• نوع الفتوى: عقيدة
  • عنوان الفتوى: الجنة والنار موجودتان الآن، ولا تفنيان
  • رقم الفتوى: 1573
  • تاريخ الإضافة: 23 رجب 1440
  • السؤال
    هل الجنة والنار موجودتان الآن أم تخلقان يوم القيامة؟ وهل تفنيان؟
  • الاجابة

    الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن، ودليل ذلك قول الله عز وجل:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران: 133] أي هي معدَّة وجاهزة وموجودة للمتقين، وكذا النار؛ قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة: 24].

    وجاء في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الجنة ورأى أقواماً ينعَّمون فيها، ورأى النار ورأى أقواماً يعذبون فيها؛ ومنها حديث صلاة الكسوف، عن عائشة قالت: خسفت الشمس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة طويلة، ثم ركع فأطال، ثم رفع رأسه، ثم استفتح بسورة أخرى، ثم ركع حتى قضاها وسجد، ثم فعل ذلك في الثانية، ثم قال: «إنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتم ذلك فصلوا، حتى يفرج عنكم، لقد رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدته، حتى لقد رأيت أريد أن آخذ قطفاً من الجنة، حين رأيتموني جعلت أتقدم، ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً، حين رأيتموني تأخرت، ورأيت فيها عمرو بن لحي وهو الذي سيب السوائب» أخرجه البخاري (1212)، ومسلم (901).

    وفي حديث ابن عباس:  فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني رأيت الجنة، أو أُريت الجنة، فتناولت منها عنقوداً، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار، فلم أر كاليوم منظرا قط، ورأيت أكثر أهلها النساء» قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: «بكفرهن» قيل: يكفرن بالله؟ قال: " يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط » أخرجه البخاري(5197)، ومسلم (907).

    فالقول بأنهما تخلقان يوم القيامة غير مخلوقتين الآن قول باطل.

    والجنة والنار تبقيان إلى ما لا نهاية؛ لا تفنيان البتة، وللجنة أهلها خالدون أبداً فيها لا ينقطع عنهم النعيم أبداً، وللنار أهلها من غير الموحدين خالدون فيها أبداً، لا يخرجون منها ولا ينقطع عنهم العذاب أبداً، وأدلة ذلك من الكتاب والسنة كثيرة؛ قال الله تعالى: {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}[البينة: 8] أي لا ينقطع خلودهم البتة، وقال تعالى {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}[هود: 108] 

    وقال عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}[النساء: 168-169]، وقال أيضاً: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}[الزخرف: 74-75].

    فهذا ردُّ على الذين قالوا بفناء النار، وهو قول مردود باطل مُبتدَع لا يُقبَلُ من قائله؛ لمخالفته لهذه الأدلة الواضحة الصريحة المُحكمة.
    ونقل الآجري الإجماع على هذا.

    قال رحمه الله في الشريعة (3/ 1343): «كتاب الإيمان والتصديق بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأن نعيم الجنة لا ينقطع عن أهلها أبداً، وأن عذاب النار لا ينقطع عن أهلها أبداً. قال محمد بن الحسين رحمه الله: اعلموا رحمنا الله وإياكم أن القرآن شاهد أن الله عز وجل خلق الجنة والنار قبل أن يخلق آدم عليه الصلاة والسلام، وخلق للجنة أهلاً، وللنار أهلاً، قبل أن يخرجهم إلى الدنيا، لا يختلف في هذا من شمله الإسلام، وذاق حلاوة طعم الإيمان، دل على ذلك القرآن والسنة، فنعوذ بالله ممن يكذب بهذا». انتهى ثم ذكر الأدلة على ذلك.

    وقال البربهاري في شرح السنة(ص48): «والإيمان بأن الجنة حق والنار حق، والجنة والنار مخلوقتان، الجنة في السماء السابعة، وسقفها العرش، والنار تحت الأرض السابعة السفلى، وهما مخلوقتان، قد علم الله عدد أهل الجنة ومن يدخلها، وعدد أهل النار ومن يدخلها، لا تفنيان أبداً، هما مع بقاء الله تبارك وتعالى أبد الآبدين، في دهر الداهرين، وآدم كان في الجنة الباقية المخلوقة، فأخرج منها بعدما عصى الله»، وقال في آخر كتابه(ص103): «وجميع ما وصفت لك في هذا الكتاب، فهو عن الله، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابه وعن التابعين، والقرن الثالث إلى القرن الرابع». انتهى 

    وقال أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص 24): «ويشهد أهل السنة أن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما باقيتان لا يفنيان أبداً، وأن أهل الجنة لا يخرجون منها أبداً، وكذلك أهل النار الذين هم أهلها خلقوا لها، لايخرجون أبداً، وأن المنادي ينادي يومئذ " يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت " على ما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم». انتهى

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم