• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: غسل الساق والعضد في الوضوء
  • رقم الفتوى: 1451
  • تاريخ الإضافة: 11 رجب 1440
  • السؤال
    هل تستحب الزيادة في غسل الذراعين والرجلين في الوضوء، بحيث يزيد المتوضئ كثيراً في العضد ويغسله ويزيد في الساق ويغسله؟
  • الاجابة

     لا يستحب ذلك؛ فإنه لم يكن من هدي النبي - ﷺ - فعل ذلك، وخير الهدي هدي محمد -ﷺ- والذي ورد عنه أنه أشرع في العضد والساق، أي بدأ بشيء يسير منها، بحيث يستوعب الواجب فقط. 

    ومن قال بالاستحباب تبع أبا هريرة رضي الله عنه، فقد جاء عن النبي ﷺ أنه قال: « إن أمتي يأتون يوم القيامة غرّاً محجلين من آثار الوضوء ». قال أبو هريرة: «فمن استطاع أن يطيل غرّته فليفعل»([1]).

    وقد جاءت هذه اللفظة مرفوعة، وهي قول أبي هريرة: « فمن استطاع أن يطيل غرّته فليفعل » ولا تصح، فإنها اجتهاد من أبي هريرة ، من كلامه.

    والبياض الذي يكون على المسلم يوم القيامة، يكون في مواضع الوضوء التي شرعها الله سبحانه وتعالى من غير زيادة، ويخشى على من زاد أن يدخل في حديث « هذا وضوئي فمن زاد على ذلك فقد تعدّى وأساء وظَلم »([2]) والله أعلم.

    قال ابن تيمية رحمه الله (1/ 278): ...ومثل هذا لا تثبت به شريعة كسائر ما ينقل عن آحاد الصحابة في جنس العبادات أو الإباحات أو الإيجابات أو التحريمات إذا لم يوافقه غيره من الصحابة عليه - وكان ما يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم يخالفه لا يوافقه - لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين اتباعها بل غايته أن يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد، ومما تنازعت فيه الأمة، فيجب رده إلى الله والرسول، ولهذا نظائر كثيرة، مثل ما كان ابن عمر يدخل الماء في عينيه في الوضوء، ويأخذ لأذنيه ماء جديداً، وكان أبو هريرة يغسل يديه إلى العضدين في الوضوء، ويقول: من استطاع أن يطيل غرته فليفعل، وروي عنه أنه كان يمسح عنقه، ويقول هو موضع الغل، فإن هذا وإن استحبه طائفة من العلماء اتباعاً لهما، فقد خالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: سائر الصحابة لم يكونوا يتوضؤون هكذا، والوضوء الثابت عنه صلى الله عليه وسلم الذي في الصحيحين وغيرهما من غير وجه ليس فيه أخذ ماء جديد للأذنين، ولا غسل ما زاد على المرفقين والكعبين، ولا مسح العنق، ولا قال النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع أن يطيل غرته فليفعل، بل هذا من كلام أبي هريرة جاء مدرجاً في بعض الأحاديث، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنكم تأتون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء" وكان صلى الله عليه وسلم يتوضأ حتى يشرع في العضد والساق، قال أبو هريرة: من استطاع أن يطيل غرته فليفعل، وظن من ظن أن غسل العضد من إطالة الغرة، وهذا لا معنى له؛ فإن الغرة في الوجه لا في اليد والرجل، وإنما في اليد والرجل الحجلة، والغرة لا يمكن إطالتها؛ فإن الوجه يغسل كله لا يغسل الرأس ولا غرة في الرأس والحجلة لا يستحب إطالتها وإطالتها مثلة...انتهى

    وقال ابن حجر في فتح الباري (1/ 236): واختلف العلماء في القدر المستحب من التطويل في التحجيل، فقيل: إلى المنكب والركبة، وقد ثبت عن أبي هريرة رواية ورأياً، وعن ابن عمر من فعله، أخرجه ابن أبي شيبة وأبو عبيد بإسناد حسن.

     وقيل المستحب الزيادة إلى نصف العضد والساق.

    وقيل إلى فوق ذلك.

    وقال ابن بطال وطائفة من المالكية لا تستحب الزيادة على الكعب والمرفق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من زاد على هذا فقد أساء وظلم".

     وكلامهم معترض من وجوه، ورواية مسلم صريحة في الاستحباب فلا تعارض بالاحتمال، وأما دعواهم اتفاق العلماء على خلاف مذهب أبي هريرة في ذلك، فهي مردودة بما نقلناه عن ابن عمر، وقد صرح باستحبابه جماعة من السلف وأكثر الشافعية والحنفية...انتهى باختصار.
    وانظر لخلاف الشافعية المجموع للنووي (1/ 428).


    ([1]) البخاري (136)، ومسلم (246) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

    ([2]) أخرجه أحمد (6684)، وأبو داود (135)، والنسائي (140)، وابن ماجه (422) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .  

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم