• نوع الفتوى: فقه
  • عنوان الفتوى: الأعمال المستحبة عند حمل الجنازة
  • رقم الفتوى: 4023
  • تاريخ الإضافة: 11 جُمادي الآخرة 1441
  • السؤال
    ما هي الأعمال المستحبة عند حمل الجنازة والذهاب بها إلى المقبرة ؟
  • الاجابة

    يستحب الإسراع بها إلى القبر لما ورد عنه ﷺ: «أسرعوا بالجنازة فإن كانت صالحة فخير تقدمونها إليه وإن يَكُ سِوى ذلك فشرٌّ تضعونه عن رقابكم»([1]) ، فإذا حُملت الجنازة على الرقاب فمن السنة الإسراع بها.

    قال النووي - رحمه الله -: «واتفق العلماء على استحباب الإسراع بالجنازة إلا أن يخاف من الإسراع انفجار الميت أو تغيره ونحوه فيتأنى»([2]) ، أي إذا خشينا من مفسدة تعود على الميت فلا يُسرع بها وإلا فالسنة أن يُسرع بها.

    قال ابن القيم - رحمه الله -: «وأما دبيب الناس اليوم خطوةً خطوة - يعني مشيهم في الجنازة خطوة خطوة كما نرى اليوم - فبدعة مكروهة مخالفة للسنة ومتضمنة للتشبه بأهل الكتاب اليهود »([3]) ، فهذا العمل وهو المشي بالجنازة خطوة خطوة، ليس من عمل المسلمين، بل السنة أن يسرع بها كما أمر ﷺ.

    المشي معها :

    فالمشي معها سنة؛ لأن النبي ﷺ كان يمشي هو وأصحابه مع الجنائز([4])، بل قال ﷺ: « من اتَّبَعَ جِنَازةَ مسلم إيماناً واحتساباً وكان معه حتى يُصلى عليها ويَفْرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أُحُدٍ ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تُدفَن فإنه يرجع بقيراط »([5]) ، فالمشي معها سنة وأجرها عظيم ، ولا فرق بين من مشى أمام الجنازة وهي محمولة، ومن مشى خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها كله سواء وكله جائز إن شاء الله، فإنه لم يصح في تفضيل من مشى أمامها حديث عن النبي ﷺ، فيبقى الأمر على أصله في أن الكل واسع وجائز، والكل يعد متبعاً لها ، وقد ثبت المشي أمامها عن جمع من الصحابة([6]).

    حملها :

    و حَمْلُها كذلك سنة، لقوله عليه السلام: «أسرعوا بالجنائز فان كانت صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم»([7]) ، فقوله: «فشرٌّ تضعونه عن رقابكم» دليل على الحمل على الرقاب ، و في رواية عند البخاري([8]): « إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني..»، فهذا يدل على سنية حملها على الرقاب ، و أجمع العلماء على أن حمل الجنازة فرض على الكفاية([9]).

    وكذلك ورد في حديث ابن مسعود: «من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها فإنه من السنة ثم إن شاء فليتطوع وإن شاء فليَدع»([10]).

    ولكن فيه انقطاع فهو ضعيف لا يصح ولا يعمل به ، ولا يصح في كيفية حملها ولا عدد الذين يحملونها حديث.

    والركوب أثناء حمل الجنازة جائز، والمشي أفضل:

    ورد ذم الركوب في أحاديث لا تصح، وصح عن بعض الصحابة أنهم ركبوا، فيبقى على الجواز، ولكن المشي وعدم الركوب هو الأفضل، فإنه الفعل الذي كان يفعله النبي ﷺ ولا يحفظ عنه غيره، فالسنة إذاً المشي مع الجِنازة لا الركوب، و أما الحديث الوارد عن النبي ﷺ أنه مشى مع الجنازة حتى دفنت ثم بعد ذلك أُتي بفرس وركب([11])، فإنه يدل على أن السنة هي المشي لا الركوب في أثناء حمل الجنازة. والله أعلم 


    ([1]) أخرجه البخاري (1315)، ومسلم (944) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

    ([2]) « المجموع » (5/ 271)، وانظر الأوسط لابن المنذر (5/ 409).

    ([3]) « زاد المعاد » (1/498).

    ([4]) أخرجه أحمد (8/137)، وأبو داود (3179)، والترمذي (1007)، والنسائي (1944)، وابن ماجه (1482).

    ([5]) أخرجه البخاري (47)، ومسلم (945).

    ([6]) قال الترمذي في جامعه (1009): واختلف أهل العلم في المشي أمام الجنازة، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أن المشي أمامها أفضل، وهو قول الشافعي، وأحمد.
    وحديث أنس في هذا الباب غير محفوظ.

    وقال (1011): وقد ذهب بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هذا، رأوا أن المشي خلفها أفضل، وبه يقول سفيان الثوري، وإسحاق. انتهى

    قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 416): وقالت طائفة: إنما أنتم مشيعون فكونوا بين يديها وخلفها، وعن يمينها وعن شمالها، هذا قول أنس بن مالك، وبه قال معاوية بن قرة، وسعيد بن جبير، وقال إسحاق في موضع آخر: «لا بأس أن يمشي الرجل أمام الجنازة وخلفها قريباً». انتهى وانظر أقوال أهل العلم الأخرى هناك.

    ([7]) تقدم تخريجه.

    ([8]) (1314) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

    ([9]) انظر « المجموع »للنووي (5/270)، و« شرح منتهى الإرادات » للبهوتي (1/368).

    ([10]) أخرجه ابن ماجه (1478)، وابن أبي شيبة في «مصنفه » (2/481)، وعبد الرزاق في« مصنفه»(3/512) وغيرهم.

    قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 406): وقالت طائفة: ليس في ذلك شيء مؤقت يحمل من حيث شاء، إن شاء قدامه، وإن شاء وراءه، وإن شاء ترك، ولا معنى لذكر الناس: يبدأ باليمنى وذلك بدعة، هذا قول مالك بن أنس، وقد روينا عن الحسن أنه كان لا يبالي أي جوانب السرير بدأ، وقد اختلف عن الحسن فيه، وقال الأوزاعي: «ابدأ بأيه شئت من جوانب السرير إذا أردت أن تحمل الجنازة». انتهى

    ([11]) أخرجه مسلم في « صحيحه » (965)، وعند الترمذي (1014) التصريح بأنه كان ماشياً وركب عند الرجوع.

    قال ابن عبد البر في الاستذكار (3/ 23): وأما قوله في الحديث: "كانوا يمشون أمام الجنازة"؛ دليل على أن الأغلب من العمل في ذلك المشي لا الركوب، وكذلك ينبغي لكل مستطيع على المشي مع الجنازة أن يمشي معها ولا يركب إلا من عذر.
    قال ابن شهاب: ما ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة قط.
    وروي عن ثوبان أنه رأى قوماً يركبون في جنازة، فقال: أما يستحيون؟! إن الملائكة لتمشي، وأنتم على ظهور الدواب!
    وعن ابن عباس: الراكب مع الجنازة كالجالس في بيته إلا أن تكون به علة.
    وعن عبد الله بن رباح قال: للماشي قيراطان وللراكب قيراط.
    قال أبو عمر -ابن عبد البر-: ليس الركوب بمحظور، ولكن المشي لمن قدر عليه أفضل إن شاء الله، والدليل على جواز الركوب - وإن كانت السنة المشي كالجمعة والعيدين - حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الراكب يسير خلف الجنازة ..الحديث. انتهى 

    وانظر الأوسط لابن المنذر (5/ 418).

جميع الحقوق متاحة بشرط العزو للموقع © 2024 موقع معهد الدين القيم