• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: متى يقول المؤذن: الصلاة خير من النوم
  • رقم الفتوى: 3547
  • تاريخ الإضافة: 15 ربيع الآخر 1441
  • السؤال
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عندنا في العمل مصلى يؤذن فيه لصلاة الفجر أذان واحد، وهو الأذان الثاني، فهل نضيف "الصلاة خير من النوم" فيه ؟ وماهو الراجح عندكم في قول "الصلاة خير من النوم" هل تكون في الأذان الأول أم الثاني؟
  • الاجابة

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد؛ فإذا كان الأذان عندكم يكون بعد دخول وقت الفجر؛ فتقولون فيه: الصلاة خير من النوم، بعد حي على الفلاح؛ لأنها تقال في الأذان الثاني من الفجر، هذا ما دلت عليه الأدلة، والذي وجدته في كلام السلف الذين وقفت على كلامهم يقولون في أذان الفجر، وفي الصبح ، وأذان الفجر هو الأذان الثاني ليس الأول، ولم أجد أحداً منهم نص على تخصيصه بالأذان الأول الذي يكون قبل دخول الوقت، وهو الذي عليه عمل المسلمين، والشافعية وغيرهم يقولون: يقال في الأذان الأول والثاني من الفجر، ويستدلون بالروايات المطلقة، وقولهم ضعيف لورود التقييد بالأول في بعض الروايات، وخالف في هذه المسألة ابن رسلان المقدسي الرملي في شرحه على سنن أبي داود، وتابعه الصنعاني في سبل السلام والألباني في تمام المنة، وشيخنا الوادعي، فقالوا: تقال في الأذان الأول الذي يكون قبل دخول الوقت، واستدلوا بالرواية التي فيها قيد ( الأول)، ورد قولهم وأدلتهم ابن عثيمين بما يكفي ويشفي، وسنذكره في آخر نقلنا لكلام أهل العلم، والذي يدلنا على معنى (الأول) في كلامهم ما أخرجه ابن وهب في جامعه (481) قال: قال عبد الله وأسامة: قال نافع:
    وكان ابن عمر إذا رأى الفجر أذن لصلاة الصبح بالنداء الأول، ويقول في أذانه: الصلاة خير من النوم. فهذا واضح بأن مراده بالأول الأذان الثاني الذي يكون بعد دخول الوقت، فهو النداء الأول، والنداء الثاني الإقامة. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 153): ذكر التثويب في أذان الفجر
    قال أبو محذورة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اذهب فأذن لأهل مكة، وقل لعتاب بن أسيد: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أؤذن لأهل مكة، ومسح على ناصيته، وقال: قل: الله أكبر "، فذكر الأذان، وقال: " وإذا أذنت بالأولى من الصبح، فقل: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم "
    قال أنس: " من السنة أن يقول في صلاة الفجر: الصلاة خير من النوم"
    وممن كان هذا مذهبه ابن عمر، والحسن، وابن سيرين، والزهري، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري.

    عن بلال: " أنه كان يقول في أذانه: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم "
    عن أبي محذورة، قال: " كنت أؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فأقول إذا قلت في الأذان الأول: حي على الفلاح، حي على الفلاح: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم "
    عن ابن عمر أنه كان يقول: «حي على الفلاح، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، في الأذان الأول مرتين، يعني في الصبح»
    وقال الوليد بن مسلم: رأيت مؤذن مسجد أبي عمرو يقوله، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وقد كان الشافعي يقول به إذ هو بالعراق. قال: وهو من الظاهر المعمول به في مسجد الله، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحكى عنه البويطي أنه كان يقول به، وقال في كتاب الصلاة: ولا أحب التثويب في الصبح، ولا في غير هذا لأن أبا محذورة لم يحك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالتثويب، فأكره الزيادة في الأذان، وأكره التثويب بعده.
    قال أبو بكر: وما هذا إلا سهواً منه ونسياناً حيث كتب هذه المسألة، لأنه حكى ذلك في الكتاب العراقي عن سعد القرظ، وعن أبي محذورة، وروي ذلك عن علي.
    قال أبو بكر: وخالف النعمان كل ما ذكرناه، فحكى يعقوب عنه في الجامع الصغير أنه قال: التثويب الذي يثوب الناس في صبح الفجر بين الأذان والإقامة: حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين حسن، وكان كره التثويب في العشاء وفي سائر الصلوات.
    قال أبو بكر: فخالف ما قد ثبتت به الأخبار، عن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال، وأبي محذورة، ثم [ما] جاء عن ابن عمر، وأنس بن مالك، وما عليه أهل الحرمين من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، يتوارثونه قرنا عن قرن يعملون به في كل زمان ظاهرا في أذان الفجر في كل يوم، ثم لم يرض بخلاف ما ذكرناه حتى استحسن بدعة محدثة لم ترو عن أحد من مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عمل به على عهد أحد من أصحابه.
    وفي كتاب ابن الحسن: كان التثويب الأول بعد الأذان: الصلاة خير من النوم، فأحدث الناس هذا التثويب وهو حسن.
    قال أبو بكر: وقد ثبتت الأخبار عن مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمن ذكرنا من أصحابه أن التثويب كان في نفس الأذان قبل الفراغ منه فكان ما قال: أن التثويب الأول كان بعد الأذان محالاً لا معنى له، ثم مع ذلك هو خلاف ما عليه أهل الحجاز، والشام، ومصر، وخلاف قول سفيان الثوري، ثم استحسن شيئاً أقر أنه محدث، وكل محدث بدعة.
    قال أبو بكر: وبالأخبار التي رويناها عن بلال، وأبي محذورة نقول: ولا أرى التثويب إلا في أذان الفجر خاصة، يقول بعد قوله حي على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين. انتهى مختصراً بحذف الأسانيد.

    وقال الترمذي (198): والذي فسر ابن المبارك، وأحمد، أن التثويب: أن يقول المؤذن في أذان الفجر، الصلاة خير من النوم. وهو قول صحيح، ويقال له التثويب أيضاً. وهو الذي اختاره أهل العلم ورأوه. انتهى

    وقال ابن حزم في مراتب الإجماع (27): واتفقوا أن من أذن بعد دخول الوقت، فقال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا اله إلا الله مرتين، أشهد أن محمداً رسول الله مرتين، ثم رفع فقال: أشهد أن لا اله إلا الله مرتين أشهد أن محمداً رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، وزاد في صلاة الصبح والعتمة: الصلاة خير من النوم مرتين، فقد أدى الأذان حقه من الكلمات التي ذكرنا خاصة ...انتهى

    قال ابن قدامة في المغني (1/ 296): وجملته أنه يسن أن يقول في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم. مرتين، بعد قوله: حي على الفلاح. ويسمى التثويب. وبذلك قال ابن عمر، والحسن البصري، وابن سيرين والزهري، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، والشافعي في الصحيح عنه. وقال أبو حنيفة: التثويب بين الأذان والإقامة في الفجر، أن يقول: حي على الصلاة، مرتين. حي على الفلاح.
    مرتين. ولنا، ما روى النسائي، بإسناده عن أبي محذورة، قال «قلت: يا رسول الله، علمني سنة الأذان، فذكره، إلى أن قال بعد قوله حي على الفلاح: فإن كان في صلاة الصبح، قلت: الصلاة خير من النوم، مرتين، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله» . وما ذكروه، فقال إسحاق: هذا شيء أحدثه الناس.
    وقال أبو عيسى: هذا التثويب الذي كرهه أهل العلم. وهو الذي خرج منه ابن عمر من المسجد لما سمعه. انتهى  

    وقال النووي في المجموع (3/ 92): ثم ظاهر إطلاق الأصحاب أنه يشرع في كل أذان للصبح، سواء ما قبل الفجر وبعده، وقال صاحب التهذيب: إن ثوب في الأذان الأول لم يثوب في الثاني في أصح الوجهين. انتهى  وانظر النفح الشذي لابن سيد الناس (4/ 71)

    قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (2/ 61): وقوله: «في أذان الصبح» «أذان» مضاف و «الصبح» مضاف إليه من باب إضافة الشيء إلى سببه، أي: الأذان الذي سببه طلوع الصبح، ويجوز أن يكون من باب إضافة الشيء إلى نوعه، أي: الأذان من الصبح، وأذان الصبح: هو الأذان الذي يكون بعد طلوع الفجر، واختص بالتثويب؛ لأن كثيراً من الناس يكون في ذلك الوقت نائماً، أو متلهفاً للنوم.
    وقد توهم بعض الناس في هذا العصر أن المراد بالأذان الذي يقال فيه هاتان الكلمتان هو الأذان الذي قبل الفجر، وشبهتهم في ذلك: أنه قد ورد في بعض ألفاظ الحديث: «إذا أذنت الأول لصلاة الصبح فقل: الصلاة خير من النوم»، فزعموا: أن التثويب إنما يكون في الأذان الذي يكون في آخر الليل؛ لأنهم يسمونه «الأول»، وقالوا: إن التثويب في الأذان الذي يكون بعد الفجر بدعة.
    فنقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «إذا أذنت الأول لصلاة الصبح»، فقال: «لصلاة الصبح»، ومعلوم أن الأذان الذي في آخر الليل ليس لصلاة الصبح، وإنما هو كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «ليوقظ النائم ويرجع القائم». أما صلاة الصبح فلا يؤذن لها؛ إلا بعد طلوع الصبح، فإن أذن لها قبل طلوع الصبح فليس أذانا لها؛ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ... ». ومعلوم أن الصلاة لا تحضر إلا بعد دخول الوقت، فيبقى الإشكال في قوله: «إذا أذنت الأول» فنقول: لا إشكال، لأن الأذان هو الإعلام في اللغة، والإقامة إعلام كذلك، فيكون الأذان لصلاة الصبح بعد دخول وقتها أذانا أول.
    وقد جاء ذلك صريحا فيما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل قالت: «كان ينام أول الليل ويحيي آخره، ثم إن كان له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم ينام، فإذا كان عند النداء الأول، -قالت- وثب -ولا والله: ما قالت: قام- فأفاض عليه الماء -ولا والله: ما قالت اغتسل- وإن لم يكن جنباً توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين». والمراد بقولها: «عند النداء الأول» أذان الفجر بلا شك، وسمي أولاً بالنسبة للإقامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة»، والمراد بالأذانين: الأذان والإقامة. وفي «صحيح البخاري» قال: «زاد عثمان الأذان الثالث في صلاة الجمعة»، ومعلوم أن الجمعة فيها أذانان وإقامة؛ وسماه أذاناً ثالثاً، وبهذا يزول الإشكال، فيكون التثويب في أذان صلاة الصبح.
    وقالوا أيضا: إنه قال: «الصلاة خير من النوم»، فدل هذا على أن المراد في الأذان الأول هو ما قبل الصبح لقوله: «الصلاة خير من النوم»، أي: صلاة التهجد وليس صلاة الفريضة، إذ لا مفاضلة بين صلاة الفريضة وبين النوم، والخيرية إنما تقال في باب الترغيب. فقالوا: هذا أيضا يرجح أن المراد بالأذان الأذان في آخر الليل. فنقول لهم: هذا أيضا يضاف إلى الخطأ الأول؛ لأن الخيرية قد تقال في أوجب الواجبات كما قال تعالى؛ {ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم *} {تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم} [الصف: 10، 11]، فذكر الله الإيمان والجهاد بأنه خير؛ أي: خير لكم مما يلهيكم من تجارتكم، والخيرية هنا بين واجب وغيره.
    وقال تعالى في صلاة الجمعة: {ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم} [الجمعة: 9]، أي: خير لكم من البيع، ومعلوم أن الحضور إلى صلاة الجمعة واجب ومع ذلك قال: {ذلكم خير لكم} ففاضل بين واجب وغيره. وعلى هذا؛ لو ثوب في الأذان الذي قبل الصبح لقلنا: هذا غير مشروع. انتهى 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم