• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: صلاة الجنازة على المقبور
  • رقم الفتوى: 4009
  • تاريخ الإضافة: 10 جُمادي الآخرة 1441
  • السؤال
    هل تجوز صلاة الجنازة على الميت بعد دفنه وهو في قبره ؟ وهل تحدد بزمن معين بحيث يتمكن المسلم من الصلاة على من مات قديما في قبره؟
  • الاجابة

    صلاة الجنازة على المقبور جائزة ولا حرج فيها، وأما الصلاة التي نهى النبي ﷺ عن صلاتها إلى القبر، إنما هي تلك الصلاة المعروفة التي فيها ركوع وسجود، كصلاة الظهر أو العصر أو غيرها من الصلوات التي فيها ركوع وسجود، فهذه لا يجوز أن تُصلى لا على قبر ولا إلى قبر ولا في مقبرة، كل ذلك قد نهى عنه النبي ﷺ، من نهيه قوله ﷺ: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»([1]).

    أما صلاة الجنازة فصلاة أخرى ليس فيها ركوع ولا سجود، وهذه تُشرع على القبر؛ لأن النبي ﷺ ثبت عنه في «الصحيحين»([2]) أنه صلى على قبر المرأة التي كانت تقمُّ المسجد - أي تنظفه -، وصلى معه أيضاً بعض الصحابة كما جاء في أحاديث أخرى([3]).

    أما المدة التي يمكن فيها أن تصلي صلاة الجنازة على القبر فقدرها العلماء بشهر على الأكثر. والله أعلم هذه خلاصة الفتوى 

    قال الترمذي في جامعه (1037) في الصلاة على القبر: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: لا يصلى على القبر، وهو قول مالك بن أنس، وقال عبد الله بن المبارك: إذا دفن الميت ولم يصل عليه، صلي على القبر.
    ورأى ابن المبارك الصلاة على القبر.
    وقال أحمد، وإسحاق: يصلى على القبر إلى شهر.
    وقالا أكثر ما سمعنا عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر أم سعد بن عبادة بعد شهر. انتهى

    وقال ابن المنذر في الأوسط (5/ 449): "ثبتت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على القبر".

    وقال: "وقد اختلف أهل العلم في الصلاة على القبر، فكان عبد الله بن عمر، وأبو موسى الأشعري، وعائشة أم المؤمنين؛ يرون الصلاة على القبر، وروينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه أمر قرظة أن يصلي على جنازة قد صلي عليها مرة".

    وقال: "وممن كان يرى الصلاة على القبر محمد بن سيرين، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وقال أحمد: «روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه»، وكان النعمان يقول: «إن دفن قبل أن يصلى عليه صلي عليه وهو في القبر»، وكذلك قال الحسن.
    وقالت طائفة: لا تعاد الصلاة على الميت، هذا قول النخعي، ومالك، والنعمان.

    ذكر المدة التي إليها يصلى على القبر
    واختلفوا في المدة التي إليها يصلى على القبر، فقالت طائفة: يصلى عليه إلى شهر، هكذا قال أحمد بن حنبل، واحتج بحديث سعيد بن المسيب". 

    وقال: "وقالت طائفة: يصلى على القبر إلى شهر للغائب من سفر، وإلى ثلاث للحاضر، هكذا قال إسحاق، وحكاه عن عبد الرحمن بن مهدي، وقال النعمان: «إذا نسي أن يصلي عليه، صلى عليه ما بينهم وبين ثلاث، فإذا جاوزت لم يصلوا عليه»". انتهى 

    وقال ابن عبد البر في التمهيد (6/ 278): من صلى على قبر أو على جنازة قد صُلي عليها فمباح له ذلك؛ لأنه قد فعل خيراً لم يحظره الله ولا رسوله، ولا اتفق الجميع على المنع منه، وقد قال الله تعالى {وافعلوا الخير}، وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر، ولم يأت عنه نسخه، ولا اتفق الجميع على المنع منه، فمن فعل فغير حرج ولا معنف، بل هو في حل وسعة وأجر جزيل إن شاء الله؛ إلا أنه ما قدم عهده فمكروه الصلاة عليه؛ لأنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم صلوا على القبر إلا بحدثان ذلك، وأكثر ما روي فيه شهر، وقد أجمع العلماء أنه لا يصلى على ما قدم من القبور، وما أجمعوا عليه فحجة، ونحن نتبع ولا نبتدع والحمد لله. انتهى 


    ([1]) أخرجه البخاري (435)، ومسلم (529).

    ([2]) أخرجه البخاري (460) ، ومسلم (956).

    ([3]) انظر « السنن الكبرى » للبيهقي (40/ 79).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم