• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الاستنجاء باليمين
  • رقم الفتوى: 1369
  • تاريخ الإضافة: 2 رجب 1440
  • السؤال
    ما حكم الاستنجاء باليمين ومس الذكر بها حال البول ؟
  • الاجابة

    صحّ عن النبي ﷺ أنه نهى عن الاستنجاء باليمين، ومس الذكر باليمين عند البول كما في حديث سلمان – رضي الله عنه – قال لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - "أَنْ نَسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ " (1). وحديث أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ، وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنْ اَلْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي اَلْإِنَاءِ - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم ٍ (2) ، والله أعلم.

    قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/ 121): وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في القَيد، هل هو مرادٌ بمعنى أن النهيَ وارد على ما إِذا كان يبول فقط؛ لأنه رُبَّما تتلوَّث يده بالبول، وإِذا كان لا يبول فإِن هذا العضو كما قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنما هو بَضْعَة منك»، حينما سُئل عن الرَّجل يمسُّ ذكرَه في الصَّلاة هل عليه وضوءٌ؟ وإِذا كان بَضْعَة منه فلا فرق بين أن يمسَّه بيده اليُمنى أو اليُسرى.
    وقال بعض العلماء: إِنه إِذا نُهي عن مسِّه باليمين حال البول، فالنهيُّ عن مسِّه في غير حال البول من باب أَوْلَى؛ لأنه في حال البول رُبَّما يحتاج إِلى مسِّه، فإِذا نُهي في الحال التي يحتاجَ فيها إلى مسّه فالنهيُ في غيرها أَوْلَى.
    وكلا الاستدلالين له وَجْهٌ، والاحتمالان واردان، والأحوط أن يتجنَّب مسَّهُ مطلقاً، ولكن الجزم بالكراهة إِنَّما هو في حال البول للحديث، وفي غير حال البول محلُّ احتمال، فإذا لم يكن هناك داعٍ ففي اليد اليُسرى غنيةٌ عن اليد اليمنى.
    وتعليل الكراهة: أنه من باب إكرام اليمين. انتهى 

    وقال النووي رحمه الله في المجموع (2/ 109) في حكم الاستنجاء باليمين: أما حكم المسألة فقال الأصحاب: يكره الاستنجاء باليمين كراهة تنزيه ولا يحرم. هكذا صرح به الجمهور، قال الشيخ أبو حامد في تعليقه: يستحب أن يستنجي بيساره، وهو منهي عن الاستنجاء بيمينه نهي تنزيه لا تحريم. وقال إمام الحرمين: الاستنجاء باليمين مكروه غير محرم. قال: وحرمه أهل الظاهر. وقال ابن الصباغ وآخرون: الاستنجاء باليسار أدب، وليس اليمين معصية. وقال القاضي أبو الطيب وآخرون: يستحب أن يستنجي بيساره. وقال المحاملي، والفوراني، والغزالي في البسيط، والبغوي، والروياني، وصاحب العدة، وآخرون: يكره باليمين. وقال أبو محمد الجويني في الفروق، والبغوي في شرح السنة: النهي عن اليمين نهي تأديب. وعبارات الجمهور ممن لم أذكرهم نحو هذه العبارات، وقال الخطابي: النهي عن الاستنجاء باليمين عند أكثر العلماء نهي تأديب وتنزيه، وقال بعض أهل الظاهر: لا يجزئه...انتهى المراد.

    وقال ابن حجر في فتح الباري (1/ 253): ومحل الاختلاف حيث كانت اليد تباشر ذلك بآلة غيرها، كالماء وغيره، أما بغير آلة؛ فحرامٌ، غير مجزئ، بلا خلاف، واليسرى في ذلك كاليمنى. انتهى 
    قلت: يعني الاتفاق حاصل على عدم جواز ولا إجزاء الاستنجاء باليد اليمنى أو اليسرى وحدها من غير ماء ولا حجارة ولا شيء آخر.

    وقال ابن قدمة في المغني (1/ 114): فإن كان يستنجي من غائط أخذ الحجر بشماله فمسح به، وإن كان يستنجي من البول وكان الحجر كبيراً، أخذ ذكره بشماله فمسح به، وإن كان صغيراً فأمكنه أن يضعه بين عقبيه، أو بين أصابعه، ويمسح ذكره عليه؛ فعل، وإن لم يمكنه، أمسكه بيمينه، ومسح بيساره؛ لموضع الحاجة. وقيل: يمسك ذكره بيمينه، ويمسح بشماله؛ ليكون المسح بغير اليمين.
    والأول أولى؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه» . وإذا أمسك الحجر باليمين، ومسح الذكر عليه، لم يكن ماسحاً باليمين، ولا ممسكاً للذكر بها، وإن كان أقطع اليسرى، أو بها مرض، استجمر بيمينه؛ للحاجة. ولا يكره الاستعانة بها في الماء؛ لأن الحاجة داعية إليه.
    وإن استجمر بيمينه مع الغنى عنه، أجزأه في قول أكثر أهل العلم. وحكي عن بعض أهل الظاهر أنه لا يجزئه؛ لأنه منهي عنه، فلم يفد مقصوده، كما لو استنجى بالروث والرمة، فإن النهي يتناول الأمرين، والفرق بينهما أن الروث آلة الاستجمار المباشرة للمحل وشرطه، فلم يجز استعمال المنهي عنه فيها، واليد ليست المباشرة للمحل ولا شرطاً فيه، إنما يتناول بها الحجر الملاقي للمحل، فصار النهي عنها نهي تأديب، لا يمنع الإجزاء. انتهى 
     


    (1)  رواه مسلم (262). 

    (2) رواه البخاري (153)، ومسلم (267) (63). 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم