• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حدود مسح الراس في الوضوء
  • رقم الفتوى: 1404
  • تاريخ الإضافة: 8 رجب 1440
  • السؤال
    رجل توضأ فمسح بعض رأسه ولم يمسحه كاملاً، فهل وضوءه صحيح ؟
  • الاجابة

    اختلف أهل العلم في ذلك، ومن أسباب الاختلاف اختلافهم في فهم آية {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} هل الباء تبعيضية أم للإلصاق؟

    الآية تحتمل هذا وهذا، وأما السنة فلم يثبت عن النبي ﷺ أنه مسح بعض رأسه إلا مع العمامة.

    وصحَّ عن ابن عمر الاكتفاء بمسح بعض الرأس؛ قاله ابن المنذر وغيره، ولم يصح عن أحد من الصحابة إنكار ذلك؛ قاله ابن حزم، قال في المحلى (1/ 299):  ولا يعرف عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - خلاف لما رويناه عن ابن عمر في ذلك، ولا حجة لمن خالفنا فيمن روى عنه من الصحابة وغيرهم مسح جميع رأسه؛ لأننا لا ننكر ذلك بل نستحبه، وإنما نطالبهم بمن أنكر الاقتصار على بعض الرأس في الوضوء فلا يجدونه. انتهى

    فبناء على ذلك نقول: يجزئ مسح بعض الرأس، والأحوط تعميم المسح، فوضوء الرجل صحيح. والله أعلم .
    قال ابن المنذر في الأوسط (2/ 42):  
    واختلفوا فيمن مسح رأسه بيده أو بأصبعه أو بما أشبه ذلك، فقالت طائفة: يجزي المسح بأصبع واحدة، هكذا قال الثوري، وحكي عن ابن المبارك أنه قال: لا بأس بالمسح بأصبعين، وكان الشافعي يقول: يجزي المسح بأصبع أو بعض أصبع، وقال الثوري: لو لم تصب المرأة إلا شعرة واحدة أجزأها، وقال أحمد: يجزي المرأة أن تمسح بمقدم رأسها، وقال إسحاق: إن اقتصرت على ذلك رجوت أن يجزئها، وقال الأوزاعي: يجزي مسح مقدم رأسك، وقال الحسن: يجزي من مسح الرأس مسح بعضه، وقال النخعي: أي رأسك أمسست الماء أجزأك، ومسح ابن عمر رأسه اليافوخ فقط.
    حدثنا إسحاق عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر، كان يدخل يده في الوضوء فيمسح بها مسحة واحدة اليافوخ فقط.

    وفيه قول ثان قاله مالك فيمن يمسح مقدم رأسه قال: يعيد الصلاة، أرأيت لو غسل بعض وجهه أو ذراعيه أو رجليه.

    قال أبو بكر: فظاهر تشبيهه مسح بعض الرأس بغسل بعض الوجه يدل على أن لا يجزي إلا مسح جميع الرأس.
    قال أبو بكر: وهذا القول يوافق حديث الربيع أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح الرأس كله.

     وفيه قول ثالث وهو أن من مسح رأسه بثلاث أصابع فصاعداً أجزأه، وإن مسحه بأقل من ثلاث أصابع، أصبع أو أصبعين؛ لم يجزئه، هذا قول أصحاب الرأي، وقد حكي عن زفر أنه قال: إن مسح رأسه بأصبع أو أصبعين فمسح قدر ثلث رأسه أو ربعه أن ذلك يجزئه، وحكي عن النعمان وأبي يوسف وزفر أنهم قالوا: لا يجزئه أقل من ثلث رأسه، فإن مسح أقل لم يجزئه.

     وفيه قول رابع قاله محمد بن مسلمة قال: ومن مسح بعض رأسه وترك بعضاً، نظرنا فإن كان خفيفاً أو كان ما مسح أكثره، قال: ونحن نرى الخفيف الثلث أو شبيهاً به أجزأ عنه؛ لأن المسح لا يستوعب الرأس، فإن كان الذي مسح خفيفاً أقل مما ذكرنا فكأنه لم يمسح برأسه، فليمسح رأسه وليعد صلاته إن كان صلى.

    قال أبو بكر: ليس يجوز في هذا الباب إلا واحد من قولين: إما أن يجب مسح جميع الرأس، أو يجزي ما وقع عليه اسم مسح قل ذلك أو كثر، فأما تحديد من حدد بالثلث أو الربع أو ثلاث أصابع، فغير جائز قبول هذا إلا ممن فرض الله طاعته.
    وقد احتج بعض من يرى أن مسح بعض الرأس يجزي أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين، وأجمعوا على أن المسح على الخف كله غير واجب، وجائز في اللغة أن يقال للرجل: مسح بالكعبة وهو يريد بعض الكعبة، ويقال لمن مسح بعض رأس يتيم هو ماسح رأس يتيم، كذلك يقال من مسح بعض رأسه أنه مسح برأسه.

    ولا يجزي في قول الشافعي وأصحاب الرأي المسح على الشعر الساقط عن الرأس على المنكبين وأسفل من ذلك. انتهى 
    وانظر لكيفية المسح الفتوى رقم (1420).

     

    ([1]) أخرجه البخاري (185)، ومسلم (235) عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم