• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم وطء الحائض
  • رقم الفتوى: 1601
  • تاريخ الإضافة: 27 رجب 1440
  • السؤال
    هل يجوز جماع الحائض قبل أن تغتسل ؟
  • الاجابة

    لا يجوز جماع الحائض حتى تطهر وتغتسل، لا يجوز جماعها قبل الغسل.

     لقوله تبارك وتعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهُرن فإذا تطهّرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهّرين}. والله أعلم.

    قال ابن المنذر في الأوسط (2/ 341):اختلف أهل العلم في وطء الرجل زوجته بعد انقطاع دمها قبل أن تغتسل.
    فمنعت من ذلك طائفة، وممن منع منه أو كرهه: سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار والزهري وربيعة ومالك بن أنس والليث بن سعد وسفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور.

    وقالت فرقة: إذا أدرك الزوج الشبق أمرها أن تتوضأ ثم أصاب منها إن شاء، روي هذا القول عن عطاء وطاوس ومجاهد.
    واحتج بعض من نهى عن ذلك بظاهر الكتاب، وهو قول الله جل ذكره {ولا تقربوهن حتى يطهرن} [البقرة: 222] الآية، ومنع الجميع الزوج وطأها في حال الحيض، فلما اختلفوا بعد إجماعهم من منع وطئها في حال الحيض، وجب أن يكون التحريم قائماً حتى يتفقوا على الإباحة، ولم يتفقوا قط إلا بعد أن تطهر بالماء في حال وجود الماء.

    قال أبو بكر: فأما ما روي عن عطاء وطاوس ومجاهد فقد روينا عن عطاء ومجاهد خلاف هذا القول، ثبت عن عطاء أنه سئل عن الحائض ترى الطهر ولم تغتسل تحل لزوجها؟ فقال: لا حتى تغتسل.

    حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عنه وعن مجاهد، أنهما قالا: «لا يأتيها حتى تحل لها الصلاة»
    حدثناه يحيى، عن الحجبي، عن يحيى بن سعيد، عن عثمان بن الأسود عنه.

    قال أبو بكر: فهذا ثابت عنهما، والذي روى عن طاوس وعطاء ومجاهد الرخصة ليث بن أبي سليم، وليث ممن لا يجوز أن يقابل به ابن جريج، ولو لم يخالفه ابن جريج لم تثبت رواية ليث بن أبي سليم.

     وإذا بطلت الروايات التي رويت عن عطاء وطاوس ومجاهد كان المنع من وطء من قد طهرت من المحيض ولمّا تطهر بالماء؛ كالإجماع من أهل العلم، إلا ما قد ذكرناه من منع ذلك، ولا نجد أحداً ممن يعد قوله خلافاً قابلهم، إلا بعض من أدركنا من أهل زماننا ممن لا يجوز أن يقابل عوام أهل العلم به. 

    واحتج بعض من أدركناه ممن يخالف ما عليه عوام أهل العلم، فقال: نهى الله تبارك وتعالى عن وطء الحائض، وأباح وطء الطاهر بقوله {ولا تقربوهن حتى يطهرن} [البقرة: 222]
    وأجمعوا أن للزوج وطأ زوجته الطاهر، ولو كانت إذا انقطع دمها إنما تطهر باغتسالها وجب ما لم يكن الغسل منها أنها حائض، وليس على الحائض عند الجميع غسل، والحيض معنى والطهر ضده، ولما حظر الله تبارك اسمه وطأ الحائض وأباح وطأ الطاهر ولزم الحائض الاسم لظهور الدم؛ وجب أنها طاهر لانقطاعه وظهور النقاء. 

    وقال آخر: حرم الله جل ذكره وطأ الحائض حتى تطهر بقول الله جل وعز: {ولا تقربوهن حتى يطهرن} [البقرة: 222] قال: فكان وطؤها إذا طهرت من الحيض قبل أن تطهر بالماء مباحاً؛ لأن النهي لما لم يقع في هذه الحال كان داخلاً في جملة قوله:" وما سكت عنه فهو معفو عنه".
    وقال آخر: وقوله {حتى يطهرن} [البقرة: 222] فإذا تطهرن يحتمل غسلهن فروجهن ويحتمل: اغتسلن.

    قال أبو بكر: والذي به أقول ما عليه جل أهل العلم أن لا يطأ الرجل زوجته إذا طهرت من المحيض حتى تطهر بالماء. والله أعلم

    وقال ابن قدامة في المغني(1/ 245): وجملته أن وطء الحائض قبل الغسل حرام، وإن انقطع دمها في قول أكثر أهل العلم.

    قال ابن المنذر: هذا كالإجماع منهم. وقال أحمد بن محمد المروذي: لا أعلم في هذا خلافاً.

    وقال أبو حنيفة: إن انقطع الدم لأكثر الحيض، حل وطؤها، وإن انقطع لدون ذلك، لم يبح حتى تغتسل، أو تتيمم، أو يمضي عليها وقت صلاة؛ لأن وجوب الغسل لا يمنع من الوطء بالجنابة.

    ولنا، قول الله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} [البقرة: 222] . يعني إذا اغتسلن. هكذا فسره ابن عباس؛ ولأن الله تعالى قال في الآية: {ويحب المتطهرين} [البقرة: 222] . فأثنى عليهم، فيدل على أنه فعل منهم أثنى عليهم به، وفعلهم هو الاغتسال دون انقطاع الدم، فشرط لإباحة الوطء شرطين: انقطاع الدم، والاغتسال، فلا يباح إلا بهما.

     كقوله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} [النساء: 6] . لما اشترط لدفع المال إليهم بلوغ النكاح والرشد لم يبح إلا بهما. كذا هاهنا؛ ولأنها ممنوعة من الصلاة لحدث الحيض، فلم يبح وطؤها كما لو انقطع لأقل الحيض. وما ذكروه من المعنى منقوض بما إذا انقطع لأقل الحيض؛ ولأن حدث الحيض آكد من حدث الجنابة، فلا يصح قياسه عليه. انتهى والله أعلم 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم