• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: علامات ثبوت دخول شهر رمضان
  • رقم الفتوى: 1639
  • تاريخ الإضافة: 2 شعبان 1440
  • السؤال
    بماذا يثبت دخول شهر رمضان ؟ وهل الحسابات الفلكية معتبرة في ذلك أفيدونا بارك الله فيكم ؟
  • الاجابة

    دخول شهر رمضان يثبت بطريقتين:

     إما رؤية الهلال؛ هلال شهر رمضان لقوله ﷺ: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»([1])، أي، صوموا لرؤية الهلال وأفطروا لرؤية الهلال ، والرؤية المقصودة هنا الرؤية العينية.

     أو إكمال شهر شعبان ثلاثين يوماً لقوله ﷺ في حديث أبي هريرة: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين»([2])، «فإن غُّمَ عليكم» أي سُتِرَ وغُطِّيَ بالغيم أو بغيره بحيث إنكم لا تستطيعون رؤية الهلال، فأكملوا عدة الشهر ثلاثين يوماً، فالشهر يدخل برؤية الهلال، أو بإكمال شهر شعبان ثلاثين يوماً، والرؤية تثبت برؤية عدل واحد من المسلمين.

    أما الحسابات الفلكية فإنها غير معتبرة، فإن الله تبارك وتعالى إذا وضع علامة من العلامات على وجوب عبادة من العبادات، وضع علامة واضحة يشترك كل الناس في معرفتها، فالرؤية التي أمر بها النبي ﷺ ها هنا هي رؤية عينية، وجاء في الحديث أنه قال: « إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين»([3]) .

    فالاعتماد في رؤية الهلال يجب أن يكون على البصر، على العين، أو ما كان في حكمها كالمِقَراب (التلسكوب)، ونحوه مما يساعد على الرؤية العينية فقط، إن رأيناه صُمنا وإن لم نره أكملنا عدة الشهر ثلاثين يوماً كما جاء في الأحاديث السابقة ، والله أعلم.

    قال ابن المنذر في الأوسط (6/ 233): "وذهب عامة أهل العلم إلى أنه لا يصوم ولا يفطر إلا برؤية الهلال، أو إكمال العدد ثلاثين، وكان أحمد بن حنبل يذهب مذهب ابن عمر، أنه إذا لم ير الهلال لتسع وعشرين من شعبان لعلة في السماء، صام الناس، وإن كان صحوا لم يصوموا". انتهى

    وقال ابن عبد البر في التمهيد(14/ 350): "وقد كان بعض جلة التابعين فيما حكاه عنه محمد بن سيرين يذهب في هذا الباب إلى اعتباره بالنجوم ومنازل القمر وطريق الحساب، وذهب بعض فقهاء البصريين إلى أن معنى قوله عليه السلام: "فاقدروا له" ارتقاب منازل القمر، وهو علم كانت العرب تعرف منه قريباً من علم العجم ..." إلى أن قال: "وهو مذهب تركه العلماء قديماً وحديثاً للأحاديث الثابتة عن النبي عليه السلام "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين" ولم يتعلق أحد من فقهاء المسلمين فيما علمت باعتبار المنازل في ذلك، وإنما هو شيء روي عن مطرف بن الشخير وليس بصحيح عنه. والله أعلم، ولو صح ما وجب اتباعه عليه لشذوذه ولمخالفة الحجة له، وقد تأول بعض فقهاء البصرة في معنى قوله في الحديث "فاقدروا له" نحو ذلك، والقول فيه واحد، وقال ابن قتيبة في قوله: "فاقدروا له" أي فقدروا السير والمنازل، وهو قول قد ذكرنا شذوذه ومخالفة أهل العلم له، وليس هذا من شأن ابن قتيبة ولا هو ممن يعرج عليه في هذا الباب، وقد حكي عن الشافعي أنه قال: من كان مذهبه الاستدلال بالنجوم ومنازل القمر، ثم تبين له من جهة النجوم أن الهلال الليلة وغم عليه جاز له أن يعتقد الصيام ويبيته ويجزئه. والصحيح عنه في كتبه وعند أصحابه: أنه لا يصح اعتقاد رمضان إلا برؤية أو شهادة عادلة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوماً"" . انتهى المراد والله أعلم 

    وقد أشبع ابن تيمية هذه المسألة قولاً، تجد كلامه في مجموع الفتاوى (25/ 126).

    وقال ابن باز: "الحسابون لا يعمل بقولهم، يقول صلى الله عليه وسلم: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا- وأشار بأصابعه العشر ثلاث مرات يعني ثلاثين - والشهر هكذا وهكذا وهكذا، وخنس إبهامه في الثالثة يعني تسعا وعشرين» . ويقول: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروا الهلال، فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» .
    أما الحسابون فلا يلتفت إليهم ولا يعول على حسابهم، ولا ينبغي لهم أن ينشروا حسابهم، وينبغي منعهم من نشر حساباتهم؛ لأنهم بذلك يشوشون على الناس، لا في مسألة رؤية الهلال ولا في مسألة الكسوفات؛ لما في إعلانهم من التشويش على الناس، ولأنه لا يجوز العمل بقولهم. وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إجماع أهل العلم على أنه لا يعتمد على قول أهل الحساب في دخول رمضان ولا في خروجه". مجموع الفتاوى (15/ 135).

    وقال (15/ 137): "قد دلت الأدلة الشرعية وإجماع سلف الأمة على أن الحساب لا يعول عليه، وإنما المعول على الرؤية أو إكمال العدة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة » : وقال صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوماً » وفي لفظ: «فصوموا ثلاثين» ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
    وقد ثبتت رؤية الهلال ليلة الخميس بأكثر من شاهدين، وبذلك تعلمون أنه لا يعول على الحساب، والشاهدان كافيان دخولا وخروجا، والشاهد الواحد كاف في الدخول، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}، وأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وإياكم وسائر إخواننا العلم النافع والعمل به والثبات على الحق إنه خير مسئول". انتهى والله أعلم 


    ([1]) أخرجه البخاري (1909)، ومسلم (1081).

    ([2]) أخرجه البخاري (1909)، ومسلم (1081).

    ([3]) أخرجه البخاري (1913)، ومسلم (1080).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم