• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: حكم الاستمناء
  • رقم الفتوى: 315
  • تاريخ الإضافة: 17 مٌحَرم 1440
  • السؤال
    ما هو حكم الاستمناء؟ و هل يباح في بعض الحالات؟
  • الاجابة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد:

    فالصحيح من أقوال أهل العلم أن الاستمناء محرم؛ لقوله تعالى: { والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون }، فالآية جاءت في سياق ثناء الله تعالى على المؤمنين ومدحهم، المتصفين بالصفات المذكورة في أول السورة، وبما جاء في هذه الآية من أنهم يحفظون فروجهم فلا يقعون في الزنا واللواط ولا يطؤون ما لم يبحه الله وهم الأزواج والإماء، ووصف من أتى غير ذا بأنه من المعتدين.

    قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: وقد استدل الإمام الشافعي- رحمه الله - ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة ( والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) قال: فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين، وقد قال: (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون). اهـ

    وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - في تفسيره أضواء البيان : ( المسألة الثالثة : اعلم أنه لا شك في أن آية : " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ  هذه التي هي :  فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ " تدل بعمومها على منع الاستمناء باليد ، -المعروف بجلد عميرة ، ويقال له : الخضخضة - لأن من تلذّذ بيده حتى أنزل منيه بذلك ؛ قد ابتغى وراء ما أحله الله ؛ فهو من العادين بنص هذه الآية الكريمة المذكورة هنا ، وفي سورة سأل سائل ، وقد ذكر ابن كثير : أن الشافعي ومن تبعه استدلوا بهذه الآية على منع الاستمناء باليد .) اهـ

    إلا أن طائفة من العلماء رخصوا فيه لمن خاف الزنا على نفسه، كمن كان بعيداً عن زوجته أو إمائه، وكان في بيئة يسهل فيها الزنا، أن يلجأ إليه، وكذا أجازوه لمن أخبره الطبيب الثقة أن حبس المني يسبب له مرضاً محققاً، وقالوا: إن شأنه شأن الحجامة والفصد إذ الغاية منه والحال هذه إخراج فضلة من الجسم.

    وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ عن رجل يهيج عليه بدنه فيستمني بيده، وبعض الأوقات يلصق وركيه على ذكره وهو يعلم أن إزالة هذا بالصوم، لكن يشق عليه‏؟‏

    فأجاب‏:‏

    أما ما نزل من الماء بغير اختياره فلا إثم عليه فيه، لكن عليه الغسل إذا أنزل الماء الدافق‏،‏ وأما إنزاله باختياره بأن يستمني بيده، فهذا حرام عند أكثر العلماء، وهو أحد الروايتين عن أحمد، بل أظهرهما‏.‏ وفي رواية أنه مكروه، لكن إن اضطر إليه مثل أن يخاف الزنا إن لم يستمن أو يخاف المرض، فهذا فيه قولان مشهوران للعلماء، وقد رخص في هذه الحال طوائف من السلف والخلف، ونهى عنه آخرون‏.‏ والله أعلم‏.‏ اهـ

    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في زاد المستقنع عند شرحه لقول الحجاوي رحمه الله في باب التعزير:" ومن استمنى بيده بغير حاجة عزر ".

    قال رحمه الله: فقوله: «ومن استمنى بيده بغير حاجة عزر» أي: من حاول إخراج المني حتى خرج بيده، سواء كان ذكراً أو امرأة.

    وقوله: بغير حاجة أي: من غير حاجة إلى ذلك،

    والحاجة نوعان:

    أولاً: حاجة دينية.

    ثانياً: حاجة بدنية.

    أما الحاجة الدينية فهو أن يخشى الإنسان على نفسه من الزنا، بأن يكون في بلد يتمكن من الزنا بسهولة، فإذا اشتدت به الشهوة، فإما أن يطفئها بهذا الفعل، وإما أن يذهب إلى أي مكان من دور البغايا ويزني، فنقول له: هذه حاجة شرعية؛ لأن القاعدة المقررة في الشرع أنه يجب أن ندفع أعلى المفسدتين بأدناهما، وهذا هو العقل؛ فإذا كان هذا الإنسان لابد أن يأتي شهوته، فإما هذا وإما هذا، فإنا نقول حينئذٍ: يباح له هذا الفعل للضرورة.

    أما الحاجة البدنية، فأن يخشى الإنسان على بدنه من الضرر إذا لم يُخرج هذا الفائض الذي عنده؛ لأن بعض الناس قد يكون قوي الشهوة، فإذا لم يخرج هذا الفائض الذي عنده فإنه يحصل به تعقد في نفسه، ويكره أن يعاشر الناس وأن يجلس معهم. فإذا كان يخشى على نفسه من الضرر فإنه يجوز له أن يفعل هذا الفعل؛ لأنها حاجة بدنية. فإن لم يكن بحاجة، وفعل ذلك فإنه يعزر، أي: يؤدب بما يردعه. اهـ من "الشرح الممتع" (14/318).

    هذا وينبغي تنبيه من أخذ بالرخصة في هذا أنه يجب عليه أن يتقيد بالقواعد المقررة في الباب كقاعدة «مَا جَازَ لِعُذْرٍ بَطَلَ بِزَوَالِهِ» وقاعدة " الضرورات تقدر بقدرها" وكلام الإمام الشافعي الآتي يعد تأصيلا للقاعدة وشرحاً لها، قال رحمه الله في الأم : " وكذلك كل ما أحل من محرم في معنى لا يحل إلا في ذلك المعنى خاصة فإذا زايل ذلك المعنى عاد إلى أصل التحريم، مثلاً الميتة المحرمة في الأصل المحلة للمضطر فإذا زايلت الضرورة عادت إلى أصل التحريم" اهـ،  ودليلها قوله تعالى " فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" وفي تفسيرها يقول السعدي رحمه الله: فمن اضطر أي: ألجئ إلى المحرم بجوع وعدم أو إكراه. غير باغ ـ أي: غير طالب للمحرم، مع قدرته على الحلال، أو مع عدم جوعه. ولا عاد ـ أي: متجاوز الحد في تناول ما أبيح له اضطرارا، فمن اضطر وهو غير قادر على الحلال، وأكل بقدر الضرورة فلا يزيد عليها. فلا إثم ـ أي: جناح عليه، وإذا ارتفع الجناح ـ الإثم ـ رجع الأمر إلى ما كان عليه، والإنسان بهذه الحالة مأمور بالأكل، بل منهي أن يلقي بيده إلى التهلكة وأن يقتل نفسه. فيجب ـ إذن ـ عليه الأكل، ويأثم إن ترك الأكل حتى مات، فيكون قاتلا لنفسه. وهذه الإباحة والتوسعة من رحمته تعالى بعباده، فلهذا ختمها بهذين الاسمين الكريمين المناسبين غاية المناسبة فقال: إن الله غفور رحيم. اهـ

    والله أعلم

     

     

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم