• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: مقدار زكاة الفطر
  • رقم الفتوى: 2067
  • تاريخ الإضافة: 18 رمضان 1440
  • السؤال
    كم هو المقدار الشرعي لصدقة الفطر ؟
  • الاجابة

     صاع من قوت أهل البلد المعتاد .

    (الصاع) مكيال يَسَع أربعة أمداد، والمدّ قدره حفنة بكَفَّي الرجل المعتدل الكفين، فلا تكون كفاه كبيرتين ولا صغيرتين بل وسطاً، ولا يضم كفيه كثيراً ولا يبسطهما كثيراً بل تكونان معتدلتين في البسط والضم.

    و(القوت) هو ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام، كالقمح والشعير والأرز والعدس، ونحو ذلك.

    و(المعتاد) أي الذي اعتاد أهل البلد على أكله؛ كالأرز عندنا، فإنه قوت أهل بلدنا اليوم.

     ودليل ذلك حديث أبي سعيد الخدري، قال: «كنا نخرجها في عهد رسول الله ﷺ صاعاً من طعام، وكان طعامنا يومئذٍ التمر والزبيب والشعير»([1]) ، فيدل هذا الحديث على أنها تُخْرَج من غالب طعام أهل البلد، وهو في بلدنا هذا الأرز، والله أعلم.

    قال ابن عبد البر في التمهيد (4/ 135): أجمع العلماء أن الشعير والتمر لا يجزئ من أحدهما إلا صاع كامل؛ أربعة أمداد بمد النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقال: وجملة قول مالك إنه يؤدي ما كان جل عيش أهل بلده القمح والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والزبيب والتمر والأقط، قال: ولا أرى لأهل مصر أن يدفعوا إلا القمح؛ لأن ذلك جل عيشهم ؛ إلا أن يعلو سعرهم فيكون عيشهم الشعير فيعطونه. قال: ويعطي صاعاً من كل شيء، ولا يعطي مكان ذلك عرضاً من العروض. قال أشهب: وسئل مالك عن الذي يؤدي الشعير في زكاة الفطر؟ فقال: لا يؤدي الشعير إلا أن يكون يأكله. قيل: فينقيه؟ قال: لا؛ بل يؤديه على وجهه كما يأكله. قيل له: فإن الناس يقولون مدان؟ فقال: القول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فذكرت له الأحاديث التي تذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم في المدين من الحنطة، فأنكرها.

    وقال الشافعي: أي قوت كان الأغلب على رجل أدى منه زكاة الفطر؛ إن كان حنطة أو ذرة أو سلتاً أو شعيراً أو تمراً أو زبيباً، أدى صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يؤدي إلا الحب لا يؤدي دقيقاً ولا سويقاً ولا قيمة. قال: فإن أدى أهل البادية الأقط لم يبن لي أن عليهم إعادة.

    وقال أبو حنيفة: يؤدي نصف صاع من بر أو دقيق أو سويق أو زبيب أو صاع من تمر أو شعير. وقال أبو يوسف ومحمد: الزبيب بمنزلة التمر والشعير، وما سوى ذلك يخرج بالقيمة؛ قيمة ما ذكرنا من البر وغيره.

    وقال الأوزاعي: يؤدي كل إنسان مدين من قمح بمد أهل بلده. وقال الليث مدين من قمح بمد هشام ، وأربعة أمداد من التمر والشعير والأقط. وقال أبو ثور الذي يخرج في زكاة الفطر: صاع من تمر أو شعير أو طعام أو زبيب، أو أقط إن كان بدوياً، ولا يعطي قيمة شيء من هذه الأصناف وهو يجدها. قال أبو عمر: سكت أبو ثور عن ذكر البر. وكان أحمد بن حنبل يستحب إخراج التمر .

    والأصل في هذا الباب ومداره على وجهين: أحدهما: اعتبار القوت وأنه لا يجوز إلا الصاع من كل شيء منه؛ لأنه لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا الصاع. وهذا قول مالك والشافعي.

    والوجه الآخر اعتبار التمر والشعير وقيمتهما وعدلهما، على ما قال الكوفيون، وفي أخذ البدل والقيمة في الزكاة وفي صدقة الفطر؛ كلام يطول واعتلال يكثر، ليس هذا موضع ذكره وبالله التوفيق. انتهى

    وقال ابن باز: قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فرض زكاة الفطر على المسلمين صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، أعني صلاة العيد. وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب» . وقد فسر جمع من أهل العلم الطعام في هذا الحديث بأنه البر، وفسره آخرون بأن المقصود بالطعام؛ ما يقتاته أهل البلاد أياً كان، سواء كان براً أو ذرة أو دخناً أو غير ذلك. وهذا هو الصواب؛ لأن الزكاة مواساة من الأغنياء للفقراء، ولا يجب على المسلم أن يواسي من غير قوت بلده. ولا شك أن الأرز قوت في المملكة، وطعام طيب ونفيس، وهو أفضل من الشعير الذي جاء النص بإجزائه. وبذلك يعلم أنه لا حرج في إخراج الأرز في زكاة الفطر.
    والواجب صاع من جميع الأجناس بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أربع حفنات باليدين المعتدلتين الممتلئتين، كما في القاموس وغيره، وهو بالوزن يقارب ثلاثة كيلو غرام، فإذا أخرج المسلم صاعاً من الأرز أو غيره من قوت بلده أجزأه ذلك، وإن كان من غير الأصناف المذكورة في هذا الحديث في أصح قولي العلماء، ولا بأس أن يخرج مقداره بالوزن وهو ثلاثة كيلو تقريباً. انتهى من مجموع الفتاوى (14/ 200) والله أعلم 


    ([1]) أخرجه البخاري (1510)، ومسلم (1592) . 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم