• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: ركعتا الطواف
  • رقم الفتوى: 2772
  • تاريخ الإضافة: 8 مٌحَرم 1441
  • السؤال
    ما حكم الصلاة خلف مقام إبراهيم بعد الفراغ من الطواف ؟
  • الاجابة

    مقام إبراهيم: هو الحَجَر الذي كان يقوم عليه إبراهيم أثناء بنائه البيت هو وإسماعيل، وهو الآن في حاشية المطاف، تجاه باب الكعبة المشرفة. انتهى من توضيح الأحكام للبسام (4/ 113)

    يستحب بعد فراغ الطائف من الطواف أن يُصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم، وهي الصلاة التي يسميها الفقهاء (ركعتا الطواف)، لما ورد عند مسلم من حديث جابر أنّ النبي ﷺ لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى }، فصلى ركعتين فقرأ فاتحة الكتاب و{قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد} - أي في الركعة الثانية -، ثم عاد إلى الركن فاستلمه »([1]).

    فهذه الصلاة سنة مستحبة بعد كل طواف خلف مقام إبراهيم، أو في أي مكان من المسجد، إن لم يتيسر لك أن تصلي خلف مقام إبراهيم.

    ويستحب أن تقرأ فيها بما قرأ النبي ﷺ، وكذلك يُستحب أن تقرأ وأنت متوجه إليه: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}، كل هذا ورد في حديث جابر في صحيح مسلم ، وكله مستحب لأن النبي ﷺ فعله.

    قال الترمذي بعد أن ذكر إسناده عن جابر قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة دخل المسجد، فاستلم الحجر، ثم مضى على يمينه، فرمل ثلاثاً، ومشى أربعاً، ثم أتى المقام، فقال: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}، فصلى ركعتين والمقام بينه وبين البيت، ثم أتى الحجر بعد الركعتين فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا، أظنه قال: {إن الصفا والمروة من شعائر الله}.
    وفي الباب عن ابن عمر.
    حديث جابر حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (3/ 347): وجملة ذلك أنه يسن للطائف أن يصلي بعد فراغه ركعتين، ويستحب أن يركعهما خلف المقام؛ لقوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125] . ويستحب أن يقرأ فيهما {قل يا أيها الكافرون} [الكافرون: 1] في الأولى، {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1] في الثانية، فإن جابراً روى في «صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: حتى أتينا البيت معه، استلم الركن، فرمل ثلاثاً، ومشى أربعاً، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم، فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125] فجعل المقام بينه وبين البيت» .
    قال محمد بن علي: ولا أعلمه إلا ذكره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان يقرأ في الركعتين {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1] ، و {قل يا أيها الكافرون} [الكافرون: 1] . وحيث ركعهما ومهما قرأ فيهما، جاز؛ فإن عمر ركعهما بذي طوى. وروي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأم سلمة: إذا أقيمت صلاة الصبح، فطوفي على بعيرك والناس يصلون. ففعلت ذلك، فلم تصل حتى خرجت» .
    ولا بأس أن يصليهما إلى غير سترة، ويمر بين يديه الطائفون من الرجال والنساء، فإن «النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاهما والطواف بين يديه، ليس بينهما شيء». وكان ابن الزبير يصلي والطواف بين يديه، فتمر المرأة بين يديه، فينتظرها حتى ترفع رجلها، ثم يسجد. وكذلك سائر الصلوات في مكة، لا يعتبر لها سترة. وقد ذكرنا ذلك.

    وقال:  وركعتا الطواف سنة مؤكدة غير واجبة. وبه قال مالك. وللشافعي قولان؛ أحدهما، أنهما واجبتان؛ لأنهما تابعتان للطواف، فكانتا واجبتين، كالسعي.
    ولنا، قوله - عليه السلام -: «خمس صلوات كتبهن الله على العبد، من حافظ عليهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة» . وهذه ليست منها «. ولما سأل الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الفرائض، ذكر الصلوات الخمس، قال: فهل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع» . ولأنها صلاة لم تشرع لها جماعة، فلم تكن واجبة، كسائر النوافل، والسعي ما وجب لكونه تابعا، ولا هو مشروع مع كل طواف.
    ولو طاف الحاج طوافا كثيرا، لم يجب عليه إلا سعي واحد، فإذا أتى به مع طواف القدوم، لم يأت به بعد ذلك، بخلاف الركعتين، فإنهما يشرعان عقيب كل طواف.انتهى 

    وقال النووي في شرح صحيح مسلم (8/ 175): هذا دليل لما أجمع عليه العلماء: أنه ينبغي لكل طائف إذا فرغ من طوافه أن يصلي خلف المقام ركعتي الطواف، واختلفوا هل هما واجبتان أم سنتان، وعندنا فيه خلاف، حاصله ثلاثة أقوال: أصحها أنهما سنة، والثاني أنهما واجبتان، والثالث إن كان طوافاً واجباً فواجبتان وإلا فسنتان. وسواء قلنا واجبتان أو سنتان لو تركهما لم يبطل طوافه.

     والسنة أن يصليهما خلف المقام، فإن لم يفعل ففي الحجر، وإلا ففي المسجد، وإلا ففي مكة وسائر الحرم، ولو صلاهما في وطنه وغيره من أقاصي الأرض جاز، وفاتته الفضيلة، ولا تفوت هذه الصلاة ما دام حياً.

    ولو أراد أن يطوف أطوفة استحب أن يصلي عقب كل طواف ركعتيه.

    فلو أراد أن يطوف أطوفة بلا صلاة، ثم يصلي بعد الأطوفة لكل طواف ركعتيه؛ قال أصحابنا: يجوز ذلك وهو خلاف الأولى، ولا يقال مكروه. وممن قال بهذا: المسور بن مخرمة وعائشة وطاوس وعطاء وسعيد بن جبير وأحمد وإسحاق وأبو يوسف، وكرهه ابن عمر والحسن البصري والزهري ومالك والثوري وأبو حنيفة وأبو ثور ومحمد بن الحسن وابن المنذر، ونقله القاضي عن جمهور الفقهاء. انتهى والله أعلم 


    ([1]) أخرجه مسلم (1218).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم