• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: آخر وقت صلاة العصر
  • رقم الفتوى: 1853
  • تاريخ الإضافة: 28 شعبان 1440
  • السؤال
    ما هو الراجح عند فضيلتكم في آخر وقت العصر ؟
  • الاجابة

    اختلف أهل العلم في آخر وقت صلاة العصر، لاختلاف الأدلة في ذلك، وأصحُّ الأقوال في ذلك: أن وقت العصر لا يخرج بحيث يقال فاتته العصر إلا بغروب الشمس؛ لقول النبي ﷺ: « من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس؛ فقد أدرك العصر». متفق عليه([1]).

    ولكن لا يجوز لأحد أن يؤخرها إلى آخر وقتها لغير عذر؛ لقول النبي ﷺ: «ألا أخبركم بصلاة المنافقين، يدع العصر حتى إذا كان بين قرني الشيطان - أو على قرن الشيطان - قام فنقرهن كنقرات الديك لا يذكر الله فيهن إلا قليلاً»([2]).

    ووقت الاختيار إلى اصفرار الشمس لحديث عبد الله بن عمرو، قال ﷺ: «ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس»([3]).

    وبعد الاصفرار إلى الغروب وقت ضرورة، أي من اضطر إلى تأخيرها إلى ذلك الوقت جاز له تأخيرها، كالحائض تطهر، والمجروح يشق عليه أن يصلي قبل الاصفرار، وهكذا.

    ومن أخّرها عمداً لغير عذر، فقال بعضهم: يأثم.

    وهذا الظاهر؛ لقول النبي ﷺ: « إنما التفريط على من لم يصل صلاة حتى يجيء وقت الأخرى» ([4]) ، والله أعلم . 

    قال ابن قدامة في المغني (1/ 273): اختلفت الرواية عن أحمد - رضي الله عنه - في آخر وقت الاختيار؛ فروي: حين يصير ظل كل شيء مثليه. وهو قول مالك، والثوري، والشافعي لقوله في حديث ابن عباس، وجابر: «الوقت ما بين هذين.» وروي عن أحمد، - رحمه الله -، أن آخره ما لم تصفر الشمس. وهي أصح عنه حكاه عنه جماعة، منهم الأثرم، قال: سمعته يسأل عن آخر وقت العصر؟ فقال: هو تغير الشمس. قيل: ولا تقول بالمثل والمثلين؟ قال: لا، هذا عندي أكثر، وهذا قول أبي ثور، وأبي يوسف، ومحمد، ونحوه عن الأوزاعي لحديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وقت العصر ما لم تصفر الشمس» رواه مسلم.
    وفي حديث أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس» وفي حديث بريدة، «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى العصر في اليوم الثاني والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة» . قال ابن عبد البر أجمع العلماء على أن من صلى العصر والشمس بيضاء نقية، فقد صلاها في وقتها.
    وفي هذا دليل على أن مراعاة المثلين عندهم استحباب، ولعلهما متقاربان يوجد أحدهما قريبا من الآخر.

    وقال: فصل: ولا يجوز تأخير العصر عن وقت الاختيار لغير عذر؛ لما تقدم من الأخبار، وروى مسلم وأبو داود بإسنادهما، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، يجلس أحدهم، حتى إذا اصفرت الشمس، فكانت بين قرني شيطان، أو على قرني شيطان، قام، فنقر أربعاً، لا يذكر الله فيها إلا قليلاً» ولو أبيح تأخيرها لما ذمه عليه، وجعله علامة النفاق. انتهى

    وقال ابن رجب في فتح الباري (4/ 329): ومقصود البخاري بهذا الحديث في هذا الباب: أن وقت العصر يمتد إلى غروب الشمس؛ ولهذا جعله مدرِكاً لها بإدراك ركعة منها قبل غروب الشمس، فإدراكها كلها قبل الغروب أولى أن يكون مدركاً لها.
    وقد سبق قول من قال: إن وقت العصر إلى غروب الشمس، منهم: ابن عباس وعكرمة، وهو رواية عن مالك والثوري وهو قول إسحاق.
    قال إسحاق: آخر وقتها للمفرِّط، وصاحب عذر ؛ هو قدر ما يبقى إلى غروب الشمس ركعة. نقله عنه ابن منصور.
    وحكي مثله عن داود.
    وروي عن أبي جعفر محمد بن علي ما يشبهه.
    وهو وجه ضعيف للشافعية مبني على قولهم: إن الصلاة كلها تقع أداء كما سيأتي.
    والصحيح عندهم: أنه لا يجوز التاخير حتى يبقى من الوقت ركعة.
    وإن قيل: إنها أداء - كمذهبنا ومذهب الأكثرين وأكثر العلماء - على أن تأخيرها إلى أن يبقى قدر ركعة قبل الغروب لا يجوز لغير أهل الأعذار، وهو قول الأوزاعي والشافعي وأحمد وأبي ثور وحكاه عن العلماء.

    وقال: وأجمع العلماء على أن من صلى بعض العصر ثم غربت الشمس أنه يتم صلاته، ولا إعادة عليه.
    وأجمعوا على أن عليه إتمام ما بقي منها، وهو يدل على أن المراد بإدراكها إدراك وقتها. انتهى والله أعلم

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ([1]) أخرجه البخاري (579)، ومسلم (608) عن أبي هريرة رضي الله عنه .

    ([2]) أخرجه مسلم (622) عن أنس رضي الله عنه.

    ([3]) أخرجه مسلم (612) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.

    ([4]) سبق تخريجه. 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم