• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: غسل الشهيد وتكفينه
  • رقم الفتوى: 3949
  • تاريخ الإضافة: 2 جُمادي الآخرة 1441
  • السؤال
    هل يغسل الشهيد ؟ وهل يكفن كما يكفن غيره من المسلمين ؟
  • الاجابة

    وصف الشهيد جاء في الشرع على نوعين من حيث الأحكام المذكورة:

    الأول: شهيد المعركة الذي قتله الكفار في المعركة: مَن قاتل من المسلمين في صفوف المسلمين ضد الكفار وقتله الكفار فيعتبر شهيداً في الحكم، ويُعطى أحكام الشهداء، فلا يُغسَّل ولا يُكفَّن ولا يُصلى عليه، فهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بشهداء أحد([1])، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن الشهيد لا يُغسَّل ولا يكفن، ويدفن في ثيابه، وهذا مذهب جمهور علماء الإسلام.

    والثاني: من أطلق عليه اسم شهيد من غير شهداء المعارك؛ كالغريق والمبطون - وهو الذي يموت بمرض في بطنه - وصاحب الهدم والمطعون - وهو من مات في الطاعون -، فهؤلاء يغسَّلون ويكفنون ويصلى عليهم بالاتفاق، والله أعلم. هذه خلاصة الفتوى.

    قال ابن قدامة في المغني(2/ 396) : مسألة؛ قال: (ودفن في ثيابه، وإن كان عليه شيء من الجلود والسلاح نحي عنه) أما دفنه بثيابه، فلا نعلم فيه خلافاً، وهو ثابت بقول النبي ﷺ: «ادفنوهم بثيابهم». وروى أبو داود، وابن ماجه، عن ابن عباس، أن رسول الله ﷺ أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا في ثيابهم، بدمائهم. وليس هذا بحتم، لكنه الأولى...انتهى باختصار.

    وقال (2/ 393): والشهيد إذا مات في موضعه لم يغسل ولم يصل عليه -يعني: إذا مات في المعترك فإنه لا يغسل- رواية واحدة، وهو قول أكثر أهل العلم، ولا نعلم فيه خلافًا إلا عن الحسن وسعيد بن المسيب قالا: يغسل؛ ما مات ميت إلا جنبًا([2])، والاقتداء بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه في ترك غسلهم أولى. انتهى

    وقال النووي في المجموع (5/ 264): الشهداء الذين لم يموتوا بسبب حرب الكفار؛ كالمبطون، والمطعون، والغريق، وصاحب الهدم، والغريب، والميتة في الطلق، ومن قتله مسلم أو ذمي أو مات في غير حال القتال، وشبههم؛ فهؤلاء يغسلون ويصلى عليهم بلا خلاف.

    قال أصحابنا رحمهم الله: ولفظ الشهادة الوارد فيهم، المراد به: أنهم شهداء في ثواب الآخرة لا في ترك الغسل والصلاة.

    واعلم أن الشهداء ثلاثة أقسام:

    أحدها: شهيد في حكم الدنيا وهو ترك الغسل والصلاة، وفي حكم الآخرة، بمعنى أن له ثواباً خاصاً، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، وهذا هو الذي مات بسبب من أسباب قتال الكفار، قبل انقضاء الحرب. وسبق تفصيله.

    والثاني: شهيد في الآخرة دون الدنيا، وهو: المبطون والمطعون والغريق وأشباههم.

    والثالث: شهيد في الدنيا دون الآخرة، وهو المقتول في حرب الكفار، وقد غل من الغنيمة، أو قتل مدبراً، أو قاتل رياء، ونحوه، فله حكم الشهداء في الدنيا دون الآخرة.

    والدليل للقسم الثاني: أن عمر وعثمان وعلياً رضي الله عنهم غسلوا وصلي عليهم بالاتفاق، واتفقوا على أنهم شهداء. والله أعلم


    ([1]) أخرجه أبو داود (3135)، والحاكم (1/ 520) وغيرهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

    ([2]) نقل الإجماع على أن شهيد المعركة لا يغسل البغوي في شرح السنة، وابن هبيرة في الإفصاح وغيرهما. انظر موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (6/ 154)، والظاهر أن هؤلاء اعتبروا الخلاف شذوذاً كما نص عليه ابن عبد البر في التمهيد. والله أعلم 

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم