• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: تجديد الوضوء لكل صلاة
  • رقم الفتوى: 1370
  • تاريخ الإضافة: 2 رجب 1440
  • السؤال
    أرجو من فضيلتكم توضيح معنى قوله تعالى " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ " هل تفيد وجوب الوضوء لأجل الصلاة سواء كنت على وضوء أم لا ؟
  • الاجابة

    الوضوء واجب للصلاة على كل محدث؛ لقول الله تبارك وتعالى: { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين }.

    وهو شرط لا تصح الصلاة إلا به؛ لقول النبي ﷺ: « لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ »([1]).

    وقال ابن المنذر: « أجمع أهل العلم على أن الصلاة لا تجزئ إلا بطهارة إذا وجد المرء إليها السبيل »([2]).

    ووجوب الوضوء على المحدث فقط، وأما من لم يحدث فصلاته صحيحة من غير وضوء جديد؛ لأن النبي ﷺ صلى يوم الفتح الصلوات كلها بوضوء واحد، وقال: «عمداً صنعته»([3]) أي ليبين الجواز.

    وجاء عن أنس رضي الله عنه أنه قال: إن النبي ﷺ كان يتوضأ لكل صلاة فقيل له : وأنتم؟ قال: نحن كنا نصلي أكثر من صلاة بوضوء واحد([4]) - وهذه سنة تقريرية - .

    وإذا أخذنا بالآية - { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين } - هكذا على ظاهرها كان واجباً على كل من أراد أن يصلي أن يتوضأ سواء كان متوضئاً أو غير متوضئ، لكن لما ورد عن النبي ﷺ أن هذا ليس بلازم احتجنا إلى تفسير لهذه الآية، وصرف لها عن ظاهرها، فقدّر أهل العلم أن معناها: « إذا قمتم إلى الصلاة محدثين فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ».

    وهذا تقدير جمهور علماء الإسلام عملاً بجميع الأدلة الواردة في ذلك.

    فالوضوء واجب على المحدِث إذا أراد أن يصلي، ومستحب للمتوضئ تجديد وضوئه؛ لأن النبي كان يتوضأ عند كل صلاة كما جاء في حديث أنس. والله أعلم.

    قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري رحمه الله في الأوسط (1/ 219-223): أوجب الله تعالى الطهارة للصلاة في كتابه، فقال جل ثناؤه: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}، وقال جل ثناؤه: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} [النساء: 43]، ودلت الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجوب فرض الطهارة للصلاة، واتفق علماء الأمة أن الصلاة لا تجزئ إلا بها إذا وجد السبيل إليها.

    وقال: وظاهر قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم} [المائدة: 6] الآية يوجب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة، فدل قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وصلوات بوضوء واحد؛ على أن فرض الطهارة على من قام إلى الصلاة محدثاً، دون من قام إليها طاهراً.

    وقال: وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة الظهر والعصر بوضوء واحد، وكذلك فعل بالمزدلفة جمع بين المغرب والعشاء بوضوء واحد، ولم تزل الأئمة تفعل ذلك بعده، وقد قام إلى العصر وإلى العشاء، ولم يذكر أحد أنه أحدث لذلك طهارة، والأخبار في هذا المعنى تكثر، فدل كل ما ذكرناه على أن المأمور بالطهارة من قام إلى الصلاة محدثاً دون من قام إليها طاهراً.
    وقد أجمع أهل العلم على أن لمن تطهر للصلاة أن يصلي ما شاء بطهارته من الصلوات إلا أن يحدث حدثاً ينقض طهارته، وكان زيد بن أسلم يقول: نزلت الآية يعني قوله: {إذا قمتم إلى الصلاة} [المائدة: 6] يعني إذا قمتم من المضاجع يعني النوم. انتهى باختصار. والله أعلم 

     


    ([1]) أخرجه البخاري (6954)، ومسلم (225) عن أبي هريرة .

    ([2]) « الإجماع لابن المنذر » (ص33).

    ([3]) أخرجه مسلم (277) عن بريدة .

    ([4]) أخرجه البخاري (214).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم