• نوع الفتوى: عقيدة
  • عنوان الفتوى: ما هو التوحيد
  • رقم الفتوى: 1891
  • تاريخ الإضافة: 1 رمضان 1440
  • السؤال
    ما معنى التوحيد؟ وما هي أقسامه؟
  • الاجابة

    التوحيد لغة مشتق من وحّد الشيء؛ إذا جعله واحداً

    وفي الشرع : إفراد الله بما يختصُّ به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.

    أي اعتقاد أن الله واحد لا يشاركه غيره في العبادة والخلق والرزق والملك والتدبير، وفي أسمائه وصفاته، وكل هذه الأشياء التي يختص بها تبارك وتعالى، ولا يشاركه فيها غيره. فمن خص الله بهذه الأمور ولم يصرف شيئاً منها لغيره فهو موحد.

    وأقسامه هي:

    القسم الأول: توحيد الربوبية؛ وهو إفراد الله عز وجل بالخلق والملك والتدبير؛ فيعتقد الإنسان أنه لا خالق إلا الله، وأنه لا يملك الخلق إلا خالقهم ، ولا مدبِّر إلا الله وحده.

    وهذا القسم من التوحيد لم يعارض فيه المشركون الذين بُعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ بل كانوا مقرّين به؛ قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم}، فهم يقرون بأن الله هو الذي يدبر الأمر، وهو الذي بيده ملكوت  السموات والأرض، ولم ينكره أحد من بني آدم إلا ما حصل من فرعون مكابرة وبعض من هم مثله؛ فقال : {أنا ربكم الأعلى}، وكذا أنكره المجوس على سبيل التشريك، فقالوا: للعالَم خالقين هما النور والظلمة، ومع ذلك لم يجعلوهما متساويين؛ بل قالوا النور خير من الظلمة.

    قال ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 394): ولكن الله جل ثناؤه قد أخبر في كتابه عنها- أي العرب- أنها كانت تقر بوحدانية، غير أنها كانت تشرك في عبادته ما كانت تشرك فيها، فقال جل ثناؤه: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله} [الزخرف: 87] ، وقال: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون} [يونس: 31] . فالذي هو أولى بتأويل قوله: {وأنتم تعلمون} [البقرة: 22] إذ كان ما كان عند العرب من العلم بوحدانية الله، وأنه مبدع الخلق وخالقهم ورازقهم، نظير الذي كان من ذلك عند أهل الكتابين. ولم يكن في الآية دلالة على أن الله جل ثناؤه عنى بقوله: {وأنتم تعلمون} [البقرة: 22] أحد الحزبين، بل مخرج الخطاب بذلك عام للناس كافة لهم، لأنه تحدى الناس كلهم بقوله: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم} [البقرة: 21] أن يكون تأويله ما قاله ابن عباس وقتادة، من أنه يعني بذلك كل مكلف عالم بوحدانية الله، وأنه لا شريك له في خلقه يشرك معه في عبادته غيره، كائناً من كان من الناس، عربياً كان أو أعجمياً، كاتباً أو أمياً. انتهى المراد منه.

    القسم الثاني من أقسام التوحيد: توحيد الألوهية، ويقال أيضاً توحيد العبادة- باعتبار إضافته للخلق-: وهو إفراد الله بالعبادة.

    وهذا القسم كفر به وجحده أكثر الخلق؛ ومن أجل ذلك أرسل الله الرُّسُلَ وأنزل عليهم الكتب؛ قال الله { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}.

    قال الطبري في تفسيره (20/ 362) في تفسير آية أخرى:  يقول تعالى ذكره: ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون الذين كذبوا بكتاب الله، وهو هذا القرآن... {وبما أرسلنا به رسلنا} [غافر: 70] يقول: وكذبوا أيضاً مع تكذيبهم بكتاب الله بما أرسلنا به رسلنا من إخلاص العبادة لله، والبراءة مما يعبد دونه من الآلهة والأنداد، والإقرار بالبعث بعد الممات للثواب والعقاب.

    وقال في تفسير قوله تعالى {تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم} [النحل: 63]: يقول تعالى ذكره مقسماً بنفسه عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: والله يا محمد لقد أرسلنا رسلاً من قبلك إلى أممها بمثل ما أرسلناك إلى أمتك، من الدعاء إلى التوحيد لله، وإخلاص العبادة له، والإذعان له بالطاعة، وخلع الأنداد والآلهة.

    وقال(20 / 482): وقوله: {كبر على المشركين ما تدعوهم إليه} [الشورى: 13] يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: كبر على المشركين بالله من قومك يا محمد ما تدعوهم إليه من إخلاص العبادة لله، وإفراده بالألوهية، والبراءة مما سواه من الآلهة والأنداد. انتهى

    وقال ابن كثير في تفسيره (2/ 47): هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم. {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة} والكلمة تطلق على الجملة المفيدة، كما قال هاهنا، ثم وصفها بقوله {سواء بيننا وبينكم} أي عدل ونصف نستوي نحن وأنتم فيها، ثم فسرها بقوله: {ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً} لا وثناً ولا صليباً ولا صنماً ولا طاغوتاً ولا ناراً ولا شيئاً، بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له، وهذه دعوة جميع الرسل، قال الله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25] وقال تعالى {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل: 36] ثم قال تعالى {ولا يتخذ بعضنا  بعضاً أرباباً من دون الله}. انتهى 

    قال ابن عثيمين: " من العجب أن أكثر المصنفين في علم التوحيد من المتأخرين يركزون على توحيد الربوبية، وكأنما يخاطبون أقواماً ينكرون وجود الرب - وإن كان يوجد من ينكر الرب- لكن ما أكثر المسلمين الواقعين في شرك العبادة؛ ولهذا ينبغي أن يُركَّز على هذا النوع من التوحيد ؛ حتى نخرج هؤلاء المسلمين الذين يقولون بانهم مسلمون وهم مشركون ولا يعلمون". مجموع الفتاوى (9/ 6)

    انظر تفصيل القول في هذا النوع من التوحيد شرح كتاب التوحيد فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، فهو كتاب مدعم بالأدلة من الكتاب والسنة والإجماع وأقوال الصحابة رضي الله عنهم . 

    القسم الثالث من التوحيد: توحيد الأسماء والصفات: وهو إفراد الله بما له من الأسماء والصفات؛ وهو يتضمن :

     إثبات ما أثبت الله لنفسه من أسماء وصفات في كتابه أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفي ما نفى عن نفسه، والسكوت عما سكت عنه

    ويتضمن: أن يكون الإثبات من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ كما قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، فدلّت هذه الآية على أن جميع صفاته لا يماثله فيها أحد من المخلوقين

    فصفاته وإن كانت قد اشتركت في أصل المعنى؛ لكنها تختلف في حقيقة الحال.

    ومن لم يثبت ما أثبت الله لنفسه فهو معطل

    ومن أثبتها مع التشبيه؛ فهو مشبه.

    وأما الموحّد فيثبت لله ما أثبت لنفسه من غير مماثلة

    وهذا القسم من التوحيد ضلت فيه كثير من الطوائف؛ فمنهم من عطل وزعم أنه منزه لله، ومنهم من مثل وزعم أنه محقق لما وصف الله به نفسه.

    والواجب علينا: أن نؤمن بما وصف الله به نفسه وسمى به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.

    ومعنى التحريف: هو ما يسميه المحرفون تأويلاً لنصوص الصفات، وحقيقة هو تحريف، وهو صرف اللفظ عن ظاهره بغير دليل صحيح.

    والتكييف هو اعتقاد كيفية معينة لله.

    والتمثيل: هو مماثلة الله لخلقه، كأن تقول له يد كأيدينا وله وله سمع كسمعنا...إلخ

    انظر تفصيل هذا النوع من التوحيد رسالة ابن عثيمين القواعد المثلى فهي صغيرة مختصرة وجامعة. والله أعلم  

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم