• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: تكفين الميت
  • رقم الفتوى: 3970
  • تاريخ الإضافة: 3 جُمادي الآخرة 1441
  • السؤال
    ما حكم تكفين الميت ؟ وما هي كيفية تكفينه ؟
  • الاجابة

    يجب تكفين الميت وجوباً كفائياً، إذا قام به البعض سقط عن الباقين كحكم غسل الميت تماماً انظر الفتوى رقم(3940)؛ لأن النبي ﷺ أمر به في حديث المحرم الذي وقصته ناقته - أي كسرته فمات- فقال فيه ﷺ: «... وكفنوه في ثوبيه» ([1]) وهذا أمر، فتكفين الميت واجب.

    وأقل ما يكفن فيه الميت شيء يستره، فيغطيه تغطية كاملة. والأفضل والأكمل أن يكفن في ثلاثة أثواب، فقد ثبت أن النبي ﷺ كُفِّن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية من كُرْسُفٍ ليس فيهن قميص ولا عمامة، وهو في الصحيحين([2])، وهو الأكمل، تبسط الأكفان الثلاثة فوق بعضها، ويوضع الميت فوقها، ثم يرد طرف اللفافة العليا من جانب الميت الأيمن على صدره، ثم طرفها من جانبه الأيسر، ثم يفعل باللفافة الثانية ثم الثالثة كذلك، ثم يرد طرف اللفائف من عند رأس الميت ورجليه ويعقدها.

    والرجل والمرأة في هذا سواء على الصحيح، وقد فرق بعض أهل العلم بين المرأة والرجل، فقال: المرأة تُكفن في خمسة أثواب، لكنهم احتجوا على ذلك بحديث ضعيف لا يصح([3]) والصحيح هو ما ذكرناه، وهو أن الرجال والنساء سواء في التكفين في ثلاثة أثواب بيض وبالطريقة التي ذكرناها، وهذا أكمل ما يذكر في تكفين الميت.

    وأما الإجزاء فيجزئ ولو في ثوب واحد يستر الميت كله.

    وعليه أن يحسن كفنه كما جاء في الحديث أنّ النبي ﷺ قال: «إذا كَفَّن أحدكم أخاه فليحسن كفنه»([4]).

    قال العلماء: والمراد بإحسان الكفن: نظافته وكثافته وستره وتوسطه، وليس المراد السَّرْفُ فيه والمغالاة ونفاسته، بل أن يكون الكفن نظيفاً، كثيفاً يستر الميت، ساتراً مغطيّاً لجميع جسد الميت، فهكذا يكون الكفن حسناً.

    ويكون التكفين في أثواب بيض وهو الأفضل، فقد أرشد عليه الصلاة والسلام إلى اللباس الأبيض، وقال: «كفِّنوا فيه موتاكم»([5])، وكُفن فيها صلى الله عليه وسلم، ولا يعني ذلك أن غيره لا يجوز لكن الأفضل هو الأبيض ، فأفضل ما يكون التكفين في ثلاثة أثواب بيض، والله أعلم. هذه خلاصة الفتوى.

    قال النووي في المجموع (5/ 188): تكفين الميت فرض كفاية بالنص والاجماع، ولا يشترط وقوعه من مكلف، حتى لو كفنه صبي أو مجنون حصل التكفين؛ لوجود المقصود. انتهى

    وقال ابن المنذر في الإشراف (2/ 331): وقالت عائشة - رضى الله عنها -: لا يكفن الميت في أقل من ثلاثة أثواب لمن قدر، وممن رأى أن يكفن ثلثه أثواب، طاؤس، ومالك ابن أنس، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
    وكان سويد بن غفلة يقول: يكفّن في ثوبين.
    وقال الأوزاعي: يجزئ ثوبان، وكذلك قال مالك: إذا لم يوجد غيرهما. وقال النعمان: يكفن الرجل في ثوبين.
    وكان ابن عمر: يكفن أهله في خمسة أثواب عمامة، قميص وثلاث لفائف.
    قال أبو بكر -ابن المنذر-: أحب الأكفان إليّ ما كفن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وسلم، ويجزئ فيما كفن في ثوب أو ثوبين.

    وقال: أكثر كل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب، منهم الشعبي، ومحمد بن سيرين، والنخعي، والأوزاعى، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
    وكذلك نقول: يكون درع، وخمار، ولفافتان، وثوب لطيف يشد على وسطها بجميع ثيابها.
    وكان عطاء يقول: تكَفن في ثلاثة أثواب: درع، وثوب تحت الدرع تلفّ فيه، وثوب فوقه تلف فيه.
    وقال سليمان بن موسى: درع، وخمار، ولفافة تدرج فيها. انتهى

    وقال: باب تحسين الأكفان
    ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إلبسوا الثياب البيض، وكفنوا فيها موتاكم.
    وقال: "إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه". وممن روينا عنه أنه إستحب تحسين الأكفان عمر بن الخطاب، ومعاذ بن جبل، والحسن البصري، وابن سيرين.
    ذكر إسحاق: أن ابن مسعود أوصى أن يكفن في حلة بمائتي درهم.
    وقد روينا عن حذيفة أنه قال: لا تغالوا بكفني.

    وانظر الأوسط (5/ 377) له، والمغني لابن قدامة (2/ 346)، والاستذكار لابن عبد البر (3/ 17).

    وقال البغوي في شرح السنة (5/ 314): ولو كفن في ثوب واحد يستر جميع البدن جاز؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كفن حمزة في ثوب واحد. انتهى 
    وقال رحمه الله: والزيادة على الثلاث في حق الرجل، والخمس في حق المرأة، إسراف وكراهية. انتهى

    وقال: المراد من هذا التحسين هو البياض والنظافة، لا كونه مرتفعاً ثميناً، فقد روي عن علي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم،يقول: «لا تغالوا في الكفن، فإنه يسلب سلباً سريعاً».
    وروي عن أبي بكر رضي الله عنه، أنه قال: «خذوا هذا الثوب، لثوب عليه قد أصابه مشق أو زعفران، فاغسلوه وكفنوني فيه، وفي ثوبين آخرين، الحي أحوج إلى الجديد من الميت، إنما هو للمهلة». انتهى

    وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع (5/ 312): وقد جاء في هذا حديث مرفوع -أي في تكفين المرأة بخمسة أثواب-، إلا أن في إسناده نظراً؛ لأن فيه راوياً مجهولاً، ولهذا قال بعض العلماء: إن المرأة تكفن فيما يكفن به الرجل، أي: في ثلاثة أثواب يلف بعضها على بعض.
    وهذا القول ـ إذا لم يصح الحديث ـ هو الأصح؛ لأن الأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام الشرعية، إلا ما دل الدليل عليه، فما دل الدليل على اختصاصه بالحكم دون الآخر، خص به وإلا فالأصل أنهما سواء.
    وعلى هذا فنقول: إن ثبت الحديث بتكفين المرأة في هذه الأثواب الخمسة فهو كذلك، وإن لم يثبت فالأصل تساوي الرجال والنساء في جميع الأحكام، إلا ما دل عليه الدليل. انتهى


    ([1]) أخرجه البخاري (1265)، ومسلم (1206).

    ([2]) أخرجه البخاري (1264)، ومسلم (941) عن عائشة رضي الله عنها.

    ([3]) وهو حديث ليلى بنت قانف الثقفية، أخرجه أحمد (45/ 106)، وأبو داود في « سننه » (3157) وغيرهما، وفي إسناده نوح بن حكيم مجهول، وله علة أخرى ذكرها ابن القطان الفاسي، نقلها الزيلعي في نصب الراية (2/ 258).

    ([4]) أخرجه مسلم (943).

    ([5]) أخرجه أحمد (4/94)، وأبو داود (3878)، والترمذي (994)، وابن ماجه (3566) عن ابن عباس رضي الله عنه.

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم