• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: مشروعية خطبة الكسوف
  • رقم الفتوى: 3795
  • تاريخ الإضافة: 14 جُمادي الأول 1441
  • السؤال
    هل تشرع الخطبة لصلاة الكسوف ؟
  • الاجابة

    نعم تستحب لها خطبة واحدة بعد الصلاة؛ لأن النبي ﷺ خطب بهم بعد الصلاة وذكرهم وحثهم على الدعاء والصدقة والاستغفار والصلاة، كما في «الصحيحين»، وبوّب عليها الإمام البخاري باباً([1]) ، والله أعلم .

    قال ابن المنذر في الإشراف (2/ 306): كان الشافعي، وإسحاق، وعامة الفقهاء من أصحابنا -يعني أصحاب الحديث- يرون: أن يخطب الإمام بعد صلاة الكسوف، ويحتجون في ذلك بحديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -صلى في كسوف الشمس، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه.
    وقال مالك: ليس للكسوف خطبة، وهو ممن روى حديث عائشة الذي فيه ذكر الخطبة، ووافقه يعقوب، فقال: ليس في صلاة الكسوف خطبة، ولا خروج إنما الصلاة في مسجد الجماعة.
    قال أبو بكر: بالقول الأول أقول. انتهى 

    وانظر الأوسط (5/ 320) له.

    وقال ابن عبد البر في التمهيد (3/ 317): واختلفوا أيضاً بعد صلاة الكسوف، فقال الشافعي ومن اتبعه - وهو قول إسحاق والطبري-: يخطب بعد الصلاة في الكسوف كالعيدين والاستسقاء، واحتج الشافعي بحديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في حديث الكسوف، وفيه: ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله.. الحديث، وبه احتج كل من رأى الخطبة في الكسوف.

    وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما: لا خطبة في الكسوف، واحتج بعضهم في ذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خطب الناس لأنهم قالوا : "إن الشمس كسفت لموت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم" فلذلك خطبهم يعرفهم أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته. انتهى 

    قلت: والحنابلة يقولون بقول مالك، انظر المغني لابن قدامة (2/ 315)، والمجموع للنووي (5/ 53).

    وقال ابن عثيمين : وظاهر كلامه: أنه لا يشرع لها خطبة؛ لأنه لم يذكرها، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
    وقال بعض العلماء: بل يشرع بعدها خطبتان؛ لأنها صلاة رهبة فشرع لها خطبتان كالاستسقاء، ولكن هذا قياس غير صحيح؛ لأن الاستسقاء ليس فيه إلا خطبة واحدة، إلا على قول بعض العلماء الذي قال: إنها كصلاة العيد، وسيأتي إن شاء الله، ولا يصح قياسها على صلاة العيدين؛ لأن صلاة العيدين صلاة فرح وسرور.
    وقال بعض العلماء: يسن لها خطبة واحدة، وهذا مذهب الشافعي، وهو الصحيح.
    وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى من صلاة الكسوف «قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، ثم وعظ الناس». وهذه الصفات صفات الخطبة.
    وقولهم: إن هذه موعظة؛ لأنها عارضة. نقول: نعم، لو وقع الكسوف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى، ولم يخطب لقلنا: إنها ليست بسنة، لكنه لم يقع إلا مرة واحدة، وجاء بعدها هذه الخطبة العظيمة التي خطبها وهو قائم، وحمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد، ثم إن هذه المناسبة للخطبة مناسبة قوية من أجل تذكير الناس وترقيق قلوبهم، وتنبيههم على هذا الحدث الجلل العظيم. انتهى الشرح المتتع (5/ 188)


    ([1]) « صحيح البخاري» كتاب الكسوف، باب خطبة الإمام في الكسوف (2/ 35 – طوق النجاة)

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم