• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: قصر الصلاة قبل مغادرة البيت وجمعها
  • رقم الفتوى: 3771
  • تاريخ الإضافة: 8 جُمادي الأول 1441
  • السؤال
    هل يقصر المسلم ويجمع بمجرد نية السفر حتى ولو كان في بلده أم يشترط في ذلك أن يكون متلبساً بسفره مفارقاً لأهله وقريته ؟
  • الاجابة

    الجمع للسفر والقصر لا يجوز أن يبدأ بهما قبل أن يخرج من المدينة أو القرية التي هو فيها، أي يفارق بنيان المدينة أو القرية؛ لحديث أنس رضي الله عنه، قال: "صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر أربعاً، والعصر بذي الحليفة ركعتين"(1)، ولأنهما للسفر، ولا يكون مسافراً إلا بالخروج من المدينة أو القرية لا بمجرد النية كما نص عليه أهل العلم(2).

    ولكن يجوز الجمع في الحضر لعذر، انظر الفتوى رقم (3712)؛ فالذي يركب الطائرة ولا يمكنه أن يصلي فيها، أو الحافلة ولا تتوقف في الطريق حتى يفوت وقت الصلاة، فهذا له أن يجمع قبل الخروج لهذا العذر؛ لأن الجمع يجوز في الحضر لعذر، بخلاف القصر لا يجوز إلا للمسافر. والله أعلم. هذه خلاصة الفتوى. 

    قال النووي في شرح صحيح مسلم (5/ 200): وأما ابتداء القصر، فيجوز من حين يفارق بنيان بلده أو خيام قومه إن كان من أهل الخيام، هذا جملة القول فيه، وتفصيله مشهور في كتب الفقه، هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة، إلا رواية ضعيفة عن مالك أنه لا يقصر حتى يجاوز ثلاثة أميال، وحكي عن عطاء وجماعة من أصحاب ابن مسعود أنه إذا أراد السفر قصر قبل خروجه، وعن مجاهد أنه لا يقصر في يوم خروجه حتى يدخل الليل، وهذه الروايات كلها منابذة للسنة وإجماع السلف والخلف. انتهى

    وقال ابن قدامة في المغني (2/ 191): ليس لمن نوى السفر القصر حتى يخرج من بيوت قريته، ويجعلها وراء ظهره. وبهذا قال مالك، والشافعي، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، وحكي ذلك عن جماعة من التابعين. وحكي عن عطاء، وسليمان بن موسى، أنهما أباحا القصر في البلد لمن نوى السفر. 
    وعن الحارث بن أبي ربيعة، أنه أراد سفراً، فصلى بهم في منزله ركعتين، وفيهم الأسود بن يزيد، وغير واحد من أصحاب عبد الله. وروى عبيد بن جبر، قال: «كنت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط، في شهر رمضان، فدفع، ثم قرب غذاؤه، فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة، ثم قال: اقترب. فقلت: ألست ترى البيوت؟ قال أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأكل» . رواه أبو داود.

    ولنا: قول الله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} [النساء: 101] ولا يكون ضارباً في الأرض حتى يخرج، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يبتدئ القصر إذا خرج من المدينة. قال أنس: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعاً، وبذي الحليفة ركعتين» . متفق عليه، فأما أبو بصرة فإنه لم يأكل حتى دفع، وقوله: لم يجاوز البيوت: معناه - والله أعلم - لم يبعد منها؛ بدليل قول عبيد له: ألست ترى البيوت؟ 

    إذا ثبت هذا؛ فإنه يجوز له القصر وإن كان قريباً من البيوت.
    قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، أن للذي يريد السفر أن يقصر الصلاة إذا خرج من بيوت القرية التي يخرج منها.

    وروي عن مجاهد، أنه قال: إذا خرجت مسافراً فلا تقصر الصلاة يومك ذلك إلى الليل، وإذا رجعت ليلاً فلا تقصر ليلتك حتى تصبح.

    ولنا: قول الله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} [النساء: 101] .
    وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج من المدينة لم يزد على ركعتين حتى يرجع إليها. وحديث أبي بصرة، وقال عبد الرحمن الهمذاني: خرجنا مع علي - رضي الله عنه - مخرجه إلى صفين، فرأيته صلى ركعتين بين الجسر وقنطرة الكوفة. وقال البخاري: خرج علي فقصر، وهو يرى البيوت، فلما رجع قيل له: هذه الكوفة. قال: لا حتى ندخلها. ولأنه مسافر، فأبيح له القصر، كما لو بعد. انتهى 

    وسئل ابن باز رحمه الله: رجل أراد السفر بعد صلاة الظهر وقبل دخول وقت صلاة العصر، فهل يجوز له الجمع بين الظهر والعصر في وقت الأولى؟

    فأجاب: ليس له الجمع بين الصلاتين حتى يغادر عامر القرية أو المدينة ويبرز للصحراء؛ لأن الرسول ﷺ صلى الظهر عام حجة الوداع بالمدينة أربعًا، ثم خرج وصلى العصر في ذي الحليفة ركعتين. والله ولي التوفيق. مجموع الفتاوى (12/ 286)

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    (1) أخرجه البخاري (1089)، ومسلم (690).

    (2) انظر الأم للشافعي (1/ 209).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم