• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: عدد مسحات الرأس
  • رقم الفتوى: 1767
  • تاريخ الإضافة: 18 شعبان 1440
  • السؤال
    هل يجوز في الوضوء أن أمسح على الرأس أكثر من مرة؟
  • الاجابة

    الصحيح أن الرأس يمسح مرة واحدة، ولا يجوز مسحه أكثر من مرة؛ فلا يصح حديث في مسح الرأس أكثر من مرة، كلها ضعيفة، وصحت الأحاديث بذكر المسح مرة واحدة فقط. والله أعلم

    قال الترمذي في جامعه (ح34): وقد روي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح برأسه مرة.

    والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، وبه يقول: جعفر بن محمد، وسفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، رأوا مسح الرأس مرة واحدة. انتهى

    وقال ابن المنذر في الأوسط (2/ 40) ذكر عدد مسح الرأس

    اختلف أهل العلم في عدد مسح الرأس، فقالت طائفة: يمسح برأسه مرة، هذا قول ابن عمر.

    ثم روى بإسناده عن ابن عمر، أنه كان يمسح برأسه مرة.

    وعن عمرو بن عامر، قال: «رأيت عليا توضأ ثم أخذ كفا من ماء فوضعه على رأسه فرأيته ينحدر على نواحي رأسه كله».

    قال: وبه قال طلحة بن مصرف والحكم والنخعي وحماد وعطاء وسعيد بن جبير وسالم والحسن ومجاهد، وأحمد وأبو ثور.

    وكان الشافعي يقول: يجزي مسح مرة، ويستحب أن يمسح ثلاثاً، وقال أصحاب الرأي: يمسح برأسه مرة واحدة وأذنيه، وقد روينا عن ابن سيرين أنه مسح برأسه مسحتين.

    وفيه قول ثالث وهو أن يمسح برأسه ثلاثاً، روي هذا القول عن أنس.

    ثم روى بإسناده عن أنس، أنه كان يمسح برأسه ثلاثا.

    قال: وبه قال عطاء وسعيد بن جبير وزاذان وميسرة.

    وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح برأسه مرتين، وروي عنه غير ذلك، والثابت أنه مسح برأسه، لم يذكر أكثر من مرة واحدة.

    ثم أخرج حديث عليّ الذي معنا من طريق زائدة، قال: نا خالد بن علقمة، عن عبد خير، قال: صلى عليّ الفجر ثم دخل الرَّحَبة فدعا بوَضوء. فذكر الحديث، قال: ومسح رأسه بيديه مرة، ثم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ هكذا.

    وفي هذا الحديث ذكر مسح الرأس باليدين جميعا، والذي أحب أن يمسح المرء رأسه باليدين جميعا فإن مسحه بيد واحدة فلا إعادة عليه، والمسح باليدين أحب إلي لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح رأسه بيديه جميعا. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (1/ 94): فصل: ولا يسن تكرار مسح الرأس في الصحيح من المذهب. وهو قول أبي حنيفة ومالك وروي ذلك عن ابن عمر وابنه سالم والنخعي ومجاهد وطلحة بن مصرف والحكم. قال الترمذي: والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم. وعن أحمد أنه يسن تكراره. ويحتمله كلام الخرقي؛ لقوله الثلاث أفضل. وهو مذهب الشافعي وروي عن أنس، قال ابن عبد البر: كلهم يقول: مسح الرأس مسحة واحدة.

    وقال الشافعي: يمسح برأسه ثلاثاً؛ لأن أبا داود روى عن شقيق بن سلمة، قال: «رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثا، ومسح برأسه ثلاثا. ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل مثل هذا.» وروي مثل ذلك عن غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وروى عثمان، وعلي، وابن عمر، وأبو هريرة، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبو مالك، والربيع، وأبي بن كعب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «توضأ ثلاثا ثلاثا.» وفي حديث أبي، قال: «هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي» . رواه ابن ماجه.

    ولأن الرأس أصل في الطهارة، فسن تكرارها فيه كالوجه. ولنا «أن عبد الله بن زيد وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ومسح برأسه مرة واحدة» . متفق عليه. وروي عن «علي - رضي الله عنه - أنه توضأ ومسح برأسه مرة واحدة وقال: هذا وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - من أحب أن ينظر إلى طهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلينظر إلى هذا.» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

    «وكذلك وصف عبد الله بن أبي أوفى، وابن عباس، وسلمة بن الأكوع، والربيع، كلهم، قالوا: ومسح برأسه مرة واحدة.» وحكايتهم لوضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - إخبار عن الدوام، ولا يداوم إلا على الأفضل الأكمل، وحديث ابن عباس حكاية وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الليل حال خلوته، ولا يفعل في تلك الحال إلا الأفضل؛ ولأنه مسح في طهارة، فلم يسن تكراره، كالمسح في التيمم، والمسح على الجبيرة، وسائر المسح، ولم يصح من أحاديثهم شيء صريح.

    قال أبو داود: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة؛ فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا ثلاثا، وقالوا فيها: ومسح برأسه. ولم يذكروا عددا، كما ذكروا في غيره، والحديث الذي ذكر فيه: مسح رأسه ثلاثا. رواه يحيى بن آدم، وخالفه وكيع، فقال: توضأ ثلاثا. فقط. والصحيح عن عثمان أنه «توضأ ثلاثا ثلاثا، ومسح رأسه ولم يذكر عددا.» هكذا رواه البخاري ومسلم. قال أبو داود: وهو الصحيح. ومن روي عنه ذلك سوى عثمان، فلم يصح، فإنهم الذين رووا أحاديثنا وهي صحاح، فيلزم من ذلك ضعف ما خالفها

    ، والأحاديث التي ذكروا فيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثا ثلاثا. أرادوا بها ما سوى المسح؛ فإن رواتها حين فصلوا قالوا: ومسح برأسه مرة واحدة.

    والتفصيل يحكم به على الإجمال، ويكون تفسيرا له، ولا يعارض به، كالخاص مع العام، وقياسهم منقوض بالتيمم. فإن قيل يجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مسح مرة ليبين الجواز، ومسح ثلاثا ثلاثا ليبين الأفضل، كما فعل في الغسل، فنقل الأمران نقلا صحيحا من غير تعارض بين الروايات.

    قلنا: قول الراوي: هذا طهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدل على أنه طهوره على الدوام؛ ولأن الصحابة، - رضي الله عنهم -، إنما ذكروا صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتعريف سائلهم ومن حضرهم كيفية وضوئه في دوامه، فلو شاهدوا وضوءه على صفة أخرى لم يطلقوا هذا الإطلاق الذي يفهم منه أنهم لم يشاهدوا غيره؛ لأن ذلك يكون تدليسا وإيهاما بغير الصواب، فلا يظن ذلك بهم، وتعين حمل حال الراوي لغير الصحيح على الغلط لا غير؛ ولأن الرواة إذا رووا حديثا واحدا عن شخص واحد، فاتفق الحفاظ منهم على صفة، وخالفهم فيها واحد، حكموا عليه بالغلط، وإن كان ثقة حافظا، فكيف إذا لم يكن معروفا بذلك. انتهى والله أعلم

    وأما مذاهب شيوخِنا الأئمة الأربعة المعاصرين

    فالأئمة الثلاثة على أن المسح مرة واحدة فقط: ابنُ باز وابنُ عثيمين وشيخُنا الوادعي.

    وأما الألبانيُ فعلى استحباب التثليث أحياناً. والله أعلم

    قال ابن باز في كيفية الوضوء: ثم يمسح رأسه وأذنيه مرة واحدة. مجموع الفتاوى (10/ 98)

    وقال الألباني: وهو الحق – أي صحة زيادة التثليث في حديث عثمان- لأن رواية المرة الواحدة وإن كثرت لا تعارض رواية التثليث إذ الكلام في أنه سنة ومن شأنها أن تفعل أحيانا وتترك أحيانا وهو اختيار الصنعاني في "سبل السلام" فراجعه إن شئت. انتهى تمام المنة (91)

    وقال ابن عثيمين في صفة الوضوء: ثم يمسح رأسه مرة واحدة، يبل يدية ثم يمرهما من مقدم رأسه إلى مؤخرة ثم يعود إلى مقدمه. مجموع الفتاوى (11/ 151)

    وقال شيخنا الوادعي: الإمام البيهقي وهو شافعي - والشافعية يقولون بالثلاث - يقول : إنها زيادة منكرة ، وهكذا الظاهر أبو داود رحمه الله تعالى يقول : إنها زيادة منكرة ، وأنا متأكد من كلام البيهقي ، أبو داود غالب ظني والله أعلم هل ذكرها فقط وسكت عليها ، أم ذكرها وبين أنها منكرة ، وأما البيهقي فقال : إنها منكرة . لم يثبت شيء عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في تثليث مسح الرأس، مسح مسحة واحدة أقبل بيديه وأدبر. انتهى من شريط الأجوبة الحسان على أسئلة أهل عدن. https://www.muqbel.net/fatwa.php?fatwa_id=2263 والله أعلم

     

     

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم