• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: المبادرة والإسراع بتجهيز الميت
  • رقم الفتوى: 3891
  • تاريخ الإضافة: 22 جُمادي الأول 1441
  • السؤال
    هل من السنة المبادرة والإسراع بتجهيز الميت وغسله ودفنه ؟
  • الاجابة

    الإسراع بتجهيزه ودفنه أفضل خشية أن يتغير الميت فيستحب لذلك، فإذا عرضت حاجة كانتظار اجتماع المصلين فتقدم هذه المصلحة إذا أمنا تغيره.

    وأما أمر النبي صلى الله عيله وسلم به أو حثه عليه فلا يصح فيه شيء، فالأحاديث التي استدل بها من قال بهذا ضعيفة(1)، ولا يحتج بها، ضعفها بعض أهل العلم.

    وورد في الأمر بالإسراع قول النبي ﷺ: «أسرعوا بالجنازة»، ولكن المراد به عند حمله والذهاب به إلى قبره، لا الإسراع بتجهيزه، فسياقه يدل على أن المراد بالإسراع بالجنازة بعد حملها على الرقاب؛ فإن النبي ﷺ قال: « فإنه إما أن يكون خيراً فتقدمونها إليه أو أن يكون شراً فتضعونه عن رقابكم »([2])، فقوله: «تضعونه عن رقابكم» قرينة تدل على أن الأمر بالإسراع عند الحمل على الرقاب، وهذا المعنى هو الذي ذكره أكثر من وقفت على كلامه من شراح الحديث، ومنهم: ابن عبد البر، وابن قدامة، والقرطبي، والنووي.

    قال النووي في شرح صحيح مسلم (7/ 13): وهذا الذي ذكرناه من استحباب الإسراع بالمشي بها، وأنه مراد الحديث؛ هو الصواب الذي عليه جماهير العلماء، ونقل القاضي عن بعضهم: أن المراد: الإسراع بتجهيزها إذا استحق موتها، وهذا قول باطل مردود بقوله صلى الله عليه وسلم : "فشر تضعونه عن رقابكم" . والله أعلم هذه خلاصة الفتوى 

    قال ابن قدامة في المغني (2/ 337):  ويستحب المسارعة إلى تجهيزه إذا تيقن موته؛ لأنه أصوب له، وأحفظ من أن يتغير، وتصعب معافاته. قال أحمد: كرامة الميت تعجيله.
    وفيما روى أبو داود، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني لأرى طلحة قد حدث فيه الموت، فآذنوني به، وعجلوا فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله». ولا بأس أن ينتظر بها مقدار ما يجتمع لها جماعة؛ لما يؤمل من الدعاء له إذا صلي عليه، ما لم يخف عليه، أو يشق على الناس. نص عليه أحمد.
    وإن اشتبه أمر الميت، اعتبر بظهور أمارات الموت، من استرخاء رجليه، وانفصال كفيه، وميل أنفه، وامتداد جلدة وجهه، وانخساف صدغيه. وإن مات فجأة كالمصعوق، أو خائفاً من حرب أو سبع، أو تردى من جبل، انتظر به هذه العلامات، حتى يتيقن موته. قال الحسن في المصعوق: ينتظر به ثلاثاً. قال أحمد - رحمه الله -: إنه ربما تغير في الصيف في اليوم والليلة. قيل: فكيف تقول؟ قال: يترك بقدر ما يعلم أنه ميت. قيل له: من غدوة إلى الليل. قال: نعم. انتهى


    ([1]) منها حديث علي بن أبي طالب، عند الترمذي (171 و1075)، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا علي، ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفئا. قال الترمذي (1075): هذا حديث غريب، وما أرى إسناده بمتصل. انتهى وضعفه الألباني في الضعيفة (5751).

    ومنها حديث  الحصين بن وحوح، عند أبي داود (3159) أن طلحة بن البراء، مرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقال: «إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا فإنه، لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله». ضعفه الألباني في الضعيفة (3232) 

    وحديث ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه بفاتحة الكتاب، وعند رجليه بخاتمة البقرة في قبره». أخرجه الطبراني (12/ 444)، والبيهقي في شعب الإيمان (8854)، وقال:  لم يكتب إلا بهذا الإسناد فيما أعلم وقد روينا القراءة المذكورة فيه عن ابن عمر موقوفاً عليه.  وقال الألباني في أحكام الجنائز (ص13): قلت: وهذا سند ضعيف وله علتان: الأول: البابلتي - ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب ".
    الثانية: شيخه أيوب بن نهيك، فانه أشد ضعفا منه، ضعفه أبو حاتم وغيره، وقال الازدي: متروك. وقال أبو زرعة: منكر الحديث.
    وساق له الحافظ في " اللسان " حديثا آخر ظاهر النكاره من طريق يحيى بن عبد الله ثنا أيوب عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً.
    ثم قال: " ويحي ضعيف، لكنه لا يحتمل هذا ". 
    فإذا عرفت هذا فالعجب من الحافظ حيث قال في " الفتح " (3/ 143) في حديث الطبراني هذا: " إسناده حسن "! ونقله عنه الشوكاني في " نيل الأوطار " (3/ 309) وأقره!
    وأما الهيثمي فقال " المجمع " (3/ 44): " رواه الطبراني في الكبير، وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي وهو ضعيف ".
    وفاته أن فيه أيوب بن نهيك وهو شر منه كما سبق. انتهى

    ([2]) أخرجه البخاري (1315)، ومسلم (944) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم