• نوع الفتوى: عقيدة
  • عنوان الفتوى: هل الخلق كلهم موحدون؟
  • رقم الفتوى: 2304
  • تاريخ الإضافة: 3 شوال 1440
  • السؤال
    شيخنا! كيف نوفق بين حقيقة أن الخلق ليسوا كلهم موحدين لله، وبين قوله عز وجل: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}؟
  • الاجابة

    بفهم الآية فهماً صحيحاً يتبين أن لا تعارض. 

    المقصود من هذه الآية بيان الحكمة من خلق الجن والإنس، وأن الله تعالى خلقهم لعبادته، وأمرهم بها؛ وأعطاهم القدرة على الاختيار بين الطاعة والمعصية؛ فمنهم من يستجيب للأمر ويطيع ومنهم من يعصي. والله أعلم

    من الأقوال التي ذكرها البغوي في تفسيره (7/ 380) قال: وقال علي بن أبي طالب: "إلا ليعبدون" أي إلا لآمرهم أن يعبدوني وأدعوهم إلى عبادتي، يؤيده قوله عز وجل: "وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً". (التوبة-31) . انتهى

    و قال ابن كثير في تفسيره (7/ 425): {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم.

    وقال: ومعنى الآية: أنه تعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ورازقهم. انتهى

    وقال صاحب تيسير العزيز الحميد (ص30):  قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الآية: إلا لآمُرَهم أن يعبدوني، وأدعوهم إلى عبادتي.
    وقال مجاهد: إلا لآمُرَهم وأنْهاهم، واختاره الزجاج وشيخ الإسلام. قال: ويدل على هذا قوله: {أَيَحْسَبُ الأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً}. قال الشافعي: لايؤمر ولا ينهى.
    وقوله: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ}، أي: لولا عبادتكم إياه.
    وقد قال في القرآن في غير موضع: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} ، {اتَّقُوا رَبَّكُمُ} ، فقد أمرهم بما خلقوا له، وأرسل الرسل إلى الجن والإنس بذلك، وهذا المعنى هو الذي قصد الآية قطعًا، وهو الذي يفهمه جماهير المسلمين، ويحتجون بالآية عليه، ويقرون أن الله إنما خلقهم ليعبدوه العبادة الشرعية ـ وهي طاعته وطاعة رسله ـ، لا ليضيعوا حقه الذي خلقهم له.
    قال: وهذه الآية تشبه قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}. وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}. ثم قد يطاع وقد يعصى.

    وكذلك ما خلقهم إلا للعبادة، ثم قد يعبدون وقد لا يعبدون.

    وهو سبحانه لم يقل: إنه فعل الأول وهو خلقهم ليفعل بهم كلهم الثاني وهو عبادته، ولكن ذكر الأول ليفعلوا هم الثاني فيكونوا هم الفاعلين له، فيحصل لهم بفعله سعادتهم، ويحصل ما يحبه ويرضاه منهم ولهم. انتهى.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم