• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: تخطي الرقاب يوم الجمعة
  • رقم الفتوى: 3690
  • تاريخ الإضافة: 4 جُمادي الأول 1441
  • السؤال
    نرى بعض الناس إذا جاء متأخرا إلى صلاة الجمعة تخطى رقاب الناس فما توجيه فضيلتكم بارك الله فيكم ؟
  • الاجابة

    لا يجوز تخطي رقاب المصلين يوم الجمعة، أي القفز عن رقابهم ليحصل على مكان متقدم في المسجد؛ لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، قال عبد الله بن بُسر: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجلس فقد آذيت» (1)
    وأذيّة المؤمن محرمة.
    ويستثنى من ذلك الإمام إذا لم يمكنه الوصول إلى مكانه إلا بذلك، ومكانه متقدم فلابد له منه.

    ويجوز كذلك التخطي لمن وجد فرجة ولم يجد مكاناً، ولا يمكنه الوصول إليه إلا بالتخطي؛ لأن التقصير لا يكون منه، ولكنه ممن ترك الفرجة، فهو سبب التخطي وليس المتخطي، وهو محتاج. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى.

    أخرج الترمذي (513) حديث: سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسراً إلى جهنم". وقال: وفي الباب عن جابر.
    حديث سهل بن معاذ بن أنس الجهني حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد.
    والعمل عليه عند أهل العلم: كرهوا أن يتخطى الرجل يوم الجمعة رقاب الناس، وشددوا في ذلك.
    وقد تكلم بعض أهل العلم في رشدين بن سعد وضعفوه من قبل حفظه. انتهى

    وقال ابن المنذر في الأوسط (4/ 92): " وقد اختلف أهل العلم في تخطي رقاب الناس يوم الجمعة، فنهت طائفة عن ذلك وكرهته، وممن روينا عنه أنه كره ذلك: أبو هريرة، وسلمان الفارسي، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح". 

    وقال: "وقال أحمد بن حنبل، وسئل عن التخطي إلى الصف الأول، قال: لا تخطى رقاب الناس، وكان قتادة يقول: لا بأس أن يتخطى رقاب الناس إلى مجلسه، وقال الأوزاعي في قوم جلوس على باب المسجد، وخلفهم متسع: لا بأس أن يتخطاهم إلى السعة.

    وفيه قول ثالث: وهو أن التخطي إذا خرج الإمام، وقعد على المنبر، فمن تخطى حينئذ، فهو الذي فيه الحديث، فأما قبل ذلك، فلا بأس به إذا كانت بين يديه فرج، وليرفق في ذلك، هذا قول مالك، وقد روينا عن قتادة أنه رخص أن يتخطى إلى مجلسه، إن كان له قبل أن يخرج الإمام، فإذا خرج، فليجلس في أدنى مجلس.

    وفيه قول رابع: قاله الشافعي، قال: أكره تخطي رقاب الناس يوم الجمعة، قبل دخول الإمام وبعده؛ لما جاء فيه من الأذى لهم، وسوء الأدب، فإن كانت تخطيه إلى الفرجة بواحد، أو اثنين رجوت أن يسعه التخطي، وإن كثر كرهته له، إلا أن لا يجد السبيل إلى مصلى يصلي فيه الجمعة، إلا أن يتخطى فيسعه التخطي، إن شاء الله.

     وفيه قول خامس: وهو أن يتخطى بإذن القوم الذين يتخطاهم، روينا عن أبي نضرة أنه كان يجيء يوم الجمعة، وقد اجتمعوا، فيقول: أتأذنون لي أن أتخطاكم؟، فيتخطا إلى مجلسه.

    قال أبو بكر: تخطي رقاب الناس غير جائز؛ لحديث عبد الله بن بسر، ولا فرق بين القليل، والكثير منه؛ لأن الأذى لا يجوز منه شيء أصلاً، وإذا جاء فوسعوا له، فتخللهم، ولم يتخطاهم، فهو غير داخل فيما نهي عنه، والله أعلم". انتهى باختصار الروايات بأسانيدها.

    وقال النووي في المجموع (4/ 546): "فإن كان إماماً ولم يجد طريقاً إلى المنبر والمحراب إلا بالتخطي لم يكره؛ لأنه ضرورة. نص عليه الشافعي كما ذكره المصنف واتفق عليه الأصحاب".

    وقال: "قد ذكرنا أن مذهبنا أنه مكروه إلا أن يكون قدامهم فرجة لا يصلها إلا بالتخطي فلا يكره حينئذ، وبهذا قال الأوزاعي وآخرون". انتهى المراد . والله أعلم 
    _________
    (1) أخرجه أحمد في «المسند» (17697)، وأبو داود (1118)، والنسائي (1399) عن عبد الله بن بسر - رضي الله عنه -.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم