• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم غسل الجمعة
  • رقم الفتوى: 1551
  • تاريخ الإضافة: 21 رجب 1440
  • السؤال
    ما هي أرجح الأقوال في غسل الجمعة هل هو واجب أم مستحب ؟
  • الاجابة

     الصحيح أن غسل الجمعة مستحب، ليس واجباً؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غُفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام »([1]).

    قال الحافظ ابن حجر: « إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل للجمعة». انتهى([2]).

    ووجه الدلالة من الحديث: ذكر الوضوء وما معه، مرتباً عليه الثواب المقتضِي للصحة، يدلُّ على أن الوضوء كاف.

    وقد استدل من قال بالوجوب بحديث النبي ﷺ: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلمٍ » متفق عليه([3])، وقوله: « إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل » متفق عليه([4]).

    قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: «احتمل الوجوب هنا معنيين، الظاهر منهما أنه واجب، فلا تجزئ الطهارة لصلاة الجمعة إلا بالغسل، واحتمل أنه واجب في الاختيار وكرم الأخلاق والنظافة ونفي تغير الريح عند اجتماع الناس، كما يقول الرجل للرجل: وجب حقك عليّ إذا رأيتني موضعاً لحاجتك »([5]).

    ثم رجّح المعنى الثاني مع أن الأول هو الظاهر، ولكنه أتى بدليل يدلّ على أن المعنى الثاني هو المراد.

    والدليل الذي استدلّ به، حديث عمر رضي الله عنه: عندما دخل عثمان يوم الجمعة وعمر على المنبر يخطب، أنكر عمر على عثمان تأخّره، فاعتذر عثمان بأنه انشغل في السوق ثم جاء لما سمع النداء، فقال له عمر: "والوضوء أيضاً! وقد علمت أن رسول الله كان يأمر بالغسل" ([6]).

    قال الشافعي: « لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل، دلّ ذلك على أنهما قد علما أن الأمر بالغسل للاختيار».

    قال: «وروت عائشة الأمر بالغسل يوم الجمعة، قالت: «كان الناس عمّال أنفسهم، فكانوا يروحون بهيئاتهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم »([7]) انتهى.

    ووجه الدلالة من الحديث الأخير أن تقدير الكلام: لو اغتسلتم لكان أفضل وأكمل، وهذا يدل على الاستحباب. والله أعلم.

    قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 45): ذكر اختلاف أهل العلم في وجوب غسل يوم الجمعة.
    اختلف أهل العلم في وجوب الغسل يوم الجمعة، فقالت طائفة: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، كذلك قال أبو هريرة.
    وروينا عن عمر أنه قال في شيء: لأنا إذا أعجز ممن لا يغتسل يوم الجمعة. وعن أبي سعيد الخدري أنه قال: ثلاث حق على كل مسلم في يوم الجمعة: الغسل، والسواك، ويمس طيباً إن وجده. وتناول عمار بن ياسر رجلاً، فقال: أنا إذاً أشر من الذي لا يغتسل يوم الجمعة.
    وروينا عن ابن عباس أنه قال: ما شعرت أن أحداً يرى أن له طهوراً يوم الجمعة غير الغسل، حتى قدمت هذا البلد. يعني البصرة.
    وقال: وكان الحسن يرى الغسل يوم الجمعة واجباً، ويأمر به، وكان مالك يقول: من اغتسل يوم الجمعة في أول نهاره وهو يريد به غسل الجمعة، فإن ذلك الغسل لا يجزئ عنه، حتى يغتسل لرواحه.
    وقالت طائفة: الغسل سنة وليس فرضاً، قال عبد الله بن مسعود: غسل يوم الجمعة سنة.
    وكان ابن عباس يأمر بالغسل، قال عطاء: من غير أن يأثم من تركه. وهو الراوي الحديث عن ابن عباس. وروينا عن ابن عباس أنه قال: ليس الغسل بمحتوم.
    وقال: وممن كان لا يرى الغسل فرضاً لازماً: الأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والنعمان وأصحابه.
    وقال: قد ذكر الأخبار الدالة على أن الاغتسال يوم الجمعة ليس بفرض، وأن ذلك ندب، وبها نقول. انتهى باختصار.

    وقال ابن قدامة في المغني (2/ 256): وليس ذلك بواجب في قول أكثر أهل العلم، قال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم، وهو قول الأوزاعي، والثوري، ومالك، والشافعي، وابن المنذر وأصحاب الرأي، وقيل: إن هذا إجماع. انتهى 


    ([1]) أخرجه مسلم (857) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

    ([2]) «تلخيص الحبير» (2/135).

    ([3]) أخرجه البخاري (858)، ومسلم (5) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .

    ([4]) أخرجه البخاري (879)، ومسلم (846).

    ([5]) «الرسالة» (ص303)، وانظر «فتح الباري» (2/316).

    ([6]) أخرجه البخاري (878)، ومسلم (845) .

    ([7]) أخرجه البخاري (2071). 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم