• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: مشروعية الاعتكاف
  • رقم الفتوى: 1773
  • تاريخ الإضافة: 20 شعبان 1440
  • السؤال
    أرجو من فضيلتكم بيان مشروعية الاعتكاف وفضله ؟
  • الاجابة

    الاعتكاف: اللُّبث في المسجد على صفة مخصوصة بنية التعبد.

    لا خلاف بين علماء الإسلام على مشروعية الاعتكاف، وقد ذُكر في كتاب الله تبارك وتعالى، فقال تبارك وتعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}.

     وصحَّ عنه ﷺ في أحاديث كثيرة أنه اعتكف، منها ما هو في «الصحيحين»، وأجمع المسلمون على مشروعيته ([1]).

    وأما فضيلته فهو من جملة الطاعات والأعمال الصالحات ، ولم يصحَّ شيء مخصوص في فضيلة الاعتكاف، وقد سئل الإمام أحمد - رحمه الله - هل تعلم في فضل الاعتكاف شيئاً صحيحاً؟ فقال:«لا إلاً شيئاً ضعيفاً»([2])، الإمام أحمد إمام حافظ نفى أن يَعلم في فضله شيئاً صحيحاً.

    ويصحّ الاعتكاف في كل وقت؛ لأنه ورد ما يدل على مشروعيته، ولم يأت ما يدل على تخصيصه بوقت معين دون وقت.

    ولا يصح إلا في مسجد لا في غيره؛ لقول الله تبارك وتعالى {وأنتم عاكفون في المساجد}.

    ولفعله ﷺ حيث كان يعتكف في المساجد، ولم يُنقل عنه أنّه اعتكف في غير مسجد، والعبادات توقيفية، فلا يكون الاعتكاف إلا في مسجد.

    ويصح الاعتكاف في أي مسجد لعموم الآية المتقدمة، ولا يصح حديث في تخصيصها. والله أعلم.

    قال ابن قدامة في المغني (3/ 186): مسألة : قال أبو القاسم - رحمه الله -: (والاعتكاف سنة، إلا أن يكون نذراً، فيلزم الوفاء به) لا خلاف في هذه الجملة بحمد الله. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضاً، إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذراً، فيجب عليه.

    ومما يدل على أنه سنة، فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ومداومته عليه، تقرباً إلى الله تعالى، وطلباً لثوابه، واعتكاف أزواجه معه وبعده، ويدل على أنه غير واجب أن أصحابه لم يعتكفوا، ولا أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - به إلا من أراده.
    وقال - عليه السلام -: «من أراد أن يعتكف، فليعتكف العشر الأواخر» . ولو كان واجباً لما علقه بالإرادة.

    وأما إذا نذره، فيلزمه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» . رواه البخاري. وعن عمر، أنه قال: «يا رسول الله، إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أوف بنذرك» . رواه البخاري، ومسلم. انتهى

    وقال (3/ 189): ولا يصح الاعتكاف في غير مسجد إذا كان المعتكف رجلاً، لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافاً، والأصل في ذلك قول الله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187] . فخصها بذلك، ولو صح الاعتكاف في غيرها، لم يختص تحريم المباشرة فيها؛ فإن المباشرة محرمة في الاعتكاف مطلقاً. انتهى

     وقال النووي في المجموع (6/ 491): في مذاهب العلماء في أقل الاعتكاف
    قد ذكرنا أن الصحيح المشهور من مذهبنا أنه يصح كثيره وقليله ولو لحظة، وهو مذهب داود، والمشهور عن أحمد، ورواية عن أبي حنيفة.
    وقال مالك وأبو حنيفة في المشهور عنه: أقله يوم بكماله بناء على أصلهما في اشتراط الصوم.
    دليلنا أن الاعتكاف في اللغة يقع على القليل والكثير، ولم يحده الشرع بشيء يخصه فبقي على أصله.

    وأما الصوم فقد سبق الكلام فيه، وبينا أنه لم يثبت في اشتراط الصوم شيء صريح. انتهى 

    ـــــــــــــــــــــــــــــــ 

    ([1]) انظر «الإجماع» (ص50) لابن المنذر.

    ([2]) انظر «مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني» (ص137).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم