• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: تغطية الميت
  • رقم الفتوى: 3916
  • تاريخ الإضافة: 25 جُمادي الأول 1441
  • السؤال
    هل من السنة تغطية الميت ؟
  • الاجابة

    تستحب تغطيته بعد أن تخرج روحه بثوب يستر جميع بدنه ورأسه، إلا إذا كان محرماً بحج أو عمرة فلا يغطى رأسه، ويغطى وجهه؛ لحديث عائشة: «أنه عليه السلام حين توفي سُجِّي ببردة حَبِرة»([1]) سجي يعني غطي، والبرد الحبرة: ثوب يماني مخطط.

    وأما المحرم فقد قال عليه السلام: «ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً»([2])، يعني لا تغطوا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً،متفق عليه، وزاد مسلم: (ووجهه) وهي زيادة منتقدة، اختلف فيها أهل الحديث أهي محفوظة أم شاذة، وأقوى الروايات وأكثرها بذكر الرأس فقط([3])، والله أعلم هذه خلاصة الفتوى 

    قال النووي في شرح صحيح مسلم (7/ 10): "وفيه استحباب تسجية الميت -أي تغطيته-، وهو مجمع عليه، وحكمته صيانته من الانكشاف، وستر عورته المتغيرة عن الأعين" . انتهى 

    وبوب الترمذي في جامعه: باب ما جاء في المحرم يموت في إحرامه، وذكر حديث ابن عباس(951)، ثم قال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: إذا مات المحرم انقطع إحرامه ويصنع به كما يصنع بغير المحرم. انتهى 

    وقال ابن تيمية: وكذلك ابن عمر رضي الله عنه كان إذا مات المحرم يرى إحرامه قد انقطع، فلما مات ابنه كفنه في خمسة أثواب. واتبعه على ذلك كثير من الفقهاء. وابن عباس علم حديث: الذي وقصته ناقته وهو محرم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تقربوه طيباً، ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً" فأخذ بذلك، وقال: الإحرام باق يجتنب المحرم إذا مات ما يجتنبه غيره، وعلى ذلك فقهاء الحديث وغيرهم. انتهى من مجموع الفتاوى (21/ 201)

    وقال النووي في شرح صحيح مسلم (8/ 128): أما تخمير الرأس في حق المحرم الحي فمجمع على تحريمه، وأما وجهه فقال مالك وأبو حنيفة: هو كرأسه، وقال الشافعي والجمهور: لا إحرام في وجهه بل له تغطيته، وإنما يجب كشف الوجه في حق المرأة. هذا حكم المحرم الحي.

    وأما الميت فمذهب الشافعي وموافقيه أنه يحرم تغطية رأسه كما سبق، ولا يحرم تغطية وجهه، بل يبقى كما كان في الحياة، ويتأول هذا الحديث على أن النهي عن تغطية وجهه ليس لكونه وجهاً إنما هو صيانة للرأس، فإنهم لو غطوا وجهه لم يؤمن أن يغطوا رأسه، ولا بد من تأويله لأن مالكاً وأبا حنيفة وموافقيهما يقولون لا يمنع من ستر رأس الميت ووجهه، والشافعي وموافقوه يقولون يباح ستر الوجه. فتعين تأويل الحديث. انتهى 

    قلت: العبرة بصحة الرواية فإذا صحت يجب الأخذ بها وإلا فلا، وقد علمت أن رواية تغطية الوجه لا تصح. والله أعلم 

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (5/ 284): "قوله: «ومحرم ميت كحي»، أي: في أحكامه، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا»، فدل ذلك على أنه باق على إحرامه، وإذا كان كذلك فهو كالحي...." وقال: "قوله: «ولا يغطى رأسه»، أي: لا يغطى رأسه، بل يبقى مكشوفاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا تخمروا رأسه»، ولكن لا بأس أن يظلل بشمسية أو شبهها، كما يفعل بالمحرم الحي، أما التغطية باللف عليه، فهذا لا يجوز.
    وأما وجهه فإنه يغطى؛ لأنه جائز حال الإحرام في الحياة فجاز بعد الوفاة، وأما رواية «ولا وجهه» في حديث الذي وقصته راحلته؛ فشاذة. انتهى 


    ([1]) أخرجه البخاري (5814)، ومسلم (942) عن عائشة رضي الله عنها.

    ([2]) أخرجه البخاري (2714)، ومسلم (1256) عن ابن عباس رضي الله عنه.

    ([3]) انتقد رواية الوجه الحاكم في علوم الحديث(ص 142)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 551)، وكأن الحافظ يوافقه، واعترض عليه ابن التركماني في الجوهر النقي(3/ 390) وقوى قوله الألباني في الإرواء (1016). والصواب أنها شاذة إن شاء الله. والله أعلم 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم