• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: وجوب الغسل على من دخل في الإسلام
  • رقم الفتوى: 1524
  • تاريخ الإضافة: 19 رجب 1440
  • السؤال
    يرى بعض الفقهاء أن الغسل غير واجب على من دخل في الإسلام فما هو الراجح عندكم في ذلك ؟
  • الاجابة

    يجب الغسل بدخول الكافر في الإسلام، ودليله حديث قيس بن عاصم: «أتيت النبي ﷺ أريد الإسلام، فأمرني بماء وسدر»([1])، والحديث صحيح. والله أعلم.

    قال ابن المنذر في الأوسط (2/ 236): واختلفوا في الكافر يسلم، فقالت طائفة بظاهر هذا الحديث - يعني حديث قيس-: عليه أن يغتسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، وأمره على الوجوب، ولأن الكافر لا يكاد يخلو من الجنابة في كفره من احتلام أو جماع ولا يغتسل، ولو اغتسل لم ينفعه ذلك؛ لأن الاغتسال من الجنابة فريضة من الفرائض لا يجوز أن يؤتى بها إلا بعد الإيمان، كما لا يجوز أداء شيء من الفرائض مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج إلا بعد الإيمان.

    وممن كان يرى أن يغتسل مالك، وأوجب ذلك أبو ثور وأحمد.

    وفيه قول ثان قاله الشافعي قال: «إذا أسلم المشرك أحببت له أن يغتسل فإن لم يفعل ولم يكن جنباً أجزأه أن يتوضأ ويصلي».

    قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. انتهى

     وقال ابن قدامة في المغني (1/ 152): وجملته أن الكافر إذا أسلم وجب عليه الغسل، سواء كان أصلياً، أو مرتداً، اغتسل قبل إسلامه أو لم يغتسل، وجد منه في زمن كفره ما يوجب الغسل أو لم يوجد. وهذا مذهب مالك وأبي ثور وابن المنذر، وقال أبو بكر: يستحب الغسل، وليس بواجب، إلا أن يكون قد وجدت منه جنابة زمن كفره، فعليه الغسل إذا أسلم سواء كان قد اغتسل في زمن كفره أو لم يغتسل. وهذا مذهب الشافعي.
    ولم يوجب عليه أبو حنيفة الغسل بحال؛ لأن العدد الكثير والجم الغفير أسلموا، فلو أمر كل من أسلم بالغسل، لنقل نقلا متواتراً أو ظاهراً؛ ولأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» . ولو كان الغسل واجباً لأمرهم به؛ لأنه أول واجبات الإسلام.
    ولنا: ما روى قيس بن عاصم، قال: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماء وسدر" رواه أبو داود، والنسائي، وأمره يقتضي الوجوب، وما ذكروه من قلة النقل، فلا يصح ممن أوجب الغسل على من أسلم بعد الجنابة في شركه، فإن الظاهر أن البالغ لا يسلم منها، ثم إن الخبر إذا صح كان حجة من غير اعتبار شرط آخر، على أنه قد روي، أن سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، حين أرادا الإسلام، سألا مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة: كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الأمر؟ قالا: "نغتسل، ونشهد شهادة الحق".
    وهذا يدل على أنه كان مستفيضاً؛ ولأن الكافر لا يَسلم غالباً من جنابة تلحقه، ونجاسة تصيبه، وهو لا يغتسل، ولا يرتفع حدثه إذا اغتسل، فأقيمت مظنة ذلك مقام حقيقته، كما أقيم النوم مقام الحدث، والتقاء الختانين مقام الإنزال. انتهى والله أعلم 

    ولمعرفة قول الشافعية والأحناف ودليلهم انظر المجموع للنووي (2/ 152).


    ([1]) أخرجه أبو داود (355)، والترمذي (605)، والنسائي (188). 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم