصحاري والبنيان.

    فيجوز في البنيان عملاً بحديث ابن عمر وغيره.

    ولا يجوز في الصحاري عملاً بحديث أبي أيوب وغيره.

    وهذا أولى ممن أعمل بعض الأحاديث وأهمل البعض الآخر، فلا إشكال بأن الأَوْلى هو العمل بجميع الأدلة وعدم إهمال أحدها.

    قال ابن المنذر رحمه الله في الأوسط (1/ 441): قال أبو بكر: وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب، فقالت: طائفة بظاهر هذه الأخبار، قالت: لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها بغائط ولا بول في البراري والمنازل، هذا قول الثوري، وقال أحمد: يعجبني أن يتوقى في الصحراء والبيوت، وكره مجاهد والنخعي ذلك.
    وحجة هذه الفرقة ظاهر هذه الأخبار التي فيها النهي عن العموم.
    ورخصت طائفة في استقبال القبلة واستدبارها بالغائط والبول. هذا قول عروة، وكان يقول: وأين أنت منها، وقد حكي هذا القول عن ربيعة.... وقال بعضهم: الأشياء على الإباحة، وجاءت الأخبار في هذا الباب مختلفة، ولا يعرف ناسخها من منسوخها، فوجب إيقاف الخبرين وحمل الأشياء على الإباحة التي كانت إذا خفي الناسخ من الخبرين.
    وفرقت فرقة ثالثة بين استقبال القبلة واستدبارها في الصحاري والمنازل فنهت عن ذلك في الصحاري، ورخصت فيه في المنازل، روي هذا القول عن الشعبي، وبه قال الشافعي وإسحاق، وحكي عن مالك هذا المعنى.
    حكى ابن القاسم عنه أنه سئل عن استقبال القبلة للغائط أترى البيوت مثل الصحاري؟ قال: لا، ولا أرى في البيوت شيئاً. وحكي عنه ابن وهب أنه قال في البيوت: أحب عندي.... قال أبو بكر: وأصح هذه المذاهب مذهب من فرق بين الصحاري والمنازل في هذا الباب، وذلك أن يكون ظاهر نهي النبي عليه السلام على العموم إلا ما خصت السنة مستثنى من جملة النهي.

    وإنما تكون الأخبار متضادة إذا جاءت جملة فيها ذكر النهي، يقابل جملة ما فيها ذكر الإباحة، فلا يمكن استعمال شيء منها إلا بطرح ما ضادها، وسبيل هذا كسبيل نهي النبي عليه السلام عن بيع الثمر بالثمر جملة، ثم رخص في بيع العرايا بخرصها، فبيع العرية مستثنى من جملة نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر بالثمر، وكذلك نهيه عن بيع ما ليس عند المرء وإذنه في السلم، وهذا الوجه موجود في كثير من السنن، والله أعلم.
    فلما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة بالغائط والبول نهياً عاماً واستقبل بيت المقدس مستدبراً الكعبة، كان إباحة ذلك مخصوص في المنازل، مخصوص من جملة النهي. انتهى باختصار. والله أعلم

    وإذا أردت الاستزادة  فراجع « فتح الباري » للحافظ ابن حجر كتاب الوضوء باب (11) حديث (144).

     

    ([1]) أخرجه مسلم (265) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

    ([2]) أخرجه مسلم (262).

    ([3]) أخرجه البخاري (144)، ومسلم (264).

    ([4]) أخرجه البخاري (145)، ومسلم (266).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم